هل تنجح الحكومة السودانية في التوصل إلى اتفاق سلام مع الحركة الشعبية؟

إلى ذلك، أعلنت الوساطة، تواصُل جلسات التفاوض المباشر، بين الحكومة والحركة الشعبية، لبحث القضايا الخلافية في مسودة الاتفاق المبدئي، مؤكِّدة اقتراب توصُّل الطرفين إلى اتفاق على مجمل القضايا.

هل تنجح الحكومة السودانية في التوصل إلى اتفاق سلام مع الحركة الشعبية؟
عبدالفتاح البرهان وعبدالعزيز الحلو

السياق

منذ مطلع يونيو الجاري، استأنفت الحكومة الانتقالية في السودان، والحركة الشعبية بقيادة عبدالعزيز الحلو، التفاوض بمدينة جوبا، عاصمة جنوب السودان، للتوصل إلى اتفاق سلام، ينهي الصراع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، لكن المفاوضات بين الطرفين، تعثَّرت خلال الساعات الماضية، ما دعا الوساطة إلى تمديده حتى 13 يونيو الجاري.

 

أسباب الخلافات

من أبرز الخلافات، التي تسبَّبت في تعثُّـر المفاوضات، بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية، تمسُّك الحركة بـ"العلمانية" والحُكم الذاتي لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وهو ما ترفضه الحكومة السودانية، مبدية تخوفها من أن يؤدي "الحُكم الذاتي" إلى انفصال الإقليمين عن السودان، على غرار انفصال جنوب السودان، عبر استفتاء شهير عام 2011.

وتقاتل الحركة الشعبية لتحرير السودان، القوات الحكومية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ يونيو 2011.

وعرضت الحركة الشعبية، خلال جلسات التفاوض، نظاماً رئاسياً لحُكم البلاد، يقوم على الفصل بين السلطات الثلاث: التنفيذية (رئيس الحكومة) والتشريعية (البرلمان) والسلطة الثالثة القضائية، على أن يتم منح صلاحيات واسعة لرئيس الحكومة.

ومن القضايا محل الخلاف أيضاً، عرض الحركة، أن تكون العطلة الرسمية في البلاد، الأربعاء من كل أسبوع، وهو ما رفضته الحكومة السودانية.

كما أن من القضايا الخلافية، تمسُّك الحركة بأن بكون القضاء محلياً وليس مركزياً، أي أن لكل إقليم قانونه الخاص، وهو ما يرفضه الوفد الحكومي.

لكن مقرِّر الوساطة، أعلن حسم الكثير من القضايا الخلافية بشأن النظام القضائي، مشيراً إلى وجود قضية واحدة في هذا الملف، وكُلفت لجنة بمراجعتها ومعالجتها.

 

فصل الدين عن الدولة

وقَّعت الحكومة السودانية، ممثَّلة في رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، والحركة الشعبية، في مارس الماضي، "إعلان مبادئ" ينص على علمانية الدولة، ويمهِّد للتفاوض بين الطرفين.

ونص الإعلان، على أن "السودان بلد متعدِّد الأعراق والديانات والثقافات، لذا يجب الاعتراف بهذا التنوع وإدارته، ومعالجة مسألة الهوية الوطنية".

وأشار إعلان المبادئ، إلى "تأسيس دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية في السودان، تضمن حرية الدين والممارسات الدينية والعبادة، لكل الشعب السوداني، وذلك بفصل الهويات الثقافية والاثنية والدينية والجهوية عن الدولة، وألا تفرض الدولة ديناً على أي شخص، ولا تتبنى ديناً رسمياً".

غير أن هذا الإعلان، الذي ينص على فصل الدين عن الدولة، لم ترحب به مكونات من التحالف الحاكم، أبرزها حزب الأمة القومي، مشيرين إلى أن مثل هذه القضايا، ينبغي اتخاذ قرار بشأنها، في مؤتمر دستوري عام.

 

إرجاء النقاط الخلافية

بالمقابل، دعا مجلس الوزراء السوداني، إلى ضرورة إبرام اتفاق إطاري مع الحركة الشعبية بقيادة عبدالعزيز الحلو، وإرجاء النقاط الخلافية لمرحلة التفاصيل، وهو ما يشير إلى إصرار الحكومة، على توقيع اتفاق سلام مع الحركة الشعبية.

وشدَّد المجلس، على أهمية إبرام الاتفاق المبدئي، وإرجاء القضايا المختلف علبها، للبحث في مرحلة القضايا التفصيلية.

واستمع مجلس الوزراء، برئاسة عبدالله حمدوك، خلال الجلسة، إلى تنوير من وزير شؤون مجلس الوزراء، المتحدِّث الرسمي لوفد التفاوض خالد عمر، الموجود بالعاصمة جوبا عبر الفيديو، عن سير المفاوضات مع الحركة الشعبية.

وأشار يوسف، إلى استمرار التفاوض مع الحركة الشعبية، بعد تمديدها حتى 13 يونيو الجاري، وكشف عن تكوين لجنة من طرفي التفاوض، لرفع مقترحات بشأن القضايا المختلف عليها.

 

اقتراب السلام

إلى ذلك، أعلنت الوساطة، تواصُل جلسات التفاوض المباشر، بين الحكومة والحركة الشعبية، لبحث القضايا الخلافية في مسودة الاتفاق المبدئي، مؤكِّدة اقتراب توصُّل الطرفين إلى اتفاق على مجمل القضايا.

وبشر رئيس فريق الوساطة، توت قلواك، الشعب السوداني بقُرب تحقيق السلام الشامل، وقال إن "لمس ذلك من إرادة وعزيمة طرفي التفاوض".

وأضاف قلواك، أن الوساطة شكَّلت لجاناً عدة، لحسم القضايا المتبقية، مؤكِّداً أن جلسات التفاوض تمضي بصورة طيبة بين الطرفين.

وفي ما يتعلق بالخلافات، أوضح رئيس فريق الوساطة، أنها تنحصر في نطاق ضيق، مشيراً إلى إمكانية معالجته.

وتوصلت الحكومة والحركة الشعبية، إلى اتفاق في ملفات عالقة بينهما، أبرزها ملف الأمن.

وقال قلواك، إن الوساطة توصلت إلى معالجات بملف الترتيبات الأمنية، من بينها الاتفاق على تشكيل لجنة مصغَّرة، للوصول لصياغة موحَّدة ومفهوم مشترك، بشأن هذه الترتيبات.

حال توصُّل الحكومة الانتقالية في السودان، إلى اتفاق سلام مع الحركة الشعبية، تكون قد تبقَّت حركة واحدة، لم يتم التوصل إلى اتفاق معها، هي حركة تحرير السودان، بزعامة عبدالواحد نور، الذي يرفض التفاوض مع الحكومة.