ما أهمية ماريوبول العسكرية لروسيا؟

الاستيلاء على ميناء ماريوبول، سيمكن روسيا من إنشاء ممر بري، بين المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا شرقي أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو عام 2014، كما ستمنح روسيا هيمنة على الساحل الأوكراني المطل على بحر أزوف.

ما أهمية ماريوبول العسكرية لروسيا؟

ترجمات - السياق

عددّت صحيفة التايمز البريطانية، المكاسب التي تسعى إليها روسيا، من خلال السيطرة على ميناء ماريوبول الأوكراني، مشيرة إلى أن الاستيلاء على هذا الميناء تحديدًا، هدية للقوات الروسية ومفتاح استراتيجي مهم، لتنفيذ خططها العسكرية.

رصد "التايمز" لأهمية ميناء ماريوبول بالنسبة للروس، يأتي بينما تشهد المدينة -التي تقع في الجزء الجنوبي الشرقي لأوكرانيا، والتي تعد منفذًا مهمًا على بحر آزوف- معارك شرسة بين الجيشين الروسي والأوكراني، وسط مناشدات توفير ممرات آمنة للمدنيين، كي يخرجوا من المدينة المحاصرة.

وذكرت الصحيفة البريطانية، أن الاستيلاء على ميناء ماريوبول، سيمكن روسيا من إنشاء ممر بري، بين المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا شرقي أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو عام 2014، مشيرة إلى أن هذه السيطرة ستمنح روسيا هيمنة على الساحل الأوكراني المطل على بحر أزوف.

وتشكل سيطرة موسكو على المدينة، آخر معاقل كييف على ساحل بحر أزوف، منعطفًا مهمًا في النزاع الذي تفجر في 24 فبراير الماضي، مع بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

 

تحت بصر روسيا

وكشفت "التايمز" أن الاهتمام الروسي بضم ميناء ماريوبول يعود إلى عام 2014، عندما حمل الانفصاليون السلاح في دونتسيك؛ حيث تعد ماريوبول ثاني أكبر مدينة في هذا الإقليم، مشيرة إلى أنه رغم إعلان وقف إطلاق النار في سبتمبر 2014 -ما عزز الآمال حينها في إنهاء القتال- فإنه أوائل عام 2015، سقط وابل من صواريخ غراد، على الجزء الشرقي من المدينة.

وتعليقًا على ذلك، نقلت "التايمز"عن يوهان ميشيل، المحلل البحثي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) في لندن، قوله: ماريوبول تقاوم الغزو الروسي منذ عام 2014، ولذلك ستظل هدفًا رئيسًا للقوات المدعومة من روسيا.

وأوضح -وفقًا للصحيفة- أنه إذا استولت موسكو على ماريوبول، فإنهم سيطلقون أيدي القوات في الجبهة الأمامية، ويستغلونها على جبهات أخرى، مشيرًا إلى أن هذا التقدم يعد تطورًا عسكريًا مهمًا جدًا بالنسبة للروس، بينما يزيد قلق الأوكرانيين.

وعن أهمية الموقع الجغرافي للميناء، نقلت "التايمز"عن تقييم أعدته "جينس" وهي شركة عالمية للمخابرات متخصصة في الشؤون العسكرية والأمنية الوطنية والفضائية والمواصلات، تأكيده أن الموقع الجغرافي لميناء ماريوبول، التي تقع على بُعد 10 كيلومترات فقط من المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون المدعومون من روسيا، يمنحها أهمية استراتيجية خاصة، إضافة إلى أنها مدينة صناعية مهمة تشتهر بصناعة الحديد والصلب.

وشددت الصحيفة البريطانية -نقلا عن تقييم "جينس"- على أن موسكو تدرك جيدًا أن الاستيلاء على المدينة والسيطرة على مينائها الرئيسي، وكذلك الصناعات المهمة الموجودة بها، سيضعان ضغوطًا اقتصادية كبيرة على الحكومة الأوكرانية.

وأوضح التقييم، أن الاستيلاء على المدينة سيكون أيضًا مهمًا عسكريًا، لأنه سيحرر ست مجموعات تكتيكية، يصل قوام كل كتيبة روسية منها إلى 1000 فرد ، تركز مهامها في الاستيلاء على ماريوبول فقط.

ونقلت "التايمز"عن جوستين كرامب، المحلل العسكري، قوله: الصراع الأبرز يقع شمالي شرق ماريوبول، حيث تتشبث القوات الأوكرانية بأجزاء في دونباس، أو أعلى المركز باتجاه دنيبرو، أو تعزز التوجه نحو أوديسا عبر ميكولايف.

وأمام هذه التطورات، أوضح كرامب -وهو محارب قديم- أن المقاومة الأوكرانية كانت أقسى مما كان متوقعًا، حيث قاتل الأوكرانيون ببراعة في بعض الأماكن، وحرموا الجيش الروسي من استخدام الجسور والسكك الحديدية.

 

 

عزل المدينة

وترى "التايمز" أن هدف القوات الروسية الآن، هو عزل المدينة لتسهيل السيطرة عليها، مشيرة إلى أن السيناريو الأكثر ترجيحًا، أن تواجه القوات الأوكرانية، الموجودة على طول خط الاتصال السابق –خط المواجهة بين القوات الأوكرانية والانفصاليين قبل الغزو– إما عزلة لوجستية وإما تطويقًا محكمًا.

وبينّت أنه في حال عزل ماريوبول أو تطويقها، ستكون موسكو قادرة على توحيد المتمردين المدعومين منها شرقي أوكرانيا مع قواتها في شبه جزيرة القرم، مشيرة إلى أن هذا التقدم إنجاز رمزي مهم، من شأنه تسليط الضوء على التوسع الروسي.

ونقلت الصحيفة البريطانية، عن مسؤولين غربيين -رفضوا ذكر أسمائهم- تأكيدهم أن تطويق القوات الأوكرانية في الشرق، كان أمرًا بالغ الأهمية لنجاح العملية العسكرية، لأن هذه القوات هي الأكثر فاعلية وقدرة وتدريبًا وتجهيزًا في البلاد، مشيرين إلى أن السهولة التي يكون بها الاستيلاء على ماريوبول بعد القصف الشديد، يمكن أن تؤثر في وِجهات النظر والتكتيكات الروسية في المستقبل.