بيونغيانغ تختبر منظومة جديدة لصواريخ عابرة للقارات.. وواشنطن: تصعيد خطير

أجرت كوريا الشمالية ثلاثة اختبارات لصواريخ عابرة للقارات، كان آخرها في نوفمبر 2017 لصاروخ -هواسونغ-15- القادر على بلوغ واشنطن وباقي أراضي الولايات المتحدة

بيونغيانغ تختبر منظومة جديدة لصواريخ عابرة للقارات.. وواشنطن: تصعيد خطير

السياق

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، أن اختبارين صاروخيين أجرتهما كوريا الشمالية مؤخرًا، كانا لمنظومة جديدة لصواريخ بالستية عابرة للقارات، في ما وصفه مسؤول أميركي بأنه "تصعيد خطير" سيرد عليه عبر فرض عقوبات جديدة.

وذكرت كوريا الشمالية أن اختباري 26 فبراير و4 مارس تركّزا على تطوير قمر صناعي استطلاعي، لكن "البنتاغون" أشار إلى أن تحليلًا دقيقًا خلص إلى أنهما كانا في الواقع تجربتين للتمهيد لعملية إطلاق صاروخ عابر للقارات.

وتشير أي عملية إطلاق من هذا القبيل، إلى تخلي بيونغ يانغ عن قرارها منذ 2017 بوقف هذه التجارب، وستؤدي إلى توتر عسكري يتجاوز شبه الجزيرة الكورية.

وأجرت كوريا الشمالية ثلاثة اختبارات لصواريخ عابرة للقارات، كان آخرها في نوفمبر 2017 لصاروخ "هواسونغ-15" القادر على بلوغ واشنطن وباقي أراضي الولايات المتحدة.

وأفاد الناطق باسم "البنتاغون" جون كربي، بأن الاختبارين الأخيرين كانا "مرتبطين بمنظومة صواريخ بالستية عابرة للقارات" كشفت بيونغ يانغ النقاب عنها أول مرة، خلال عرض عسكري في أكتوبر 2020.

ولم تظهر أي من عمليتي الإطلاق، مدى الصواريخ العابرة للقارات ولا قدراتها، لكن من الواضح أن الهدف منها كان "تقييم هذه المنظومة الجديدة قبل إجراء اختبار في المستقبل، تحت ستار عملية إطلاق مرتبطة بالفضاء".

وأكّدت كوريا الجنوبية تقييم الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن الدولتين المتحالفتين أمنيًا "قررتا نشر التقييم نظرًا إلى أنه يتعيّن على المجتمع الدولي اتّخاذ موقف موحّد" ضد بيونغ يانغ.

وذكرت وزارة الدفاع اليابانية، أنها خلصت إلى النتائج نفسها، موضحة أن ارتفاع المقذوف بعملية الإطلاق في فبراير بلغ 600 كلم وحلّق على مسافة نحو 300 كلم، بينما حلّق مقذوف مارس على ارتفاع 550 كلم ومسافة 300 كلم أيضًا.

ووصفت الاختبارات بأنها "تهديد للأمن والسلام(...) لا يمكن التسامح معه إطلاقًا".

وقبل اختباراتها لصواريخ عابرة للقارات عام 2017، نفّذت كوريا الشمالية سلسلة عمليات قوية لإطلاق صواريخ، أصرّت على أنها جزء من برنامج مدني واسع للفضاء.

كانت عمليات الإطلاق هذه من "محطة سوهاي لإطلاق الاقمار الصناعية" على الساحل الشمالي الغربي. وذكرت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية الجمعة، أن الزعيم كيم جونغ أون زار المنشأة وأمر بتوسيعها وتطويرها، في خطوة تعزز التكهنات باختبار وشيك ومقنّع لصاروخ بالستي عابر للقارات.

 

عقوبات جديدة

تخضع كوريا الشمالية لعقوبات دولية قاسية، على خلفية برنامجها للصواريخ والأسلحة النووية.

لكن مسؤولًا رفيعًا في الإدارة الأميركية، لفت إلى أن الاختبارات الأخيرة تمثّل "تصعيدًا خطيرًا" بينما ستعلن وزارة الخزانة إجراءات جديدة الجمعة، للمساعدة في منع بيونغ يانغ من الوصول إلى "معدات أجنبية وتكنولوجيا" تساعدها في تطوير هذا البرنامج.

وقال المسؤول -الذي اشترط عدم كشف هويته- إن إجراءات من هذا النوع تؤكد أن "أنشطة كوريا الشمالية -غير القانونية والمزعزعة للاستقرار- ستكون لها عواقب" وأن المفاوضات الدبلوماسية المسار الوحيد، الذي يمكن لبوينغ يانغ اتّباعه للمضي قدمًا.

بدوره، أوضح كربي أن واشنطن "لا تزال ملتزمة بالنهج الدبلوماسي" لكنها "تتخذ التدابير اللازمة لضمان أمن الولايات المتحدة وحلفائنا".

وردّا على أسئلة الصحفيين بشأن احتمال فرض عقوبات إضافية بعد الإعلان الأميركي، قال رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا: "بالنسبة للإجراءات المستقبلية، ستدرسها اليابان من منظور الدبلوماسية والعقوبات، بينما تواصل التعاون مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية".

 

تسعة اختبارات

عندما كشف الصاروخ البالستي الجديد العابر للقارات، خلال عرض عام 2020، قال محللون عسكريون إنه يبدو كأنه أكبر صاروخ يمكن نقله برًا ويستخدم الوقود السائل في العالم، وصُمّم على الأرجح لحمل رؤوس حربية في "مركبات إعادة دخول متعددة مستهدفة بشكل مستقل".

ويحذّر المراقبون المتخصصون في شؤون كوريا الشمالية، من أن المعدات التي تستعرضها بيونغ يانغ -خلال عروضها العسكرية- قد تكون نماذج غير حقيقية، وأن لا أدلة على أنها قابلة للتشغيل حتى اختبارها.

كانت بيونغ يانغ ملتزمة بقرار اتّخذته بوقف اختبار الصواريخ البالستية العابرة للقارات والأسلحة النووية، منذ أجرى كيم جونغ أون اتصالات دبلوماسية بالرئيس الأميركي حينذاك دونالد ترامب عام 2017.

وجمّدت المحادثات، بينما انهارت الجهود الدبلوماسية، رغم جهود إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لعقد محادثات.

وبدأت كوريا الشمالية التلميح -في يناير- إلى أنها قد تتراجع عن قرارها بوقف التجارب، وأجرت تسعة اختبارات أسلحة هذا العام، بما في ذلك لصواريخ فرط صوتية محظورة وصواريخ بالستية متوسطة المدى.

كما أجرت بيونغ يانغ عمليات إطلاق صواريخ أدانتها الولايات المتحدة وغيرها من الدول، التي رأت أنها تجارب مستترة لصواريخ بالستية بعيدة المدى.

وسيمثّل أي إطلاق لصاروخ بالستي عابر للقارات، تحديًا مبكرًا لرئيس كوريا الجنوبية الجديد المنتخب يون سوك يول، الذي تعهّد باتباع نهج متشدد حيال استفزازات جارة بلاده الشمالية.

ولم يستبعد يون إمكانية إطلاق حوار مع بيونغ يانغ، لكن محللين يشيرون إلى أن موقفه المتشدد، يخفض احتمالات أي تعاون ملموس.