استهداف القوات الأمريكية في العراق.. ما سر التوقيت وأسباب الاستنفار الإيراني؟

يعد هذا الهجوم على مواقع أمريكية في العراق، الثالث خلال الـ72 ساعة الماضية، إذ تعرَّضت قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، لهجوم بطائرتين مسيرتين مفخختين.

استهداف القوات الأمريكية في العراق.. ما سر التوقيت وأسباب الاستنفار الإيراني؟

السياق

استهدافات متتالية لقواعد عسكرية عراقية تستضيف قوات أمريكية، تكشف تحديات أمنية تواجه البلد الآسيوي وتضعه في موقف حرج، خاصة بعد أيام من تحول مهمة القوات الأمريكية في العراق إلى استشارية، وقبل أيام من عقد أولى جلسات البرلمان الجديد.

وكشفت مصادر أمنية في وزارة الداخلية العراقية، أن 4 صواريخ من نوع كاتيوشا، استهدفت في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء، قاعدة النصر «فيكتوري» قرب مطار بغداد الدولي، مشيرة إلى أن القاعدة تضم مستشارين عسكريين أمريكيين وقوة عسكرية أمريكية لحمايتهم.

من جانبها، أعلنت خلية الإعلام الأمني العراقية، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، سقوط صاروخ على معسكر النصر غربي بغداد، حيث كان انطلاقه من منطقة حي الجهاد.

 

منصة للإطلاق

وأشارت خلية الإعلام الأمني التابعة لمجلس الوزراء العراقي، إلى أن القوات الأمنية عثرت على منصة لإطلاق الصواريخ، عليها صاروخ لم ينطلق عيار 240 ملم، مؤكدة تفكيكه وتسليمه إلى مديرية الأدلة الجنائية، بينما تتابع الأجهزة الأمنية والوكالات الاستخبارية تحقيقاتها للوصول إلى المنفذين.

بدوره قال رئيس الوزراء العراقي مصطفي الكاظمي، إن استهداف معسكرات عراقية بصواريخ، يعكر صفو الأمن والاستقرار، واصفاً هذه التصرفات بأنها "عبثية".

وشدد الكاظمي في بيان، على انتهاء الدور القتالي للقوات الأميركية وقوات التحالف الدولي في العراق، مؤكداً أن القوات العراقية "استلمت كل المعسكرات".

ويعد هذا الهجوم على مواقع أمريكية في العراق، الثالث خلال الـ72 ساعة الماضية، إذ تعرَّضت قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، لهجوم بطائرتين مسيرتين مفخختين، بحسب مسؤول في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش، أكد إسقاط المسيرتين.

وقال المسؤول إن القدرات الدفاعية في قاعدة عين الأسد العراقية، دمرت طائرتين مسيرتين مفخختين، مشيرًا إلى أن «محاولة الهجوم لم تكن ناجحة، ولا يوجد ضحايا».

وأشار إلى أن هجوم الثلاثاء هو الثاني، خلال أقل من يومين ضد المصالح الأمريكية في البلاد، بعد هجوم مماثل وقع الاثنين بالتزامن مع الذكرى الثانية لمقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، والقائد السابق لفيلق القدس أبو مهدي المهندس.

بينما أكدت مصادر أمنية عراقية، أن منظومات الدفاع الجوي أسقطت داخل القاعدتين الطائرات الأربع قبل أن تصل إلى أهدافها.

 

تصعيد الهجمات

وحذر مسؤولون أمريكيون -في الأسابيع الأخيرة- من أنهم يتوقعون تصعيدًا في الهجمات ضد القوات الأمريكية في العراق وسوريا، بسبب تزامنها مع الذكرى الثانية لمقتل قاسم سليماني، إلا أن مسؤولًا في التحالف قال في تصريحات لوكالة رويترز، إن التحالف نفذ ضربات ضد تهديد وشيك، بعد أن شاهد مواقع عدة لإطلاق صواريخ، بالقرب من القرية الخضراء في سوريا.

وبينما لم يذكر هذا المسؤول، أي دولة في التحالف نفذت الضربات ولا المسؤول عن مواقع الإطلاق، استهدفت قوات الميليشيات -المدعومة من إيران- بين الحين والآخر القوات الأمريكية في العراق وسوريا.

وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي: رغم تغيير مهمة القوات الأمريكية في العراق، فإن القوات لا تزال في بيئة خطرة، وتحتفظ بالقدرة على الدفاع عن نفسها، مشيرًا إلى أن واشنطن ترى تهديدات ضد قواتها في العراق، من جماعات مسلحة مدعومة من إيران».

 

مهمة استشارية

وتحولت مهمة القوات الأمريكية، من القتال إلى تقديم المشورة والمساعدة قبل أسبوعين، بموجب اتفاق بين الولايات المتحدة والعراق، إلا أنها مع ذلك معرَّضة للخطر.

ولأن إيران لاعب رئيس في العراق، فإن المسؤولين الأمريكيين قلقون من التهديدات التي تتعرَّض لها القوات الأمريكية في المنطقة، وهو ما أكده كيربي بقوله: «هذا ليس مصدر قلق جديد (..) أعتقد أننا رأينا في الأيام الماضية فقط، أن هناك أفعالًا ارتكبها بعض هذه الجماعات، تؤكد القلق الذي يساورنا بشأن سلامة شعبنا وأمنه».

وبحسب مراقبين، فإن تصاعد الهجمات الإيرانية على القواعد الأمريكية في العراق، يكشف عن رسائل إيرانية، تؤكد أنها لن تفرِّط في حق قاسم سليماني الذي اغتالته واشنطن، قبل عامين، في العراق، وهو ما أشار إليه الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي، الذي تعهد بالانتقام للواء قاسم سليماني، ما لم يحاكم مسؤولون أمريكيون عن اغتياله، أبرزهم الرئيس السابق دونالد ترامب.

 

وثيقة استخباراتية

سيناريو حذرت منه وثيقة أمنية للاستخبارات العراقية، كاشفة عن مخطط لميليشيات موالية لإيران، لاستهداف السفارة الأمريكية بصواريخ، انتقامًا لمقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

وأوصت الوثيقة التي نُشرت قبل يومين، بتكثيف الجهود الأمنية في بغداد، وإجراء عمليات تفتيش دقيقة، تخوفًا من أية عمليات إرهابية للميليشيات المسلحة الموالية لإيران.

تأتي تلك التحذيرات، قبل أيام من عقد البرلمان العراقي أولى جلساته بتشكيلته الجديدة، التي مُنيت فيها القوى الموالية لإيران بخسائر فادحة.

ووفقًا لمرسوم رئاسي، فإن رئيس الجمهورية العراقية برهم صالح، دعا مجلس النواب الجديد إلى الانعقاد في التاسع من يناير المقبل، معبرًا عن آماله بأن يتمكن من تشكيل حكومة فاعلة، تحمي مصالح البلد الآسيوي وتعزز سيادته.

تزامن تلك التهديدات والهجمات، مع قرب عقد البرلمان العراقي أولى جلساته، يكشف تحديات سياسية وأمنية جديدة أمام مجلس النواب المرتقب، ما يحتم على الأخير سرعة العمل لإنهاء تلك التحديات.

وبحسب مراقبين، فإن البرلمان المقبل، عليه مسؤوليات سياسية كبيرة، تتمثل في الحد من الوجود الإيراني في البلد الآسيوي، وتبني سياسات لتحييد المليشيات الإيرانية في العراق، وبدء التقارب مع دول الجوار، أملًا بإعادة البلد الآسيوي إلى محيطه العربي.