ثورة في أدوية التخسيس... هل ينتهي عصر السمنة قريبًا؟

الأدوية تحاكي تأثيرات هرمونات الأمعاء، المعروفة بـ GLP-1s

ثورة في أدوية التخسيس... هل ينتهي عصر السمنة قريبًا؟

ترجمات - السياق

سلَّطت "وول ستريت جورنال" الأمريكية، الضوء على أدوية التخسيس ودورها في زيادة أرباح صانعي الأدوية، مشيرة إلى أن هناك فئة جديدة من علاجات السمنة، يمكن أن يكون لها تأثير كبير في الصحة العامة، وفي أرباح شركات مثل أيلي ليللي الأمريكية، ونوفا نورديسك الدنماركية.

وأشارت الصحيفة، إلى أنه رغم أن السمنة تقتل الملايين كل عام، فإن شركات الأدوية والأطباء يركزون -بشكل أساسي- على علاج الأمراض التي يسببها الوزن الزائد،  مثل مرض السكري، لا على السمنة نفسها.

وبينت أن الكثيرين في المجال الطبي لا يزالون يرون أن الوزن الزائد نمط حياة يجب معالجته فقط من خلال الأكل الصحي والتمارين الرياضية، لكن المشكلة الأكبر كانت ندرة الأدوية الآمنة والفعالة.

وقد تُرك ذلك العمل الضخم، المتمثل بفقدان الوزن في الغالب بأيدي اختصاصيي التغذية وتطبيقات عدّ السعرات الحرارية والمدربين ومبتكري الأنظمة الغذائية المبتذلة، بعيدًا عن المتخصصين.

فئة جديدة

الآن -تضيف "وول ستريت جورنال"- هناك فئة جديدة من الأدوية أصدرتها شركات نوفا نورديسك الدنماركية، وأيلي ليللي الأمريكية، أثبتت فعاليتها بشكل ملحوظ.

فقد حصل (ويجوفي) -علاج للتحكم في عملية إنقاص الوزن- الذي أنتجته شركة نوفا نورديسك، على موافقة إدارة الغذاء والدواء العام الماضي لمعالجة السمنة، بينما لم تتم الموافقة على دواء تيرزيباتيد من أيلي ليللي لفقدان الوزن.

وأشارت الصحيفة، إلى أن الأدوية تحاكي تأثيرات هرمونات الأمعاء، المعروفة بـ GLP-1s، التي تعمل على زيادة الشعور بالشبع.

وبينت أن تيرزيباتيد -الذي يروِّج لهرمون إضافي يعرف بـ GIP- ساعد الذين يعانون السمنة المفرطة في فقدان ما يصل إلى 22.5% من أوزانهم، في دراسة أجرتها أيلي ليللي صدرت في أبريل الماضي، وهي نتيجة تقترب من فعالية جراحة علاج البدانة.

وبينما يتوقع المزيد من النتائج العام المقبل، يرى جيفري إيميك، نائب رئيس شركة ليلي لتطوير منتجات مرض السكري، أن الشركة تجري محادثات نشطة مع إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، لتقييم ما إذا كان بإمكانها تقديم الدواء للموافقة عليه في وقت مبكر بناءً على البيانات الحالية.

بينما تقول نادية أحمد، المديرة الطبية الأولى لتطوير منتجات السمنة في أيلي ليللي: على عكس بعض أدوية إنقاص الوزن القديمة، التي أدت إلى مشكلات معرفية أو قلبية خطيرة ، لا يبدو أن هذا الجيل الجديد يطرح مشكلات خطيرة تتعلق بالسلامة، بخلاف الآثار الجانبية المعدية المعوية.

وأضافت: "نحن في وضع أفضل بكثير من حيث المخاطر والفوائد لهذه العلاجات المحتملة".

تغيير

وترى "وول ستريت جورنال" أنه مع ظهور هذه النتائج، يبدو أن سوق أدوية السمنة جاهز للتغيير الذي اجتاح سوق ارتفاع ضغط الدم في ثمانينيات القرن الماضي، عندما ساعدت الأدوية الفعالة في إقناع المجتمع الطبي بأن ارتفاع ضغط الدم يمكن علاجه.

وحسب الصحيفة، فإنه في الوقت الحالي ، يستخدم جزء صغير من ملايين الأمريكيين الذين يعانون السمنة الأدوية الموجودة بالفعل في السوق.

ومن المقرر أن تبلغ عائدات أدوية السمنة في جميع أنحاء العالم 2.4 مليار دولار فقط هذا العام، وفقًا لمورغان ستانلي، وهو جزء بسيط أمام ما يتم إنفاقه على علاجات السرطان أو أمراض القلب.

ووفقًا لمحللي جولدمان ساكس بقيادة تيرينس فلين، من المتوقع أن يتضخم السوق إلى 54 مليار دولار بحلول عام 2030، مع سيطرة نوفو نورديسك وإيلي ليلي على سوق أدوية السمنة، بفضل العقارات الجديدة.

وتُظهر بيانات عقار (ويجوفي) أن المرضى يمكن أن يفقدوا نحو 15% من أوزانهم، لكن الاستخدام كان محدودًا بسبب قيود الإمداد وتحديات السداد.

وتعليقًا على ذلك، يقول الدكتور لويس جيه أرون، مدير البرنامج الشامل للتحكم في الوزن بمركز وايل كورنيل الطبي ومقره مدينة نيويورك، الذي عمل مع إيلي ليلي محققًا رئيسًا في الدراسة، إن هذه القيود أجبرته على الاعتماد على عقاقير أقدم وأقل فعالية.

بينما تقول ديفيكا أوماشانكر، الخبيرة البارزة الأخرى، إن التصور السائد بين العديد من شركات التأمين، أن فقدان الوزن لا يزال مجرد "عملية تجميل"، وليس علاجًا طبيًا شرعيًا، وبذلك ينبغي عليهم عدم تغطية هذه الأدوية.

مرض حديث

وكشفت "وول ستريت جورنال" أن الجمعية الطبية الأمريكية صنفت السمنة مؤخرًا بأنها مرض مزمن، وعام 2016، ذكرت منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 1.9 مليار شخص بالغ، تبلغ أعمارهم 18 عامًا فأكثر، يعانون زيادة الوزن، أكثر من 650 مليون شخص منهم مصابون بالسمنة.

ووصفت المنظمة تلك النسبة بأنها سبب قوي للأمراض المزمنة، التي تتزايد عامًا بعد آخر، وتؤدي لعواقب وخيمة وأمراض كثيرة منها أمراض القلب والأوعية الدموية، التي تُعد السبب الأول للوفاة في العالم.

وترى الصحيفة الأمريكية، أن فرص نجاح صناعة عقاقير السمنة ماليًا كبيرة جدًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن سوق الأدوية الأكثر ربحًا في العالم، يتضمن عقاقير التخسيس.

ووفقًا لأحدث تصنيف، فإن نحو 40% من البالغين الأمريكيين يعانون السمنة المفرطة، مقارنة بمتوسط ​​20% عبر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بينما جاءت اليابان، الدولة الأقل بدانة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بنسبة تبلغ 3.7% فقط، في حين بلغت النسبة في إيطاليا نحو 10%.

ورأت الصحيفة، أن هذه التصنيفات سلاح ذو حدين، لأنها تعزز فكرة أن الوزن الزائد يجب أن يكون مستهدفًا بتغيير نمط الحياة والنظام الغذائي بدلاً من التدخل الطبي.

وأشارت إلى أن العديد من الخبراء لا يزالون لا يتعاملون مع السمنة على أنها مرض مزمن يتطلب نوعًا من التدريب العملي، الذي قد يستخدمه متخصص لمرض السكري على سبيل المثال.

وحسب الصحيفة "لا يزال اتباع نظام غذائي جيد وممارسة الرياضة، بالطبع، فعالين للغاية، لكن القول أسهل من الفعل"، في إشارة إلى أن العديد من البدناء لا يلتزمون بذلك.

بينما تشير مجموعة متزايدة من الأدلة العلمية إلى أن السمنة تؤدي إلى تغيرات هرمونية في الجسم، تجعل من المرجح أن يستعيد البدناء أي وزن يفقدونه، سواء بالرياضة أم غيرها.

وأوضحت أن التجارب السريرية تجرى لتقييم فوائد أدوية السمنة الجديدة، في الحد من قصور القلب ومضاعفات الكلى وتوقف التنفس أثناء النوم، وأيضًا يمكن أن تساعد في التأثير على التفكير العام.

وفي وقت لاحق من هذا العام، من المتوقع أن تصدر نوفو نورديسك نتائج مؤقتة من تجربة عقار ويجوفي على أكثر من 17000 مريض، يمكن أن تظهر ما إذا كان الدواء فعالًا في الحد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى المرضى الذين يعانون زيادة الوزن والسمنة، والذين يعانون أمراض القلب والأوعية الدموية السابقة.

أمام ذلك، يتوقع محللو مورجان ستانلي أن تنخفض المخاطر بنسبة 27%، التي ستكون نقطة بيانات مهمة للتأثير في شركات التأمين.

وإلى جانب نتائج التجارب المثيرة للإعجاب، فإن خطط التأمين التي ترعاها الحكومة الأمريكية، والتي تقرر تغطية هذه الأدوية ستكون لحظة فاصلة.

ويتوقع محللو مورجان ستانلي أن يمرر الكونغرس مشروع قانون في السنوات المقبلة، من شأنه أن يوسع تغطية ميديكير وميديكيد للأدوية الموصوفة للسمنة.

يذكر أن ميديكير برنامج تأمين صحي لجميع مواطني الولايات المتحدة، في حين أن ميديكايد تغطية صحية لفئات الدخل المنخفض وذوي الإعاقة.

نهاية المطاف، يرى بن ليتل، وهو مسؤول تنفيذي في مجال الصحة، أن شركات التأمين الخاصة ستستفيد من ميديكير وميديكيد.

لكن -حسب الصحيفة الأمريكية- قد لا يتم حل الجدل بشأن من أو ما المسؤول عن السمنة، لكن ليس هناك شك في أنها مشكلة طبية، وفرصة كبيرة غير مستغلة جيدًا لصُناع وشركات الأدوية.