أزمة ليبيا بين الدعوة الأممية والجمود السياسي.. ما مصير حكومتي باشاغا والدبيبة؟
يقول المحلل الليبي،العربي الورفلي، في تصريحات لـ-السياق- إن هناك تململًا شعبيًا وغضبًا، خاصة بعد إقدام الدبيبة على تسليم الليبي أبوعجيلة مسعود لأمريكا.

السياق "خاص"
بينما تعيش ليبيا على وقع زلزال «اختطاف» ضابط المخابرات السابق أبوعجيلة مسعود، وتسليمه إلى الولايات المتحدة، على خلفية اتهامه بقضية لوكربي، كان المسار السياسي الذي وُصف بـ«الشائك» على موعد مع «هزة عنيفة».
تلك الهزة كان مركزها مجلس الأمن، بإعلانه التزام أعضائه بدعم الحوار الليبي الشامل، لتشكيل حكومة ليبية موحدة، قادرة على الحكم في جميع أنحاء البلاد، وتمثيل الشعب الليبي بأكمله، بينما كانت آثارها حاضرة في البلد الإفريقي ككل بحالة من الجدل.
وبينما رحب رئيس حكومة الاستقرار فتحي باشاغا، الذي لم تر حكومته النور -جراء تعنت سلفه في تسليم السلطة- بالدعوة التي تقصيه من المشهد، اتخذ رئيس حكومة الوحدة منتهية الولاية عبدالحميد الدبيبة موقف الصامت.
موقفان تناقضا في التعبير عن دعوة مجلس الأمن، التي تخللها «القلق العميق» من استمرار المأزق السياسي في ليبيا، و«خيبة الأمل» لعدم إحراز تقدم، مما يهدد تحقيق الاستقرار والوحدة في البلاد، بعد نحو عام على اتخاذ قرار بإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر 2021، وأكثر من عامين بعد اتفاق خارطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي.
ذلك التناقض كان واضحًا –كذلك- في تجاوب مجلسي النواب وما يعرف بـ«الأعلى للدولة»، مع الدعوة التي تقصيهما من المشهد السياسي في البلد الإفريقي، بعد أعوام على تصدرهم المشهد.
تباين وتناقض
عضو ما يعرف بـ«الأعلى للدولة» شعبان أبوستة، قال إن المشكلة تكمن في أنه إذا حدث حوار، مشيرًا إلى أنه من الصعب التوصل لحل في الوقت الراهن، لأن أغلبية الحوارات كانت بلا فائدة.
وأوضح عضو «الأعلى للدولة»، أن كل الحوارات وصل فيها المجلسان إلى نقطة معينة، في شروط الترشح للرئاسة (بين مزدوجي الجنسية والعسكريين) ووقفوا عندها، مشيرًا إلى أنه بينما المشكلة واضحة في ليبيا ومعروفة، إلا أنه لا تواجد آليات معينة لتشكيل حوار جدي، لحل الإشكاليات والخلاف، والوصول إلى نتيجة.
وأشار إلى أنه لا يوجد من يستطيع في المنطقة الغربية والشرقية والجنوبية، أن يتجاوز نقطة مزدوجي الجنسية والعسكريين، ويسمح لهم بالترشح (في إشارة إلى أعضاء مجلس الأعلى للدولة ومؤيديهم من تنظيم الإخوان)، مؤكدًا أنه من الصعب الوصول إلى اتفاق بشأنها.
نقطة أخرى أشار إليها عضو مجلس الدولة بالقاسم قزيط، في محور الخلافات الأعلى للدولة مع البرلمان، المتمثل في ملف المحكمة الدستورية، مؤكدًا ضرورة تجميد إنشاء المحكمة الدستورية، وإقفال الدائرة الدستورية في طرابلس، والوصول لحل مرضٍ للطرفين.
في الجهة المقابلة، قال عضو مجلس النواب سليمان سويكر، في تصريحات صحفية، إن المشكلة ليست في إطلاق الحوارات، بل في آلية هذه الحوارات ومع من، مشيرًا إلى أن الحوارات تكررت أكثر من مرة، لكن في النهاية لا أحد يعترف بنتائجها التي توافق عليها المجتمع الدولي أو الإقليمي، في إشارة إلى تراجع مجلس الدولة وتنظيم الإخوان عن أي اتفاق مع البرلمان.
حوارات سرمدية
وأكد البرلماني الليبي، أن التوافق يحتاج إلى إرادة وطنية حرة، وإلى قوة صادقة دولية، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي توصل كثيرًا لاتفاقات كالصخيرات وجنيف، وعلى ضوئها شُكلت حكومة أخدت الثقة من الأغلبية العظمى للنواب، إلا أنها لم تستطع مباشرة مهامها حتى الآن.
ووصف البرلماني الليبي، تلك الحوارات بـ«السرمدية»، كون الجهات الدولية تأتي كل مرة بشخصيات ليبية، وأحيانًا مجهولة أو غير معروفة البيئة، أو شيوخ قبائل لديهم ولاءات مختلفة.
مصير حكومتي باشاغا والدبيبة
تلك الدعوة الأممية، إن شقت طريقها إلى النور وأثمرت نتائجها، فإن مصير حكومتي باشاغا والدبيبة سيكون في مهب الريح، خاصة أن حكومة جديدة قد ترى النور، بديلًا لهاتين الحكومتين.
إلى ذلك قال المحلل السياسي الليبي العربي الورفلي، في تصريحات لـ«السياق»، إن تلك الدعوات انطلقت منذ أشهر خاصة بعد فشل حكومة باشاغا في دخول العاصمة طرابلس، مشيرًا إلى أنها لن تجد طريقها للتطبيق، لأن من يسيطر على مؤسسات الدولة المصرفية والاقتصادية، ويملك سلطة القرار هي حكومة الدبيبة، المدعومة من الدولة التركية.
وأوضح المحلل السياسي، أنه حتى لو شكل البرلمان حكومة جديدة سيصطدم بهذا الواقع «المرير»، لأن الدبيبة يرفض المغادرة ويسعى إلى الحصول على دعم أمريكي، من خلال تعاونه في تسليم ليبيين لواشنطن.
وأشار إلى أن الوضع معقد والأزمة مستفحلة، بينما باتت الحلول عزيزة على الطرح، إلا إذا حصلت تغييرات دولية وسُحب البساط من تحت أقدام حكومة الدبيبة، مؤكدًا أن مجلسي النواب والأعلى للدولة سبب الأزمة، فالصراع بينهما على أشده بشأن المناصب.
ورغم أن الدعوات انطلقت من مجلس الأمن الذي أمريكا عضو فيه، فإن مجلس الأمن منقسم هو الآخر، بحسب المحلل الليبي، الذي قال إنها تظل مجرد دعوة وليست قرارًا ملزمًا.
تململ شعبي
وعن إمكانية أن يتسبب ذلك الجمود، في ثورة شعبية تقتلع الأجسام السياسية الحالية، قال المحلل الليبي إن هناك تململًا شعبيًا وغضبًا، خاصة بعد إقدام دبيبة على تسليم الليبي أبوعجيلة مسعود لأمريكا، مشيرًا إلى أنه رغم ذلك الغضب، فإن التحرك الشعبي محفوف بمخاطر كبيرة، لأن المليشيات تملك السلاح وستقمع أي حراك.
أما عن إمكانية دعم الجيش لذلك الحراك، قال المحلل الليبي، إن القوات المسلحة اللييية تدعم بقوة تحرك الشعب، مشيرة إلى أنها حريصة على حماية الشعب، لكنها تعاني ظروفًا دولية، أهمها وجود القوات التركية بالغرب اللييي، ما يعني أن تحركها سيعد حربًا مع هذه الدولة.