تونس.. تحرك شعبي لدعم الرئيس والغنوشي يراهن على الفتنة

رقعة شطرنج... تحرك شعبي تونسي لدعم الرئيس والغنوشي يراهن على الفتنة

تونس.. تحرك شعبي لدعم الرئيس والغنوشي يراهن على الفتنة

السياق

تتسارع التفاعلات على الساحة السياسية في تونس، التي باتت كرقعة شطرنج، يحاول فيها أطراف الأزمة الحصول على مكاسب تدعم موقفها شعبيًا.

فقد انطلقت مسيرة شعبية، من شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة التونسية، لدعم القرارات الاستثنائية التي يتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد منذ 25 يوليو لإصلاح الحياة السياسية والعامة.

المشاركون حملوا لافتات مناهضة لحركة النهضة الإخوانية، وطالبوا بمحاكمة رئيسها راشد الغنوشي، وفتح ملفات إرهاب الحركة خلال فترة حُكمها.

جاءت المسيرة ردًا على ما أعلنه راشد الغنوشي، رئيس البرلمان التونسي المجمَّدة أعماله، رئيس حركة النهضة، في بيان رسمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن البرلمان في حالة "انعقاد دائم" مطالبًا النواب باستئناف العمل، في ما وصفه مراقبون بأنه "تحدٍّ" للرئيس قيس سعيد، وتصعيد جديد للأزمة السياسية.

ويري مراقبون للشأن التونسي أن راشد الغنوشي، يحاول بكل ما يستطيع، استفزاز الرئيس قيس سعيد، والإساءة للدولة حتى يستطيع استعادة رداء المظلومية، ولعب دور الضحية أمام الغرب والإعلام الأجنبي، في محاولة فاشلة لاستعادة الدعم.

 

عنوان الأزمة

محمد صافي الجلالي، المتحدث السابق باسم حزب المبادرة الدستورية التونسي، يقول لـ"السياق": القراءة المتأنية للبيان الذي أصدره الغنوشي، وإعلانه أن مجلس النواب المجمَّد في حالة انعقاد دائم، يؤكدان للجميع أن رئيس النهضة "العنوان الرئيس للأزمة" التي تعيشها تونس على مدار السنوات العشر الأخيرة.

وأكد الجلالي، أن قرارات وتصريحات الغنوشي تؤكد أنه "يعيش خارج السياق التاريخي والجغرافي لتونس، التي يريدها معظم التونسيات والتونسيين".

وشهد مقر البرلمان التونسي الجمعة الماضية، استعدادات أمنية مكثفة، بالتزامن مع وصول أعضاء من حركة النهضة إلى مقر البرلمان، لعقد اجتماع للمجلس.

لكنَّ تونسيين تجمهروا أمام المقر، ومنعوا النواب من دخوله، عقب تصريحات لماهر مذيوب، النائب عن حركة النهضة، أحد مساعدي الغنوشي، بأن الجمعة هو اليوم الأول من الدورة البرلمانية 2019/ 2024، مشيرًا إلى أن 90 نائبًا من حركة النهضة وحلفائها، وقَّعوا بيانًا يدعو إلى استئناف العمل البرلماني.

المحتجون لم يكتفوا بمنع النواب من دخول مقر البرلمان، بل أطلقوا صيحات استهجانية ضدهم، رافعين شعارات مناهضة لرئيس حزب النهضة راشد الغنوشي، مطالبين إياهم بالرحيل، وحل البرلمان.

 

خيوط السراب

"الغنوشي يمسك بخيط سراب"، هكذا ترى ضحى طليق، المحللة السياسية التونسية، مشيرة إلى أن تصريحات الغنوشي الأخيرة، تعبير صريح عن كونه "يمسك بخيط سراب لا أكثر"، خاصة بعدما ذهب عضو الحركة محمد القوماني، الجمعة، إلى مقر المجلس لجس نبض الشارع التونسي، حيث قوبل بعدد كبير من المواطنين الذين رفعوا في وجهه عبارة "ارحل" ما اضطر الأمن لإبعاده عن المكان في سيارة أمنية.

وتابعت طليق في حديثها لـ"السياق"، أن "تصريحات الغنوشي ورجاله المقربين، موجَّهة إلى أنصار الحركة لتهدئتهم، أمام فشله في إنقاذ الحركة من الأزمة، التي كان من أبرز ملامحها خروجها المذل من الحُكم".

وترى المحللة السياسية التونسية أن "الغنوشي انتهي سياسيًا"، لافتة إلى أنه "يعرف ذلك جيدًا"، وأن تصعيده الأخير باعتبار المجلس في حالة انعقاد دائم، قرأه العديد من المراقبين، بأنه "دعوة للفتنة والتصادم".

وصرحت مصادر أمنية تونسية، بأنه تم توقيف النائب الإخواني المجمَّدة عضويته عبداللطيف العلوي والإعلامي المنتمي لحركة النهضة عامر عياد، لتطاولهما على رئيس البلاد، بالتحريض والألفاظ النابية.

 

أخطر أيامها

مختار اللواتي، الصحفي والمستشار الإعلامي التونسي، يقول لـ"السياق"، إن حركة النهضة تعيش هذه الفترة أتعس وأخطر أيامها منذ تأسيسها قبل خمسين سنة.

وأشار إلى أنها "محاصرة من ناحية بغضب شعبي متصاعد، وصل ذروته في الخامس والعشرين من يوليو الماضي، حيث خرجت جماهير الشعب في كل جهات البلاد تنادي بحل برلمان الفساد ومعاداة الشعب بدل خدمته".

وشدد اللواتي، على أن الحركة تتخبط أيضاً في صراع داخلي، بدأ يخرج إلى العلن منذ عام، عندما بعث 100 من كوادرها البارزة رسالة إلى رئيس الحركة راشد الغنوشي، يلومونه على تفرده بالتصرف، من دون استشارة هياكل الحركة.

ولفت إلى أن انهيار النواة الصلبة للحركة الإخوانية، باستقالة أكبر رموزها في صفها الأول، مثل عبدالحميد الجلاصي وزياد العذاري ولطفي زيتون مستشار راشد الغنوشي، وأخيرًا منذ أيام إقدام 131 من قيادات الحركة في الصف الأمامي والأوسط، على الاستقالة، معلنين للرأي العام أنهم فشلوا في إقناع راشد الغنوشي ومحيطه، بإصلاحات ومراجعات واجبة في سياسات حركة النهضة.

ويلفت الصحفي التونسي الحر، إلى أن النواب لم يستجيبوا لدعوته، رغم ادعائه أن عشرات منهم وقعوا بيانًا يقضي باستئناف عملهم النيابي، فضلًا عن انحسار القاعدة الشعبية من حولها إلى أدنى الدرجات بعد اكتوائها بسياساتها التخريبية ضد الدولة والوطن وأوسع الفئات الشعبية.

وأكد أن ما يقوم به راشد الغنوشي ومن بقي مساندًا له من قيادات الحركة، محاولة يائسة لدفع البلاد إلى الفوضى وزرع فتنة بين صفوف الشعب، مع التعويل على حامي الإسلام السياسي المتمثِّل في النظام التركي، كي يحوِّل مرتزقته الموجودة على الأرض الليبية إلى تونس، بحسب مختار اللواتي.