سرقة قطع أثرية... بريطاني وألماني يحاكمان بالعراق بتهمة تصل عقوبتها إلى الإعدام

جيمس فيتون، 66 عامًا، جيولوجي بريطاني متقاعد، وفولكر والدما، 60 عامًا، عالم نفس من برلين، محتجزان منذ القبض عليهما في 20 مارس الماضي، في مطار بغداد مع ختام إجازتهما.

سرقة قطع أثرية... بريطاني وألماني يحاكمان بالعراق بتهمة تصل عقوبتها إلى الإعدام

السياق

في تطور جديد لمحاكمة بريطاني (عالم جيولوجيا متقاعد) وألماني متهمين بمحاولة تهريب قطع أثرية من بغداد، أرجئت أسبوعين القضية التي قد تصل عقوبتها إلى الإعدام في القوانين العراقية.

جيمس فيتون، 66 عامًا، جيولوجي بريطاني متقاعد، وفولكر والدما، 60 عامًا، عالم نفس من برلين، محتجزان منذ القبض عليهما في 20 مارس الماضي، في مطار بغداد مع ختام إجازتهما.

ووفقًا لأقوال ضباط الجمارك والشهود، فإن أمتعة فيتون احتوت على 10 شظايا حجرية أو قطع فخارية أو خزفية، يُزعم أن والدمان كان لديه قطعتان، لكنه نفى أنهما كانا له.

ولم يعرف الرجلان بعضهما، قبل أن يسافرا إلى العراق في جولة منظمة، ويقول كلاهما إنهما لا ينويان خرق القانون.

وقال القاضي للمتهمين إنهما متهمان بموجب قانون عام 2002 الذي ينص على عقوبات تصل إلى عقوبة الإعدام للمذنبين، بتعمد أخذ أو محاولة إخراج قطعة أثرية من العراق.

 

غير قانوني

حينما سُئل فيتون -بداية المحاكمة- عن سبب محاولته إخراج القطع الأثرية من العراق، التي جمعها كتذكارات أثناء زيارته لموقع إريدو الأثري، أشار إلى هوايته، قائلاً إنه مهتم بـ«الجيولوجيا والتاريخ القديم والآثار»، مشيرًا إلى أنه لم يكن على علم أن أخذ القطع الأثرية كان غير قانوني.

على النقيض، نفى والدمان أن القطع التي يُزعم أنها عثر عليها في حقائبه كانت تخصه، لكنها تخص فيتون.

وقال صهر فيتون، سام تاسكر: «هذا هو آخر شيء يريده جيم». وكانت عائلة المتهم تأمل أن يتوصل القضاة إلى قرار خلال جلسة استماع ثانية للمحكمة الأحد.

وتقول عائلة فيتون إن قطع الحجارة المتكسرة، التي التقطها كانت في العراء، من دون حراسة ولا لافتة تحذر من إزالتها، مشيرة إلى أن المشاركين في الجولة السياحية، أُبلغوا بأن قطع الحجارة المتكسرة ليست لها قيمة اقتصادية ولا تاريخية.

وقال مسؤولون عراقيون إن تلك القطع يمكن اعتبارها أثرية مادام تاريخها يعود إلى أكثر من 200 عام.

 

جوانب مهمة

وبعد تأجيل المحاكمة إلى 6 يونيو المقبل، لإتاحة الوقت لمزيد من التحقيقات، قال محامي الدفاع عن والدمان، فرات كبة، إن التحقيقات الأولية لم تفحص جوانب مهمة، مستشهدًا بتقرير لجنة خبراء، قال إن الشظايا التي عُثر عليها مع الرجال كانت آثارًا.

وتابع محامي الدفاع: «ليس لدينا المزيد من التفاصيل: ما الموقع الذي تأتي منه هذه القطع؟ ما العصر؟ ما الحضارة التي يعود تاريخها إليها؟ مضيفًا أن هناك أيضًا أسئلة تتعلق بالموقع الذي جرى فيه جمع الأجزاء، وما إذا كانت مسيجة ومحمية؟ وما إذا كان هناك دليل على أن هذه قطع قديمة يحظر جمعها؟

وأضاف كبة أنه يريد من المرشد السياحي أو المسؤول العراقي، الذي كان حاضرًا في الموقع، الإدلاء بشهادته في المحكمة، بشأن ما إذا كان السائحون قد تلقوا تعليمات تمنعهم من التقاط الشظايا.

من جانبها، وصفت ويرا هوبهاوس، النائبة عن حزب الديمقراطيين الأحرار في منطقة باث "مسقط رأس فيتون" قرار المحكمة بـ«المحبط»، قائلة: أفكر في جيم مرة أخرى اليوم، أسبوعان آخران في زنزانة الاحتجاز يمثلان محنة قاسية، كان من الممكن تجنُّب هذا الموقف، لو كانت وزارة الخارجية تصرفت في وقت أبكر»، بحسب "بي بي سي".

بدورها، قالت وزارة الخارجية البريطانية إنها لا تستطيع التدخل في العملية القضائية لدولة أخرى، وأوضحت معارضتها لعقوبة الإعدام.

 

قضية ملحة

وقالت أماندا ميلينغ، وزيرة الدولة في وزارة الخارجية: "نحن نتفهم أن القضية ملحة، وقد أثرنا مخاوفنا بالفعل مع السلطات العراقية، في ما يتعلق بالفرض المحتمل لعقوبة الإعدام في قضية فيتون".

تأتي محاكمة العالمين الغربيين، في وقت يعاني فيه البلد الذي مزقته الحرب، بنية سياحية منعدمة، بينما يفتح أبوابه للزوار على نحو خجول، آملًا استعادة الآثار التي نُهبت على مدى عقود من البلد الذي تعود حضارته إلى آلاف السنين.

وتعرضت المواقع الأثرية في العراق إلى تدمير وسرقة وإهمال، خلال الحروب التي مرت بالبلاد خلال السنوات الماضية، خاصة في المرحلة التي أعقبت غزو التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لإسقاط نظام صدام حسين عام 2003.

 

تهريب الآثار

ويمتلك العراق العديد من المناطق الأثرية، إلا أن أغلبية القطع تهرب خارج البلاد بطرق غير مشروعة، بينما يكافح البلد الآسيوي لاستعادة آثاره التي نُهبت خلال عقود.

واستعاد العراق في يوليو 2021، من الولايات المتحدة الأمريكية، 17 ألف لوح طيني مسماري أثري مهرب، في أكبر مجموعة أثرية تستردها البلاد، وفق بيان لوزارة الثقافة العراقية.

ودمّر تنظيم داعش الذي سيطر على ثلث مساحة البلاد في يونيو 2014، الكثير من المواقع الأثرية أغلبيتها شمالي العراق، بينما يقول خبراء الآثار إن الإرهابيين دمروا قطع الآثار الكبيرة وسرقوا القطع الصغيرة للاتجار بها.

من جانبه، قال مدير آثار وتراث البصرة قحطان العبيد، إنه ليس ممكناً إحصاء عدد القطع الأثرية التي سُرقت من المواقع الأثرية، لأنها غير مرقمة، وأيضاً غير معروفة أو غير مكتشفة، بالأخص في المناطق التي شهدت نزاعات مسلحة.

وأوضح الخبير أن عمليات السرقة تلك بعضها مقصود ويأتي في إطار الجريمة المنظمة، بينما أخرى تكون غير مقصودة، لاسيما في المناطق النائية، حيث يلجأ السكان إلى البحث عن الأحجار الكريمة وبيع قطع أثرية، لتأمين المعيشة اليومية ولا يعرفون قيمتها وأهميتها، بحسب "فرانس 24".

ولا يملك العراق إحصائية دقيقة للآثار المهربة إلى الخارج، إلا أن أغلب ما هُرب كان عن طريق بحث وتفتيش في المناطق الأثرية بمتخصصين في مجال الآثار وبطرق غير قانونية.

وبحسب المتحدث باسم وزارة الثقافة العراقية أحمد العلياوي، فإن هناك دولًا كبريطانيا لا تسمح للعراق باستعادة آثاره الموجودة في متاحفها، بحجة أن هناك قانونًا يحميها، مشيرًا إلى أن إسبانيا هي الأخرى لديها مجموعة من الآثار لا تسمح باستعادتها، لأنها تطالب بأوراق ثبوتية من العراق لهذه الآثار.