عام في البيت الأبيض.. هل فشل الرئيس بايدن؟
كانت الأشهر الستة الثانية من إدارة بايدن مُحبطة أيضًا، فقد سمح ظهور متغيرات جديدة من كورونا، مثل دلتا وأوميكرون، جنبًا إلى جنب مع رفض أعداد كبيرة من الأمريكيين للتطعيم ضد الوباء بالانتشار مرة أخرى، بينما أخطأ البيت الأبيض في تقدير المخاطر قصيرة المدى، التي ينطوي عليها الانسحاب السريع من أفغانستان.

ترجمات - السياق
واجه الرئيس الأميركي جو بايدن، منذ وصوله إلى البيت الأبيض قبل عام، أزمات سياسية داخلية وخارجية، كان أبرزها انسحاب بلاده من أفغانستان، ومفاوضات فيينا بشأن الاتفاق النووي، بجانب جائحة كورونا التي أثرت في الاقتصاد الأميركي.
"لا تصفوا جو بايدن بالرئيس الفاشل"، تحت هذا العنوان، كتب المؤرخ والأكاديمي الأمريكي غاري جيرستل، مقالًا في صحيفة الغارديان، قال فيه إن الرئيس الأمريكي فشل حين أعلن أن فاتورة "بيلد باك بيتر" وهي فاتورة البنية التحتية الاجتماعية البالغة تريليوني دولار انتهت، إضافة إلى "جهوده الفاشلة الأسبوع السابق لتنشيط الحملة من أجل حقوق التصويت، وهو ما دفع العديد من التقدميين للانضمام إلى جوقة الأصوات الوسطية واليمينية، التي تعلن أن بايدن رئيس فاشل".
ويرى الكاتب أن "هناك أسبابًا وجيهة لخيبة الأمل في صفوف التقدميين"، إلا أنه عاد ليؤكد أن "عليهم الامتناع عن إلقاء اللوم المفرط على بايدن نفسه وفقدان الأمل، حتى لا نعود خطوة إلى الوراء".
سيطرة ضعيفة
واعتبر جيرستل، أن سيطرة الحزب الديمقراطي على الكونغرس كانت ضعيفة، رغم أن "التقدميين حققوا عام 2021 بقيادة بيرني ساندرز وإليزابيث وارين في مجلس الشيوخ وأليكساندرا أوكاسيو كورتيز في مجلس النواب، تأثيرًا في الحزب الديمقراطي، لم يتمتعوا به منذ ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي".
ورغم ذلك، يضيف الكاتب: "قُسم مجلس الشيوخ بالتساوي بين الديمقراطيين والجمهوريين، إذ كان التصويت من نائبة الرئيس كامالا هاريس مطلوبًا لوضع الديمقراطيين في منطقة الأغلبية... وفي غضون ذلك، كانت لمجلس النواب أغلبية ديمقراطية تسعة فقط 222 إلى 213".
وقارن الكاتب بين أغلبية بايدن التي وصفها بالعارية، وأغلبية الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين رزفلت، قائلًت: إن الصفقة التحويلية التي أطلقها روزفلت عام 1933 استندت إلى الأغلبية الساحقة من الديمقراطيين في الكونغرس (58 إلى 37 في مجلس الشيوخ و 313 إلى 122 في مجلس النواب)، مشيرًا إلى أنه "لو كان روزفلت مثقلًا بأغلبية بايدن العارية، لما كانت الإنجازات الأسطورية التي حققها خلال مئة يوم له (15 تشريعًا منفصلًا أقرها الكونغرس بين مارس ويوليو 1933) لم تتحقق"؟
وأوضح أنه خلال الأشهر الستة الأولى من ولاية بايدن، جرى تمرير خطة الإنقاذ الأمريكية التي تبلغ تكلفتها تريليوني دولار أوائل مارس 2021 بتمويل استثمارات حكومية ضخمة في إنتاج لقاح كورونا وتوزيعه، وحفز النمو الاقتصادي والتوظيف، وخفض فقر الأطفال بشكل ملحوظ.
وأضاف أنه "بعد الوباء، تجاوزت إدارة بايدن هدفها المتمثل في تلقيح 100 مليون أمريكي أول 100 يوم، وفي غضون ذلك، كان مشروع قانون البنية التحتية المادية بتريليون دولار بدعم من الحزبين، في طريقه لإقراره في مجلس الشيوخ المترنح".
وعلى غرار سابقتها -يتابع جيرستل- كانت الأشهر الستة الثانية من إدارة بايدن مُحبطة أيضًا، فقد سمح ظهور متغيرات جديدة من كورونا، مثل دلتا وأوميكرون، جنبًا إلى جنب مع رفض أعداد كبيرة من الأمريكيين للتطعيم ضد الوباء بالانتشار مرة أخرى، بينما أخطأ البيت الأبيض في تقدير المخاطر قصيرة المدى، التي ينطوي عليها الانسحاب السريع من أفغانستان، وأمام ذلك كله انفجر التضخم لأعلى مستوى له، عندما ولّد الوباء مشكلات في سلسلة التوريد، وتحولات عميقة في هيكل الطلب على السلع والخدمات.
طاقة نظيفة
ورأى جيرستل أنه إذا "مُرِّر مشروع قانون بيلد باك بيتر، سيدفع الولايات المتحدة إلى مستقبل من الطاقة النظيفة، ويقلل بشكل حاد من فقر الأطفال، ويحسن الخدمات بشكل كبير لرعاية المسنين، وكلية مجتمعية مجانية، وإسكان ميسور التكلفة، ورعاية صحية موسعة، وإصلاح الهجرة".
وأوضح أن مشروع "بيلد باك بيتر" يتلقى الكثير من التدقيق، كما أثير حوله عدد من الأسئلة، منها: "لماذا هناك العديد من المبادرات المختلفة في مشروع قانون واحد؟.. وأي من هذه البرامج يمكن أن تتحمله الحكومة حقا؟.. وهل يؤدي تمرير مشروع القانون إلى زيادة التضخم؟".
وللإجابة عن هذه الأسئلة، دعا الكاتب، الرئيس الأمريكي إلى ضرورة تنفيذ مكونين أو ثلاثة من قانون "بيلد باك بيتير" مع كون الطاقة النظيفة ورعاية الطفولة المبكرة هي الأكثر أهمية، كما دعا بايدن إلى تعزيز تصميم المدعي العام، ميريك غارلاند، على تخفيف الوزن الكامل للقانون على متمردي 6 يناير.
كان الجنرال ميريك جارلاند تعهد مؤخرًا، بمحاسبة المتورطين "على أي مستوى" في أعمال الشغب، سواء كانوا حاضرين أثناء الاشتباك أم لا.
إزاحة ترامب
وفي خطابه بوزارة العدل الذي وُصف بأنه تحديث للموظفين بشأن تحقيق التمرد، رد جارلاند ضد النقاد الذين شككوا في التزامه باستهداف بقوة أولئك الذين ربما نظموا أعمال الشغب أو حرضوا عليها، ووصف التحقيق بأنه "الأكبر والأكثر تعقيدًا والأكثر كثافة في استخدام الموارد" في تاريخ القسم، وأشار إلى أن مثل هذه التحقيقات تستغرق وقتًا، وقال: "سنتبع الحقائق، وليس جدول أعمال أو افتراض... الحقائق تخبرنا إلى أين نذهب بعد ذلك".
وردًا على ذلك، قال الكاتب: إن "لدى الأعضاء السابقين في إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وحلفائهم سببًا للخوف من احتمال اتهامهم أيضًا بالتآمر على الفتنة".
وأضاف: "ليس من قبيل الصدفة أن عدد الجمهوريين المستعدين لانتقاد ترامب علنًا آخذ في الازدياد، سوف يرد ترامب بقوة مرة أخرى، في محاولة لإعادة تأكيد سيطرته على الحزب الجمهوري، لكن يمكن لبايدن استخدام الفوضى الأولية في الحزب والتهديد بعودة الترامبية لصالحه، إذا كان هناك أي شيء يمكن أن يقنع المستقلين بالإدلاء بأصواتهم للديمقراطيين في انتخابات عام 2022، فسيكون خوفهم من أن ترامب والحركة الاستبدادية التي يقودها، يشكلان أخطر تهديد لمستقبل أمريكا وديمقراطيتها".
وقال الكاتب إن إزاحة الجمهوريين من السلطة الوطنية، عبر فترات طويلة من الزمن، يعني الفوز ليس فقط بالبيت الأبيض والكونغرس لكن أيضًا في دور الدولة، حيث وُضعت القواعد التي تحكم الانتخابات في أمريكا منذ فترة طويلة، وأضاف: "ليست بالمهمة السهلة بالتأكيد، لا سيما بالنظر إلى إرادة الحزب الجمهوري الشديدة إلى العودة للسلطة، لكن لن تكون هذه المرة الأولى التي يقوى فيها التقدميون -في مواجهة المحنة- أنفسهم على مسيرة طويلة تحتاج إلى نفس طويل".