2584 حالة خلال عام... لماذا ينتحر المصريون؟

ذكر مرصد الأزهر، أن السبب الثالث للانتحار غياب الوازع الديني والأخلاقي، إذ يرى أن ضعف الوازع الديني والتردي الأخلاقي من أهم أسباب الانتحار

2584 حالة خلال عام... لماذا ينتحر المصريون؟

السياق

في الأماكن العامة على الملأ أو في غرف مغلقة، بتناول حبوب الغلال السامة، أو الشنق وحتى القفز من مبان مرتفعة، أو القفز في المجاري المائية، أو بالوقوف أمام عجلات القطار... تعددت الأساليب والهدف واحد، التخلص من الحياة.

الانتحار في مصر -خصوصًا بين الشباب- بات ظاهرة مؤسفة يعانيها المجتمع، وتحوِّل حياة مئات الأسر إلى جحيم، إذ شهدت الدولة الإفريقية 2584 حالة عام 2021،
وهناك 29.2% من طلاب المرحلة الثانوية يعانون مشكلات نفسية، 21.7% منهم يفكرون بالانتحار، وفق دراسة أعدتها أمانة الصحة النفسية وعلاج الإدمان بوزارة الصحة المصرية.

 

المشكلات الاجتماعية

هذه "الظاهرة" دفعت العديد للتساؤل عن أسبابها، لتدخل مؤسسة الأزهر على الخط، ويكشف مرصدها -في تقرير- عددًا من الأسباب التي تدفع أبناء المجتمع إلى قتل أنفسهم، مؤكدًا أن أبرز تلك الأسباب المشكلات الاجتماعية والأسرية، قائلًا إن حالات الانتحار بسبب ضغوط ومشكلات اجتماعية، ناتجة عن اختلال النظام الأسري في التعامل مع الأبناء، بداية من الشدة في التعامل واستخدام العنف والصرامة في إرشادهم، وممارسة أساليب الضغط عليهم في المراحل التعليمية، من دون الأخذ في الاعتبار اختلاف درجة استيعاب كل منهم.

وأضاف أن تلك المعاملة تأتي بنتائج عكسية خطيرة على الأبناء، بينها انعدام الثقة بالنفس والاكتئاب، والإحباط القاتل الذي قد يدفعه إلى الانتحار، خوفًا من الرسوب أو الفشل.

وأشار إلى دور الأسرة -كنواة المجتمع والمؤسسة التربوية الأولى للفرد- فعلى الوالدين وأولياء الأمور تحمل المسؤولية الأكبر في تقديم الدعم المعنوي والنفسي لأبنائهم وذويهم، وعليهم أن يبحثوا عن مواهب وقدرات أخرى يتقنها المتعثرون دراسيًا، من دون أن يجعلوا رسوبهم وصمة عار تلحق بالأسرة.

 

الابتزاز الإلكتروني

وأشار مرصد الأزهر إلى أن الدافع الثاني من مسببات الانتحار "الابتزاز الإلكتروني" فقد تسبب -خاصة للفتيات خلال السنوات الماضية- في بعض حالات الانتحار، حيث تهدد الضحية بنشر صور، أو مقاطع فيديو، أو تسريب بيانات شخصية أو معلومات خاصة بها، للحصول على مكاسب مادية، أو إجبار الضحية على أعمال منافية للقيم والأخلاق، ما يدفع الفتاة إلى التفكير في الانتحار كمخرج وحيد من هذه الأزمة.

وقال المرصد إن السبب الثالث للانتحار غياب الوازع الديني والأخلاقي، إذ يرى أن ضعف الوازع الديني والتردي الأخلاقي من أهم أسباب الانتحار، الناتج عن اليأس والقنوط والجزع، مضيفًا أن المؤمن يدرك أن الحياة مزيج من الخير والشر، واليسر والعسر، فحين تواجهه إحدى عقبات الحياة، يحاول التغلب عليها بسلاح الصبر على الشدائد وتحمل المكاره.

وقال الأزهر ناصحًا الفتيات، إن الانتحار ليس حلًّا لهذه المشكلات، وإنما على من يقع ضحية للابتزاز أن يتحلى بالشجاعة في الوقوف ضد هذا العمل الإجرامي، وإشراك الأسرة، وتجاهل التهديدات، كما يجب على الأسرة -خصوصًا الأب والأم- التصرف بحكمة وعقلانية مع بناتهم وعدم توجيه عبارات اللوم والتجريح لهن، بل عليهم اتباع التصرف القانوني المناسب، وتقديم هذا المبتز للعدالة، وفتح آفاق الحوار مع بناتهم وردم الفجوة بينهم.

 

الظروف المعيشية

وأضاف الأزهر، في تقريره سببًا رابعًا للانتحار، يشمل عوامل مجتمعية، مثل الظروف المعيشية الصعبة، وفقدان الأحباب، والاضطرابات النفسية، ويطالب الأزهر بمواجهتها والبحث عن حلول لها، مدعومة بالإيمان والصبر.

وأكد مرصد الأزهر أن الانتحار جريمة، يرتكبها الإنسان في حق نفسه وأهله، وأنه مهما كانت المشكلات والصعوبات، فعلى الإنسان أن يتحلى بالشجاعة في مواجهتها، مطالبًا الآباء بأن يكونوا أكثر حرصًا في التعامل مع مشكلات أبنائهم، فبموتهم يخسر المجتمع طاقة من طاقاته البشرية، يمكن أن تكون أداة بناء، تسهم في تقدم بلادهم ورفعة أوطانهم.

كانت آخر حالتي انتحار شهدتهما مصر في اليومين الماضيين، لشاب تخلص من نفسه بعد انتحار خطيبته، وطفل فوجئت أمه بشنقه نفسه امتثالًا لأحد التحديات الخطيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، يدعى "تشارلي تشرلي".