بعد الإطاحة بخان.. ما أبرز التحديات التي تنتظر رئيس وزراء باكستان الجديد؟

يزعم عمران خان أن الولايات المتحدة وراء إقالته بالتآمر مع المعارضة، والحكومة المقبلة عليها أن تعمل بكد لإصلاح تدهور العلاقة مع واشنطن، التي تعد موردًا رئيسًا للسلاح في مواجهة العلاقة بين روسيا والهند.

بعد الإطاحة بخان.. ما أبرز التحديات التي تنتظر رئيس وزراء باكستان الجديد؟

السياق

أيًا كان الشخص الذي سيتولى رئاسة الحكومة في باكستان، خلفًا لعمران خان الذي أقيل الأحد، فإنه سيرث المشكلات نفسها التي عرقلت مسيرة نجم الكريكيت الدولي السابق.

وستكون على رأس جدول أعمال الإدارة الباكستانية المقبلة، مواجهة أزمة اقتصادية كبيرة، إضافة الى تصاعد الحركات المتشددة والعلاقات المتدهورة مع الحلفاء السابقين.

وقال جعفر أحمد مدير معهد البحوث التاريخية والاجتماعية: يتعين على الحكومة المقبلة مواجهة "تحديات عدة على مستوى العلاقات الداخلية والخارجية".

في هذا التقرير نعرض أهم القضايا التي تنتظر رئيس الوزراء الباكستاني المقبل:

 

الاقتصاد

اجتمعت أعباء الديون الثقيلة مع تضخم متسارع وعملة وطنية ضعيفة، لتبقي على النمو في حالة ركود خلال السنوات الثلاث الماضية، مع أمل ضئيل بتحقيق تحسن حقيقي.

وقال نديم الحق، نائب رئيس المعهد الباكستاني لاقتصادات التنمية في إسلام أباد: "ليس لدينا أي توجه محدد"، مضيفًا: "هناك حاجة لإجراء إصلاح جذري للسياسات".

ويتجاوز معدل التضخم 12 بالمئة، والديون الخارجية وصلت إلى 130 مليار دولار أو 43 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن الروبية وصلت إلى 190 مقابل الدولار، بفقدان قرابة ثلث قيمتها منذ تولي خان السلطة.

ولم تتمكن الحكومة من استكمال تنفيذ برنامج إنقاذ لصندوق النقد الدولي بـ 6 مليارات دولار وقَّعه خان عام 2019، بعد أن تراجعت عن تطبيق اتفاقيات بخفض أو إنهاء الدعم على سلع معينة وتحسين الإيرادات وتحصيل الضرائب.

وأكد إحسان مالك، رئيس مجلس الأعمال الباكستاني "حزمة صندوق النقد الدولي يجب أن تستمر".

لكن جانبًا مشرقًا وسط هذه الأزمات، رُصد مع تسجيل التحويلات المالية للمغتربين الباكستانيين بمعدلات مرتفعة غير مسبوقة، رغم أن هذه التدفقات النقدية وضعت باكستان في منظار مجموعة العمل المالي الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ويصف جعفر أحمد هذا الوضع بأنه "سيف معلق يمكن أن يسقط على البلاد في أي وقت".

 

تصاعد الحركات المتشددة

صعّدت طالبان باكستان -وهي حركة منفصلة عن طالبان أفغانستان، إلا أن بينهما جذورًا مشتركة- هجماتها في الأشهر الأخيرة.

وهددت الحركة الإرهابية التي تتحمل مسؤولية سلسلة هجمات دامية، بشن هجمات أخرى ضد القوات الحكومية خلال شهر رمضان.

وحاول خان التفاوض مع "تحريك طالبان باكستان"، لكن المحادثات لم تصل إلى أي مكان العام الماضي، قبل انتهاء هدنة استمرت شهرًا.

وتقول حركة طالبان الأفغانية، إنها لن تسمح باستخدام أراضيها قاعدة للمسلحين الأجانب، لكن العبرة تبقى في وضع حد لأنشطة آلاف الإسلاميين الباكستانيين المتمركزين في أفغانستان عند الحدود مع باكستان، وتحديد الوجهة التي سيقصدونها في حال طردهم.

ويرى خبراء أنه لا توجد حلول سهلة، حتى بالنسبة للحكومة المقبلة.

وقال المحلل السياسي رفيع الله كاكار: "تحدي التمرد سيبقى بالحجم والخطورة نفسيهما أمام الحكومة الجديدة".

وفي ولاية بلوشستان الأكبر في باكستان، الغنية بالموارد الطبيعية والمعادن، يطالب الانفصاليون -منذ سنوات- بمزيد من الحكم الذاتي ونصيب أكبر من الثروة، وسط نزاعات طائفية وعنف الإسلاميين.

واقترح كاكار مقاربة من شقين لمواجهة هذه الأزمة، تبدأ بتطبيق "إجراءات بناء ثقة ومصالحة سياسية" في بلوشستان، مع خلع قفازات الأطفال في التعامل مع طالبان "لمرة أولى وأخيرة".

 

العلاقات الخارجية

يزعم خان أن الولايات المتحدة وراء إقالته بالتآمر مع المعارضة، والحكومة المقبلة عليها أن تعمل بكد لإصلاح تدهور العلاقة مع واشنطن، التي تعد موردًا رئيسًا للسلاح في مواجهة العلاقة بين روسيا والهند.

وأثار خان غضب الغرب بمواصلة زيارته إلى موسكو، في اليوم نفسه الذي غزت فيه روسيا أوكرانيا، وكان أيضًا من القادة القلائل في العالم، الذين حضروا افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، عندما قاطعها آخرون احتجاجًا على سجل الصين في مجال حقوق الإنسان.

ومع ذلك، أزال قائد الجيش، الجنرال قمر جاويد باجوا بعض المخاوف -نهاية الأسبوع الماضي- بإعلانه أن العلاقة الجيدة بالولايات المتحدة تبقى ضمن أولويات باكستان، مع الأخذ بالاعتبار نفوذ الجيش الباكستاني بصرف النظر عن الإدارة المدنية في السلطة.

وأكد المحلل السياسي توصيف أحمد خان أن على "الحكومة المقبلة بذل جهد شاق لإصلاح هذا الضرر".