رغم التدخلات لمنعها من الانهيار... الليرة التركية عند أدنى مستوياتها منذ 2021
خسائر الليرة التركية تأتي رغم تقديم صانعي السياسة برنامج ادخار يرتبط بالعملات الأجنبية، وتدخلهم لمنع العملة من الغرق، بعد أن تعرضت للسقوط الحر العام الماضي

ترجمات - السياق
وسط استمرار السياسة النقدية المرنة الهادفة إلى كبح جماح أسرع وتيرة تضخم في 20 عامًا، واصلت العملة التركية تراجعها أمام الدولار خلال تعاملات الثلاثاء، لتصل إلى أقل مستوى لها منذ خمسة أشهر.
وقالت وكالة بلومبرغ للأنباء، إن الليرة التركية تراجعت 0.8% إلى 16.0477 ليرة لكل دولار، وهو أقل مستوى منذ الأزمة المالية التي ضربت أنقرة، أواخر العام الماضي.
وبحسب الوكالة، فإن الخسائر تأتي رغم تقديم صانعي السياسة برنامج ادخار يرتبط بالعملات الأجنبية، وتدخلهم لمنع العملة من الغرق، بعد أن تعرضت للسقوط الحر العام الماضي.
ويؤدي اتساع عجز الحساب الجاري، وسط ارتفاع تكاليف الطاقة، إلى الضغط على العملة واستنزاف احتياطات العملة الأجنبية، وسط انكماش الاحتياطي النقدي الأجنبي بـ 4.8 مليار دولار بالأيام السبعة المنتهية في 13 مايو الجاري.
وفي أكبر انخفاض هذا العام، خسرت الاحتياطات التركية 4.8 مليار دولار في أسبوع واحد فقط، ما مثل صدمة للاقتصاد التركي.
من جانبه، قال كريستيان ماجيو رئيس استراتيجية المحفظة بـ TD Securities في لندن، في مذكرة إلى العملاء، إن انخفاض الاحتياطات يشير إلى الصعوبات المتزايدة في الحفاظ على استقرار الليرة وسط اشتداد الرياح المعاكسة.
وسيعقد البنك المركزي التركي اجتماعًا لأسعار الفائدة الخميس، ويتوقع الاقتصاديون أنه سيحتفظ بسياسة إعادة الشراء الرئيسة لأسبوع واحد عند 14% بعد دفع 500 نقطة أساس للتخفيضات العام الماضي.
وضع اقتصادي مترد
يأتي ذلك في حين ارتفعت أسعار المستهلك في تركيا الشهر الماضي 70% سنوياً، وهو ما يزيد على المعدل المستهدف للبنك المركزي التركي وهو 14% سنوياً.
من جانبه، حاول نائب رئيسة حزب الجيد المعارض أوميت ديكباير، تسليط الضوء على الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه تركيا، مشيرًا إلى أن القوة الشرائية تراجعت بشكل كبير، خلال الفترة الماضية التي شهدت غلاء الأسعار بطريقة مبالغ فيها.
وأشار السياسي التركي المعارض، إلى أن الأسر التي تعيش على الحد الأدنى للأجور البالغ 4 آلاف و253 ليرة، أرهقت ميزانياتها، بعد ارتفاع الأسعار بشكل كبير، مشيرًا إلى أنها بعد أن تدفع الإيجار والفواتير والمصروفات الأخرى التي تصل قيمتها إلى 3 آلاف و453 ليرة، لم يتبق من الراتب سوى 800 ليرة لا تكفي سوى القليل من المتطلبات الدنيا التي يحتاجها الأتراك فقط للعيش.
وتبين أن ديكباير الذي ذهب للتسوق بالثمانمئة ليرة المتبقية، يمكنه فقط شراء الليمون والبطاطس والبصل من قسم الفاكهة والخضراوات، بحسب "جمهورييت التركية".
ووفقًا للصحيفة، فإن ديكباير لم يستطع شراء منتجات مثل الزيتون والطماطم والخيار، وقد لوحظ أنه اشترى قطعة صابون بدلاً من صابون سائل ودجاج بدلاً من اللحم.
وأشار ديكباير -الذي قلص الكثير من المنتجات من سلته مقارنة بالشهر الماضي- إلى أنه ترك بضع عبوات من المكرونة والدجاج والشاي وأغذية الأطفال، بعد أن ارتفع إجمالي المنتجات التي اشتراها إلى 903.45 ليرة.
وتابع: مرة أخرى، لم نحصل على ما اشتريناه الشهر الماضي، لذلك ستحاول هذه العائلة إطعام نفسها، بما هو موجود على هذه الطاولة، لمدة شهر.
قطاع الألبان
الوضع الاقتصادي الذي وُصف بـ«الصعب» في تركيا، شمل كل الأنشطة التي كان قطاع الألبان أحدها، بحسب أحد المنتجين، الذي قال -في تصريحات لصحيفة جمهورييت المعارضة- إنهم بدأوا يضطرون إلى بيع الأبقار، بعد الزيادات الكبيرة التي أضيفت إلى أسعار الأعلاف، بينما لا يوجد مقابل لها في أسعار الحليب.
وقال أحد منتجي الألبان: "بالنسبة لي، يأتي كل يوم زيادة في الطعام، لا يمكننا أن ننمو، نحن نقترض، علينا بيع الأبقار، لذلك نأمل أن يصل الحليب إلى سبع ليرات ونصف الليرة في أسرع وقت ممكن، لا يمكننا الحصول على الحليب من الأبقار، ورغم زيادة الأكل كل يوم، فإن الحليب لا يزيد ولو مرة واحدة في السنة".
وأشار إلى أن الحكومة رفعت أسعار العلف 40 ليرة، مؤكدًا أن قطاع إنتاج الحليب تضرر بشكل كبير، جراء السياسات الحالية.
انخفاض الاحتياطي
مؤشرات وشكاوى تأتي بعد أيام من إعلان انخفاض احتياطات تركيا من العملات الأجنبية إلى أقصى حد هذا العام، ما يوفر دليلًا إضافيًا على أن محاولة دعم الليرة تأتي بتكلفة باهظة.
وانكمش الاحتياطي النقدي 4.8 مليار دولار في الأيام السبعة المنتهية في 13 مايو الجاري، وفقًا لأرقام البنك المركزي، ما أدى إلى انخفاض إجمالي الحيازات، باستثناء احتياطات الذهب، إلى أدنى مستوى له في 10 أشهر عند 61.2 مليار دولار.
وقال كريستيان ماجيو، رئيس استراتيجية المحفظة لدى «تي دي سيكوريتيز» في لندن، عبر مذكرة للعملاء، إن التراجع الأسبوعي كان «صادماً»، وإشارة إلى أن تركيا تسير من دون جدوى عكس الرياح.
من جانبه، قال بيوتر ماتيس، المحلل في InTouch Capital Markets Ltd، إن الليرة الأضعف تظهر نقاط ضعف النظام المالي التركي أمام تكاليف الطاقة المفرطة، وتزايد خطر حدوث ركود عالمي، أو على الأقل تباطؤ متزامن، مشيرًا إلى أن الإدارة التركية عادة لا تثبت بالتعاون مع المؤسسة المالية المركزية، أنها كافية للحفاظ على الليرة آمنة فترة طويلة.
وكبديل لرفع رسوم التغطية لتشمل المخاطر، أطلقت الحكومة الفيدرالية والمؤسسة المالية المركزية تدابير غير تقليدية لوقف الانخفاض، جنبًا إلى جنب مع حسابات الودائع المفهرسة بالعملات الأجنبية.
وقال وزير الخزانة والمالية نور الدين النبطي -هذا الشهر- إن تركيا ستخضع السندات المرتبطة بالتضخم لمشترين معينين، كخطوة أخرى لتمديد سعر ممتلكات الليرة.
في غضون ذلك، ارتفع سعر تأمين سندات السلطات التركية بالتخلف عن السداد 5 سنوات فوق 710 من العوامل الأساسية، ويحوم بالقرب من أفضل درجة منذ عام 2008، في مؤشر يدل على تزايد قلق المستثمرين من مخاطر التعامل مع ممتلكات الأمة.
ولا تتطرق بنوك الدولة إلى تدخلاتها في الفوركس، لكن محافظ البنك المركزي السابق قال إن المقرضين المملوكين للحكومة ينفذون معاملات تتفق مع القيود التنظيمية، وسيواصلون نشاطهم في سوق الفوركس.
جذب التدفقات
كانت وكالة بلومبرغ، قالت إن تركيا تعمل على خطة لجذب تدفقات العملة الصعبة، من خلال تقديم قروض بالليرة من دون فوائد، وعائد مضمون قدره 4% على الدولار، للمستثمرين الأجانب الراغبين في إيداع أموالهم، عامين على الأقل.
وبحسب الوكالة، فإن البنك المركزي سيوفر سيولة بالليرة للأجانب للاستثمار في السندات المحلية بآجال استحقاق عامين على الأقل، بينما تضمن السلطة النقدية إلى جانب التمويلات ذات العائد الصفري، عائداً دولارياً بنسبة 4% عند استحقاق الأوراق المالية، بحسب المصدر، في حين رفض البنك المركزي التعليق.
كان الرئيس رجب طيب أردوغان قال إن بلاده أنفقت 165 مليار دولار بين عامي 2019 و2020، في محاولة لتثبيت سعر صرف الليرة، وهي سياسة أدت إلى نتائج عكسية، وأجبرت البنك المركزي على رفع أسعار الفائدة.