سي بي إس: الروبل الروسي العملة الأقوى بالعالم في 2022
سبب تعافي العملة الروسية، هو ارتفاع أسعار السلع الأساسية في العالم، حيث ارتفعت أسعار النفط والغاز الطبيعي، التي كانت مرتفعة بالفعل، بعد غزو موسكو لكييف في 24 فبراير الماضي

ترجمات-السياق
قالت شبكة "سي بي إس"، الإخبارية الأمريكية، إن الروبل الروسي العملة الأفضل أداءً في العالم هذا العام، إذ إنه بعد شهرين من انخفاض قيمتها إلى أقل من سنت أمريكي واحد، بسبب العقوبات الاقتصادية الأسرع والأكثر قسوة في التاريخ الحديث، فإن العملة الروسية شهدت تحولاً جذرياً بشكل مذهل، حيث استطاع الروبل أن يرتفع بنسبة 40% مقابل الدولار منذ يناير الماضي.
ونقلت الشبكة، في تقرير، عن أستاذ تنمية رأس المال في كلية "هارفارد كينيدي" في الولايات المتحدة، جيفري فرانكل قوله: "إن ما يحدث الآن يعد وضعًا غير عادي".
زيادة الطلب
أشارت "سي بي إس" إلى أنه عادةً ما تعاني الدول التي تواجه عقوبات دولية ونزاعاً عسكرياً كبيراً، فرار المستثمرين وخروج رأس المال، ما يؤدي إلى انخفاض عملاتها، لكن الإجراءات الروسية غير المعتادة لمنع الأموال من مغادرة البلاد، إلى جانب شدة العقوبات الغربية، أدت إلى زيادة الطلب على الروبل ورفع قيمته.
وأضافت الشبكة أن المرونة التي يحظى بها الروبل، تعني أن روسيا أصبحت محمية جزئياً من تداعيات العقوبات الاقتصادية، التي فرضتها عليها الدول الغربية بعد غزوها لأوكرانيا، رغم أن المدة التي ستتمتع العملة الروسية فيها بهذه الحماية تظل غير مؤكدة.
سبب تعافي الروبل
رأت الشبكة الأمريكية، أن سبب تعافي العملة الروسية، هو ارتفاع أسعار السلع الأساسية في العالم، حيث ارتفعت أسعار النفط والغاز الطبيعي، التي كانت مرتفعة بالفعل، بعد غزو موسكو لكييف في 24 فبراير الماضي.
كما نقلت الشبكة عن كبيرة الاقتصاديين في الأسواق الناشئة بمركز "أكسفورد إيكونوميكس"، تاتيانا أورلوفا، قولها: "لقد ارتفعت أسعار السلع الأساسية في الوقت الحالي بشكل كبير للغاية، ورغم انخفاض الصادرات الروسية، بسبب الحظر والعقوبات على البلاد، فإن زيادة أسعار السلع الأساسية أدت إلى تعويض موسكو عن هذا الانخفاض".
وتجني روسيا مكاسب بما يقرب من 20 مليار دولار شهرياً من صادرات الطاقة، إذ إنه منذ نهاية مارس الماضي، امتثل العديد من المشترين الأجانب لطلب دفع ثمن الطاقة بالروبل الروسي، ما أدى إلى ارتفاع قيمة العملة المحلية للبلاد، حسب "سي بي إس".
ووفقاً للشبكة، فإنه في الوقت نفسه، أدت العقوبات الغربية وهجرة الشركات من موسكو إلى انخفاض الواردات، ففي أبريل الماضي، ارتفع فائض الحساب الروسي، الفرق بين الصادرات والواردات، إلى مستوى قياسي بلغ 37 مليار دولار، وتقول أورلوفا: "هناك مصادفة غريبة أنه مع انهيار الواردات، ارتفعت الصادرات بشدة".
ضوابط صارمة
من جانبه، دعم البنك المركزي الروسي الروبل أيضاً، بفرض ضوابط صارمة على رأس المال، تجعل من الصعب تحويله إلى عملات أخرى، بما في ذلك منع حاملي الأسهم والسندات الأجانب، من تحويل أرباحهم خارج البلاد، وهو ما قالت أورلوفا إنه "كان مصدراً مهماً لتدفقات العملة من روسيا، لكن هذه القناة مغلقة الآن".
كما أن على المُصدرين الروس تحويل نِصف إيراداتهم الزائدة إلى روبل، ما أدى إلى زيادة الطلب على العملة، إذ إنه حتى هذا الأسبوع كانوا مطالبين بتحويل 80% من إيراداتهم، لكن جرى تخفيض النسبة لتصبح 50%.
وتشير أورلوفا إلى أن من الصعب للغاية على الشركات الأجنبية بيع استثماراتها الروسية، الأمر الذي يمثل عقبة أخرى أمام هروب رأس المال، قائلة: "رغم التصريحات التي نراها عن مغادرة الشركات الغربية لموسكو، فإنه غالباً ما يتعين عليهم تسليم حصصهم لشركائهم المحليين، وذلك لا يعني في الواقع أنهم يتلقون ثمناً عادلاً مقابل هذه الحصص، ولذا فهم لا يقومون بتحويل مبالغ كبيرة من النقد خارج البلاد".
ولفتت الشبكة إلى أن هذه العوامل أدت إلى طلب متزايد على الروبل، ما زاد قيمة العملة.
وتقول نائبة كبير الخبراء الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي، إلينا ريباكوفا، للشبكة: "في حين أن قيمة الروبل الحالية ليست سعر صرف حر يحدده السوق، فإن استقرار العملة الروسية يبدو في الوقت نفسه حقيقياً، لأنه مدفوع بمعدل تدفقات الأموال الأعلى على الإطلاق إلى روسيا".
إلى متى يستمر الدعم؟
كان ارتفاع الروبل قوياً لدرجة أنه أفرز بعض التحديات للبنك المركزي الروسي، الذي اتخذ -الأسبوع الماضي- خطوات جعلت عملته تقترب من مستويات تاريخية.
وتقول ريباكوفا: "يحاول البنك المركزي الروسي تخفيف القيود على رأس المال، لأنه يشعر بأن الروبل قوي للغاية، لكنه (البنك المركزي) في وضع صعب، ففي حال استمر في التراخي، فإنه قد يفتح الباب أمام تدفق رأس المال خارج البلاد، ففي الأزمات السابقة التي شهدتها موسكو غادر 200 مليار دولار البلاد في غضون أشهر فقط".
وتابعت الشبكة: "ورغم أن عودة الروبل وقوة صادرات النفط الروسية خففا أثر العقوبات في الاقتصاد بشكل مؤقت، فإنه من غير المرجح أن يستمر هذا الوضع، حيث إنه على سبيل المثال، تعهدت الدول الأوروبية بخفض وارداتها من الغاز الروسي، بمقدار الثلثين هذا العام، الأمر الذي يمثل ضربة قاتلة محتملة، بالنظر إلى اعتماد موسكو على صادرات الطاقة".
التفاف على الضوابط
بدوره، يقول فرانكل، من "هارفارد كينيدي"، إن "إحدى الدلائل على أن الاقتصاد الروسي لا يزال تحت ضغط شديد، أن التضخم في موسكو يزيد على ضعف معدله في الولايات المتحدة، وهو ما يسبب ضغوطاً على الروس لنقل أموالهم خارج البلاد".
وتوقع فرانكل أن يزداد إغراء الروس لإيجاد طريقة للالتفاف على الضوابط لإخراج الأصول من روسيا، خاصة مع ارتفاع معدل التضخم إلى ما كان عليه.
كما يقول معهد التمويل الدولي، إن هناك مصدر قلق لروسيا، وهو أن قطع الواردات قد يؤدي إلى نقص التصنيع، ومن المتوقع أن يؤدي انخفاض الاستثمار الأجنبي إلى تراجع النمو الاقتصادي لسنوات، متوقعاً أن ينكمش الاقتصاد الروسي 15% هذا العام، ما يقضي على نتائج ما جنته البلاد خلال أكثر من عقد من التنمية الاقتصادية.
ونهاية التقرير، حذرت ريباكوفا من أن "ضوابط التصدير وهجرة المواهب خارج البلاد والتحول الأوروبي، بعيداً عن الاعتماد على الطاقة الروسية ومناخ الأعمال العدائي بشكل استثنائي، أمور ستؤثر جميعها في نمو موسكو بالسنوات المقبلة".