بعد أيام من قتل خدائي... حادث مريب في مركز أبحاث عسكري بإيران

أكدت وزارة الدفاع الإيرانية، في بيانوقوع حادث مساء الأربعاء في إحدى الوحدات البحثية التابعة لوزارة الدفاع في منطقة بارشين.

بعد أيام من قتل خدائي... حادث مريب في مركز أبحاث عسكري بإيران

السياق

بعد أيام من حادث اغتيال العقيد في الحرس الثوري صياد خدائي بالرصاص، قرب منزله في طهران، أعلنت وزارة الدفاع الإيرانية الخميس قتل مهندس وإصابة آخر جراء "حادث" وقع الأربعاء في وحدة أبحاث بمنطقة بارشين جنوبي شرق طهران، تضم مجمعًا عسكريًا يشتبه بأنه سبق أن شهد اختبارات تفجير على صلة بالملف النووي.

كانت طهران اتهمت مرتبطين بـ"الاستكبار العالمي"، في إشارة الى الولايات المتحدة وحلفائها وأبرزهم إسرائيل، بـ"اغتيال" صياد خدائي.

 كما سبق أن حمّلت إيران إسرائيل، مسؤولية عمليات اغتيال علمائها النوويين، والتخريب الذي تعرضت له منشآتها.

 

تأكيد إيراني

صباح الخميس، أكدت وزارة الدفاع الإيرانية، في بيان بموقعها الإلكتروني "وقوع حادث مساء الأربعاء في إحدى الوحدات البحثية التابعة لوزارة الدفاع في منطقة بارشين".

أدى ذلك إلى "وفاة المهندس إحسان قد بيغي وإصابة أحد زملائه"، مشيرة إلى فتح "تحقيق في أسباب هذا الحادث"، من دون تفاصيل.

وأتى بيان الوزارة بعد ساعات من نقل وكالة "إرنا" الرسمية عن "مصدر مطّلع"، أن "حادثًا صناعيًا" وقع في بارشين أدى إلى قتل شخص وإصابة آخر.

ولم تقدّم الوكالة تفاصيل أسبابه ولا مكان وقوعه.

كانت منطقة باشرين شهدت في يونيو 2020، انفجار "خزان غاز صناعي" قرب المجمع العسكري، وفق ما أعلنت –حينه- وزارة الدفاع، من دون أن يؤدي إلى ضحايا.

وأوضحت أن الانفجار لم يقع في موقع عسكري، بل في "مساحة عامة".

ويشتبه بأنّ موقع بارشين شهد اختبارات على انفجارات تقليدية يمكن تطبيقها في المجال النووي، وهو ما سبق للحكومة الإيرانية أن نفته.

كانت طهران ترفض -قبل ذلك- السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة بزيارة الموقع، مؤكدة أنهم قاموا بعمليات تفتيشه خلال عام 2005 من دون إثبات حصول نشاط يثير الشبهات.

إلا أن الموقع خضع لتدقيق من الوكالة عام 2015، بعيد إنجاز الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى، وزار المدير السابق للوكالة، الراحل يوكيا أمانو، المكان.

وأتاح اتفاق 2015 رفع عقوبات كانت مفروضة على إيران، مقابل تقييد أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها، لكن مفاعيله باتت في حكم اللاغية منذ انسحبت الولايات المتحدة أحاديًا منه عام 2018 معيدة فرض عقوبات قاسية على طهران، ما دفع الأخيرة إلى التراجع عن معظم التزاماتها.

بدأت إيران والقوى الكبرى -بمشاركة أميركية غير مباشرة- مباحثات في فيينا منذ أبريل 2021 لتفعيل الاتفا،. وبعد تحقيق تقدّم في المفاوضات، علّقت المباحثات رسميا منذ مارس مع تبقّي نقاط تباين بين طهران وواشنطن.

 

اغتيال صياد خدائي

وتعد إسرائيل أبرز المعارضين للاتفاق النووي، وتتهم إيران بالعمل على تطوير سلاح ذرّي، وهو ما نفته طهران.

وأكد مسؤولون إسرائيليون أنهم سيواصلون العمل ضد برنامج إيران النووي، بما قد يشمل عمليات عسكرية، حتى في حال إحياء اتفاق 2015.

وأبلغت إسرائيل واشنطن بمسؤوليتها عن اغتيال صياد خدائي، حسب ما نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول استخباري الأربعاء.

وقال المصدر، الذي طلب عدم كشف اسمه، إنّ تل أبيب أبلغت واشنطن أنّ الاغتيال هدفه تحذير إيران لوقف عمليات وحدة سرّية ضمن "فيلق القدس" الموكل بالعمليات الخارجية في الحرس.

وقُتل صياد خدائي -الأحد- جراء إطلاق مسلّحَين النار عليه وهو في سيارته قرب منزله شرقي طهران.

وأفاد التلفزيون الرسمي بأن الضابط كان من كوادر فيلق القدس و"معروف" في سوريا، حيث تؤكد إيران وجود "مستشارين عسكريين" لدعم الجيش السوري في النزاع المستمر منذ 2011.

كانت عملية الاغتيال هذه أبرز استهداف لشخصية إيرانية داخل البلاد منذ نوفمبر 2020، حين قُتل العالم النووي محسن فخري زاده بإطلاق نار استهدف موكبه قرب العاصمة.

وقُدم فخري زاده بعد وفاته، على أنه نائب وزير الدفاع، رئيس إدارة منظمة الأبحاث والإبداع في الوزارة، وشارك في "الدفاع الذري" للبلاد، واتهمت إيران اسرائيل بالعملية.

وأكد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، حتمية الثأر لصياد خدائي، الذي شارك الآلاف في تشييعه –الثلاثاء- في طهران.

 

اختراق أمني... ليس الأول

إلى ذلك، قال نبيل نجم الدين، الكاتب والمحلل المتخصص في الشؤون الإقليمية، في تصريحات لـ«السياق»، إن هذا الاختراق الأمني ليس الأول، فمنذ عام 2010 استخدم التكتيك نفسه في قرابة 6 حوادث اغتيال كبيرة لعلماء وأكاديميين ومتخصصين، كانوا يعملون في البرنامج النووي الإيراني.

وأوضح نجم الدين، أن من أبرز الذين قُتلوا بهذه الطريقة، العالم الإيراني الكبير الذي كان يعرف بأنه «أبو القنبلة النووية الإيرانية» محسن فخري زادة.

إلا أن ما يستحق الملاحظة، أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي (الجهة التي تشرف بشكل مباشر على الموساد) رفض التعليق على هذه الحادثة، في الوقت الذي قالت فيه مصادر إسرائيلية غير رسمية، إن قتل خدايي يصب في مصلحة الأمن الإسرائيلي، بحسب الكاتب والمحلل المتخصص في الشؤون الإقليمية.

كان برنامج الشرق الأوسط في مركز الفكر البريطاني «تشاثام هاوس» قال في تقرير، إن اغتيال خدايي يهدف إلى زعزعة الأمن في طهران، في ظل تصاعد التوتر مع إسرائيل بخصوص البرنامج النووي الإيراني.

وحذر نجم الدين من عمليات انتقامية إيرانية، إذا تأكدت مسؤولية إسرائيل عن هذه التصفية، قائلًا إن هذا الاغتيال ستعقبه عمليات إيرانية ضد الأهداف والمصالح الإسرائيلية وحلفائها، ما يضع المنطقة وتحديدًا شمالي العراق وسوريا والشام بشكل عام، على حافة بركان كبير، ستكون تداعياته خطيرة.

واستدل على رؤيته بالأحداث التي وقعت في مارس الماضي، التي هاجمت فيها إيران مدينة أربيل شمالي العراق بعشرات من الصواريخ، بينما قالت مصادر إيرانية إنها كانت تستهدف مراكز إسرائيلية استراتيجية.

وأشار الباحث في الشؤون الإقليمية إلى أن النائب السابق لرئيس الموساد آرام بن باراك، الذي يرأس لجنة الشئون الخارجية والدفاع في البرلمان الإسرائيلي، علق على حادث الاغتيال بشكل يستحق التأمل، إذ قال: «اسم خدايي، معروف لدينا ولا أريد أن أخوض في تفاصيل من فعل ذلك وماذا حدث، وهل يجب أن أقول إنني آسف لأنه لم يعد معنا... لا أنا لست آسفًا".

ووصف حادث اغتيال خدايي بأنه تجسيد لـ«حروب الظلام»، وهو ما تفرضه معطيات العملية، فالرجل كان يحمل رتبة كبيرة ومعنيًا بالعمليات الإيرانية في سوريا والعراق.

وأشار إلى أن اغتيال خدايي، حلقة جديدة في سلسلة التصفيات التي تقوم بها إسرائيل ومن معها، ويذكر بنفوذ تل أبيب المتزايد، وقدراتها لزعزعة الاستقرار داخل إيران.