قبل بيعة لندن... هل حسمت جبهة اسطنبول صراع الإخوان؟

صراع جبهتي الإخوان يدخل مرحلة الاستقطاب... فمن سيفوز بإرث حسن البنا؟

قبل بيعة لندن... هل حسمت جبهة اسطنبول صراع الإخوان؟

ترجمات -السياق 

بعد عام من الانشقاق، الذي دب في أوصال تنظيم الإخوان، وشطره إلى ثلاث جبهات، تتصارع على إرث حسن البنا، ما زالت حالة الاستقطاب الحادة على أوجها، في ظل محاولات جبهتي لندن واسطنبول انتزاع شرعية قيادة التنظيم.

وبينما اختارت الجبهة الثالثة "تيار الكماليون" العنف طريقًا ومنهاجًا بعيدًا عن الصراع، وصل التنافس بين جبهتي لندن واسطنبول على منصب المرشد العام إلى مرحلة اللاعودة، التي شحذت فيها كل جبهة أسلحتها، محاولة استقطاب إخوان مصر، وأكبر عدد من قادة وأعضاء التنظيم.

وبينما أعلنت جبهة لندن، «حملة رسائل»، باسم «وضوح الرؤية» لبيان ما جرى داخل التنظيم الإرهابي وفق رؤيتهم، كانت جبهة اسطنبول تستعد للرد على محورين: أولهما بيان أصدرته قبل أيام، ممهور بتوقيع محمود حسين الذي سمَّته مرشدًا، في محاولة لاستمالة أتباع جبهة لندن للانضمام إليها، كـ«صاحبة الشرعية»، على حد قولها.

بيان محمود حسين، الذي استشهد فيه ببيت شعر لطرفة بن العبد، قال فيه: «وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند»، لم يكن مشحونًا بالعاطفة فقط، بل إن الكلمات التحذيرية لمنافسته جبهة لندن كانت حاضرة –كذلك- لمنعهم من محاولة فرض أشخاص بأعينهم لتولي المنصب المتنازَع عليه.

ولم تكتفِ جبهة اسطنبول بالبيان، بل إن من وصفته بـ«مرشدها العام» عرض حسين -في لقاء تلفزيوني الخميس- رؤيته لمنصب القائم بالأعمال، والانشقاقات التي تعصف بالجماعة، وسبل إنهاء الأزمة مع النظام السياسي بمصر.

رسائل فاشلة

إلا أن حسين، الذي ظهر 60 دقيقة بإجابات زادت المشهد إرباكـًا، كانت رسالته الوحيدة تأكيد أنه القائم بالأعمال الشرعي، وفق المادة الخامسة من اللائحة الداخلية للجماعة، وأنه جاء عبر تكليف من مجلس شوري الإخوان، في مشهد، كشف عدم ثقته بسيطرته على مفاصل الجماعة.

إلى ذلك، قال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية عمرو فاروق، في تصريحات لـ«السياق» إن الخطوات الاستباقية لجبهة اسطنبول، محاولة لتوريط جبهة لندن، ولفرض الأمر الواقع، عبر إعلان تنصيبه واختياره، وفقًا للمادة الخامسة من اللائحة الداخلية للجماعة.

وأوضح عمرو فاروق، أن الحلقة التلفزيونية لحوار محمود حسين، تجاهلت جبهة لندن والأزمة والصراع الدائر معها، مشيرًا إلى أنه تجاهل الخلاف بينه وبين إبراهيم منير، لأنه يعُد نفسه غير مسؤول عن المشهد منذ عام 2015، وأن محمود عزت من كان يديره، ومن بعده إبراهيم منير، إلا أنه حديث مخالف للحقيقة تمامًا، لأن محمود حسين، كان أحد أسباب الخلافات الكثيرة داخل تركيا.

وأشار الباحث فى شؤون الجماعات الإرهابية، إلى أن محمود حسين يركز -منذ وفاة ابراهيم منير- على أن يكون سابقًا بخطوات كثيرة، ما اتضح من خلال بيان مجلس شورى التنظيم، الذي حاول من خلاله حسين تأكيد أن اختياره جاء طبقًا للائحة.

عداء مستمر

وأشار فاروق إلى ما وصفها بـ«حالة العدائية الشديدة» التي أبداها محمود حسين، خلال حواره تجاه النظام المصري، مؤكدًا أنه حاول تصدير فكرة أن الجماعة مازالت قائمة بالداخل المصري، ولديها مشروع في الداخل، كمسعى لتصدير نوع من الاتساق مع الشعب المصري.

إلا أن حسين تجاهل أن أزمة الإخوان مع الشعب المصري وليست مع النظام السياسي ولا مع الحكومة، فما فعله الإخوان خلال السنوات العشر الأخيرة، يأتي في إطار العداء مع الشعب المصري، بحسب فاروق، الذي قال إن الحوار جاء لبث رسائل عدة، بينها غسل السمعة من خلافه مع الشعب المصري، وحصر العداء في أنه مع النظام السياسي، وإظهار أن الجماعة قوية ومتماسكة من الداخل ولا توجد خلافات، وهو ما فشل في إيصاله.

الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب الدولى، منير أديب قال، في تصريحات لـ«السياق»، إن بيان محمود حسين، الذي ذيل فيه للمرة الأولى، منذ بدء الصراع على منصب القائم بأعمال المرشد، كلمة «الإخوان المسلمين في مصر»، جاء محاولة لإعطاء انطباع بتأييده من قيادات الجماعة في السجون، في أمر لا يمت للواقع بصلة.

وأكد أديب، أن البيان كتب داخل مكتب محمود حسين باسطنبول، وراجعه بنفسه مع أعضاء مجلس الشورى المعاونين له، مشيرًا إلى أن تذييله بكلمة «مصر» محاولة للرد على تواصل جبهة لندن، مع إخوان مصر.

وأشار أديب إلى أن واقع الإخوان في مصر ووضع القيادات في السجون يجعلهم غير قادرين على إصدار هذه البيانات، التي تؤيد طرفًا ضد آخر، مؤكدًا أن بيان وحوار محمود حسين، ليسا كافيين لحسم الصراع مع جبهة لندن على منصب القائم بأعمال مرشد الإخوان.

انشقاق وصراع

وأوضح أن الوضع بين الجبهتين، أكبر من أن تحسمه إحداهما، لأنه لا يمكن وصفه بالصراع وإنما انشقاق بين كتل كبيرة، مشيرًا إلى أن فكرة الانتصار لجبهة على أخرى تبدو صعبة، فكل من الجبهتين لديها نفوذ في منطقة ما، ما يجعل فكرة الحسم بعيدة المنال.

وبينما قال إن هذا النوع من الانشقاقات ربما يمنح تصورًا بانهيار التنظيم ودلالة حقيقية على الأفول، أكد أن جبهة لندن قوية، إذ تضم قيادات رفيعة المستوى فى التنظيم، فضلًا عن حصولها على تأييد من معظم أعضاء التنظيم الدولي.

وأشار إلى أن التنظيم في أضعف حالاته، وأن ما يحدث يعد مقدمات الانهيار أو الوفاة، مؤكدًا أنه إذا أحسن التعامل مع تفكيك الفكرة، كما جرى التعامل مع التنظيم، سينتهي الإخوان قبل أن يكملوا عامهم الـ100.