مدينة الملح... لماذا تريد روسيا السيطرة على سوليدار؟
أعلنت سلطات دونيتسك الانفصالية، الجمعة، السيطرة على أغلبية سوليدار، لكن وزارة الدفاع الروسية لم تعلن ذلك

السياق
لاتزال المعارك دائرة في سوليدار الصغيرة، لليوم الرابع على التوالي، إذ أعلن الجيش الروسي أنه استكمل "تحرير" المدينة الأوكرانية بعد قتال شرس مع القوات الأوكرانية.
وقاتلت موسكو من أجل السيطرة على المدينة الصغيرة، بينما دافعت كييف عنها، رغم إقرارها بأن "الوضع صعب"، في ظل معارك هي الأشرس مع القوات الروسية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، إن السيطرة على سوليدار لها أهمية استراتيجية لاستمرار العمليات الهجومية الناجحة، كما يسمح بقطع طرق الإمداد للقوات الأوكرانية في أرتومفسك
وزعمت مجموعة فاغنر الروسية، التي يتزعمها يفغيني بريغوجين، حليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنها سيطرت على المدينة الغنية بمناجم الملح، وذكرت أنها أحكمت قبضتها على المدينة، بعد معارك شرسة انتهت بمئات القتلى من الأوكرانيين.
لكن وزارة الدفاع الروسية، قالت إن هجومها في منطقة دونيتسك شرقي أوكرانيا مستمر بنجاح من دون إعلان السيطرة على المدينة.
وتحاول روسيا -منذ الصيف- احتلال هذا الجزء من منطقة دونيتسك، بعدما واجهت قواتها انتكاسات كبيرة دفعت، خصوصاً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى إعلان التعبئة الجزئية لمئات آلاف جنود الاحتياط، وشن عدد من الضربات على منشآت الطاقة الأوكرانية.
قتال عنيف
وأكّدت نائبة وزير الدفاع الأوكرانية غانا ماليار، الجمعة، أن أوكرانيا تتصدى لهجوم روسي "مكثف جدًا" في سوليدار رغم "ليلة ساخنة" في هذه البلدة الصغيرة الواقعة شرقي البلاد.
وقالت ماليار عبر "تلغرام": "الليلة كانت ساخنة في سوليدار والأعمال العدائية مستمرة". وأضافت: "العدو دفع بكل قواته تقريبًا باتجاه دونيتسك ويواصل هجومًا مكثفًا جدًا"، موضحة أنها "مرحلة صعبة من الحرب".
بدوره، أشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بصمود قواته في المدينة، وخص بالذكر وحدتين قتاليتين، قال إنهما "تحافظان على مواقعهما، وكبدتا العدو خسائر فادحة".
وتعهد زيلينسكي بإمداد القوات الأوكرانية، التي تدافع عن مدينتي باخموت وسوليدار بالأسلحة المطلوبة، لكي تكمل صمودها أمام القوات الروسية، في واحدة من أكثر المعارك دموية حتى الآن.
وقال: "أود أن أؤكد أن القوات التي تدافع عن هاتين المدينتين ستزود بالذخيرة وكل ما تحتاجه في الوقت المناسب، بلا تأخير".
كانت نائبة وزير الدفاع، غانا ماليار، قالت إن معركة سوليدار "هي الأعنف والأكثر شراسة" في الحرب حتى الآن.
وأضافت: "رغم الصعوبات فإن الجنود الأوكرانيين يقاتلون بكل شراسة".
أهمية سوليدار
سقوط سوليدار سيكون مهمًا للقوات الروسية، التي لم تتمكن من السيطرة على أي مدينة كبرى في أوكرانيا منذ أشهر، رغم محاولاتها الشرسة لتحقيق مكاسب عسكرية.
وتوجد في مدينة سوليدار مناجم ملح ضخمة، يمكن استخدامها لتمركز القوات وتخزين المعدات، بحيث تكون في مأمن من الغارات الجوية الأوكرانية، كما توجد شبكة من الأنفاق تتصل بالمناجم، وقد تكون لها أهمية استراتيجية، في الوقت الذي تسعى فيه روسيا لتحقيق تقدم في الأراضي الأوكرانية.
وتحوي مناجم سوليدار الملح والجبس، ما يمكن أن يوفر عائدات لمن يسيطر عليها، ويتمكن من إدارتها.
كما يرى مراقبون أن السيطرة على مدينة بوخموت ستكون جائزة للقوات الروسية في المنطقة.
خطوط الإمداد
ويرى مراقبون، أنه حال سقوط مدينة سوليدارا، فإنها ستصبح نقطة انطلاق موسكو للهجوم على مدينة باخموت، التي استعصت عليها منذ أشهر.
كما ستصبح القوات الروسية إلى جانب مجموعة فاغنر، قادرة على استهداف باخموت من الجهة الشمالية الشرقية للمدينة، ما يمكنها من الضغط أكثر على المدينة.
وتأمل موسكو السيطرة على خطوط الإمداد شرقي أوكرانيا، ما يسهل مأموريتها في السيطرة على منطقة دونباس الشرقية.
وبالنسبة إلى المحلل العسكري أناتولي خرامتشيخين، فإن السيطرة على هذه البلدة الصغيرة، التي كانت تعدّ 10 آلاف نسمة قبل الحرب، والتي دُمرت تمامًا، تسمح لموسكو بتحقيق انتصار عسكري بعد العديد من الانتكاسات، وأوضح، أن أي انتصار سيكون مهماً، خصوصاً لأنه لم تحقّق انتصارات منذ فترة.