من براثن بوكو حرام إلى أمريكا... قصة الطفل الذي أبهر العالم

تغلب تاني -البالغ من العمر ثماني سنوات- على 73 منافسًا وفاز ببطولة ولاية نيويورك للشطرنج، أثناء إقامته في مأوى للمشردين مع عائلته

من براثن بوكو حرام إلى أمريكا... قصة الطفل الذي أبهر العالم

السياق

من براثن «بوكو حرام» في نيجيريا مرورًا بالفوز ببطولة ولاية نيويورك للشطرنج عام 2019، إلى قبول طلب عائلته للحصول على حق اللجوء في الولايات المتحدة، فصول ملهمة في قصة الطفل تانيتولوا «تاني» أديومي، البالغ من العمر 8 سنوات.

ذلك الطفل الذي وصل إلى النجومية بـ«أداء مبهر»، شهد فوزه على 73 من أفضل لاعبي الشطرنج في فئته العمرية، رغم إقامته وعائلته في مأوى للمشردين، أعلنت أسرته -هذا الأسبوع- حصولها على حق اللجوء من حكومة الولايات المتحدة، لتختم بذلك رحلة السنوات الخمس، التي شهدت فصولًا مثيرة بدأت بطريقة مرعبة.

 

فما القصة؟

خلال أيامهم الأخيرة في موطنهم الأصلي بنيجيريا، كان أعضاء "بوكو حرام" يبحثون عن كايود أديومي، والد تاني، الذي كانت لديه شركة طباعة.

وعن ذلك، يقول أديومي، إن مجموعة من الرجال طلبت منه طباعة بعض الكتيبات الإعلامية، مشيرًا إلى أنه رفض الطلب عندما اكتشف أنهم أعضاء في جماعة بوكو حرام الإرهابية.

إلا أن رفض كايود أديومي، لم يرق لجماعة بوكو حرام، التي اقتحم بعض أعضائها، بعد ذلك بأيام منزله، ليستجوبوا زوجته وولديه.

بينما كان كايود أديومي بعيدًا عن البيت في مهمة عمل، حيث استجوبوا زوجته وولديه. وقال: «كنت قلقا للغاية» يقول كايود أكاديمي عن اقتحام بوكو حرام لمنزله، مشيرًا إلى أنه خطط بعد ذلك الحادث، للهروب بعائلته من بوكو حرام، ففي يونيو 2017 طاروا إلى مدينة نيويورك، حيث انتقلوا إلى مأوى للمشردين، وسجل ولديه في إحدى المدارس.

ووصلت عائلة تانيتولوا «تاني أديومي» المسيحية -بما في ذلك والدة تاني أولواتوين ووالد كايود وشقيقها أديسينا البالغ من العمر 19 عامًا- إلى نيويورك، ليعمل كايود أديومي في غسل الصحون، بينما زوجته أولوواتوين في التنظيف.

 كان تاني قد تعلم الشطرنج، عندما أظهر له شقيقه الأكبر أديسينا لعبة مماثلة، قبل أن ينضم إلى نادٍ مدرسي في مانهاتن، تنازل عن رسوم الأولاد.

وفي غضون عامين، تغلب تاني -البالغ من العمر ثماني سنوات- على 73 منافسًا وفاز ببطولة ولاية نيويورك للشطرنج، أثناء إقامته في مأوى للمشردين مع عائلته، وبعد ثلاث سنوات من تقديم الطلب الأصلي، مُنحت عائلة أديومي اللجوء وانتقلت من مأوى المشردين إلى شقة في نيويورك.

وتقول صحيفة ديلي ميل، إن تاني كان موهبة طبيعية وبدأ الارتقاء في صفوف مسابقات الشطرنج، ليصبح أستاذًا وطنيًا في سن العاشرة فقط، ويُعرف تاني حاليًا بـ «فايد ماستر» من الهيئة الإدارية، مشيرة إلى أن لديه طموحًا وضعه نصب عينيه، سيجعله سيدًا كبيرًا.

وبعدما اكتشف أن عائلته مُنحت حق اللجوء، قال تاني لصحيفة واشنطن بوست: «إنه شعور رائع، لأنها كانت رحلة طويلة. أنا فقط ممتن لأننا حصلنا على هذه الفرصة».

وتتضمن «الفرصة» القدرة على لعب الشطرنج في البطولات بجميع أنحاء العالم، بينما يقول والده، كايود أديومي، الذي كان يعمل في غسل الأطباق وسائق أوبر لدعم عائلته في أمريكا: «كان ذلك تحديًا كبيرًا للغاية بالنسبة له. نشعر بالارتياح الشديد. الجميع سعداء جدًا».

ووفقًا لـ Open Doors USA، فإن المسيحيين في نيجيريا، مثل عائلة أديومي، يواجهون «اضطهادًا مستمرًا» من بوكو حرام، التي ترغب في القضاء على الوجود المسيحي في نيجيريا.

 

لقاء بيل كلينتون

قصة توني قادته إلى لقاء قادة كالرئيس السابق بيل كلينتون، الذي غرد عندما علم بمحنة أديومي، قائلًا: «هذه القصة جعلتني أبتسم. تانيتولوا، أنت تجسد روح الفوز، في الشطرنج والحياة. والشهرة لوالديك المجتهدين. عليكم جميعاً التوقف عند مكتبي في هارلم، أنا أحب مقابلتك».

وجمعت الأسرة أكثر من257 ألف دولار من الأموال، لإبقائهم قادرين على سداد ديونهم، أثناء سعيهم للحصول على اللجوء، بحسب «ديلي ميل»، التي قالت إنهم يخططون لإطلاق مؤسسة لمساعدة اللاجئين.

واهتمت شركة المحاماة ماير براون ومقرها نيويورك والمحامون ماثيو إنجبر وجوستين بيركنز وكريستوفر ميكيش بقضية الأسرة إلى جانب المحامية كارولينا كوربيلو، التي كانت تمثلهم.

ووصف المحامي إنجبر، حالة توني، بأنها «قصة مقنعة» عندما تولت شركته القضية مجانًا في صيف 2021، مشيرًا إلى أن استراتيجية شركته «كانت تتمثل في تقديم ملف الأسرة إلى وزارة الأمن الداخلي. إنهم أعضاء نشيطون في كنيستهم ومجتمعهم ومدرستهم. إنها حقًا حالة نموذجية لمنح اللجوء. إنهم يسهمون بطرق من شأنها أن تجعلنا نشعر بالفخر لكونهم جزءًا من بلدنا».

 

انتصارات صغيرة

وصدر أمر اللجوء الخاص بهم في أكتوبر الماضي، بعد شهر من عيد ميلاد تاني الثاني عشر، وحصلوا على بطاقات اللجوء في 30 نوفمبر الماضي.

وبحسب "ديلي ميل" فإن وضع العائلة تغير تمامًا، فكما فاز تاني في لعبة الشطرنج، بات والده كايود يعمل بائع عقارات، بينما العائلة تعيش في شقة بمدينة نيويورك.

ويقول كايود أديومي: «كنت سعيدًا في تلك اللحظة. كنت أصرخ وأصرخ. نحن ممتنون لكل شيء. نقدر حقًا كل ما فعله الأمريكيون من أجلنا. نشعر بترحيب كبير».

وتخطط الأسرة للتقدم للحصول على الإقامة الدائمة العام المقبل، بينما يطارد تاني حلمه، وأصبحت قصة حياة تاني كتابًا عام 2020، ومن المحتمل أن يكون فيلمًا من شركة Paramount Pictures بعد ذلك، لكنه يأمل تحقيق لقب الشطرنج الكبير أولًا.

وقال المحامي ميكيش إن هناك المزيد في حكاية العائلة: «هذه ليست مجرد قصة عن تاني البالغ من العمر 8 سنوات. إنها أيضًا قصة عن عائلة أتت إلى الولايات المتحدة بالقليل جدًا، وفعلت كل ما في وسعها لتكوين حياة».