إجلاء آلاف المدنيين من مدينة سومي الأوكرانية.. وبدء هدنة جديدة

ذكرت الحكومة الأوكرانية أن نحو 300 ألف مدني، عالقون في ماريوبول المرفأ الاستراتيجي الرئيس، الواقع على بحر آزوف جنوبي شرق البلاد

إجلاء آلاف المدنيين من مدينة سومي الأوكرانية.. وبدء هدنة جديدة

السياق

بعد مرور نحو أسبوعين من الغزو الروسي لأوكرانيا، تمكن آلاف المدنيين الفرار من مدينة سومي، شمالي شرق البلاد، حيث وعدت القوات الروسية بهدنة جديدة الأربعاء، بالمقابل أعلنت السلطات الأوكرانية حالة التأهب الجوي، صباح اليوم الأربعاء، في كييف والمناطق المحيطة، وحثت السلطات السكان على الذهاب إلى الملاجئ في أسرع وقت ممكن.

وقال حاكم منطقة كييف في برقية، أوليكسي كوليبا، "منطقة كييف باتت في حالة تأهب جوي. هناك تهديد بشن هجوم صاروخي. على الجميع الذهاب إلى الملاجئ فورا".

إلى ذلك، نقلت وسائل إعلام أوكرانية، عن نائب رئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية كيريلو تيموشنكو قوله إنهم أجلوا أكثر من خمسة آلاف شخص -حتى الآن- من مدينة سومي الواقعة على بعد 350 كيلومترًا شمالي شرق كييف.

وتمكنت قرابة ستين حافلة في قافلتين، من تأمين هؤلاء المدنيين ومعظمهم من والنساء والأطفال وكبار السن، كما أوضح تيموشنكو -الثلاثاء- من دون أن يذكر أرقامًا.

كانت السلطات الأوكرانية أعلنت -صباح الثلاثاء- إقامة ممر إنساني لإجلاء المدنيين من مدينة سومي القريبة من الحدود الروسية، ويتجاوز عدد سكانها 250 ألف نسمة، وتشهد معارك طاحنة منذ أيام.

 

استمرار الاجلاء

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في تسجيل فيديو مساء الثلاثاء: "لكن هذا يمثل واحدًا بالمئة فقط مما يجب علينا، ومما يتوقعه شعبي، وما يتوقعه الأوكرانيون العالقون في مناطق القتال".

وأكد الجيش الروسي أن وقفًا جديدًا لإطلاق النار، يفترض أن يدخل حيز التنفيذ -الأربعاء- للسماح بإجلاء المدنيين الآخرين.

لكن هذا الإعلان لم يمنع روسيا -بحسب إدارة الطوارئ الأوكرانية- من قصف بلدة مالين الصغيرة مساء الثلاثاء، في منطقة جيتومير غربي كييف، ما أدى إلى قتل خمسة أشخاص بينهم رضيعان، وتدمير سبعة منازل.

وتستمر عمليات إجلاء المدنيين في منطقة كييف، رغم إطلاق نار على ممرات إنسانية، حسب رئيس الإدارة المحلية أوليكسيتش كوليبا.

وكييف -بسكانها البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة- معزولة عن بقية البلاد من ثلاث جهات، فالقتال يحتدم في ضاحيتيها الشمالية والغربية، والطرق باتجاه الشرق مغلقة بدبابات روسية وحقول ألغام.

 

مغادرة الأطفال

في إيربين، رأى صحفيو وكالة فرانس برس مئات الأشخاص ينتظرون عبور النهر، الذي يحمل الاسم نفسه، سيرًا على الأقدام، على ألواح خشبية مؤقتة وأنقاض هياكل معدنية باتجاه كييف، على المحور الوحيد الذي لم يحتله الجيش الروسي.

وقالت الشرطة الأوكرانية، إن نحو ألفي شخص استطاعوا الفرار من هذه المنطقة.

ومثل كثيرين غيره، لم يكن أوليكسي إيفانوفيتش (86 عامًا) يريد مغادرة منزله، حتى عندما قصفت الدبابات الروسية -التي قدمت من الشمال- بلدة بوتشا المجاورة واستولت عليها، ثم استولت على جزء من إيربين. وقال مستندًا إلى ذراع زوجته أولكساندرا (81 عامًا): "ابني وحفيدي هما اللذان طلبا أن نرحل".

وعلى مشارف العاصمة، يحاول السكان اليائسون مغادرة بوتشا. وقالت آنا التي تقيم في المنطقة لـ "فرانس برس": "أهم شيء هو إخراج الأطفال، هناك عدد كبير من الأطفال والنساء".

وذكرت الحكومة الأوكرانية أن نحو 300 ألف مدني، عالقون في ماريوبول المرفأ الاستراتيجي الرئيس، الواقع على بحر آزوف جنوبي شرق البلاد.

 

طوابير سيارات

في الجنوب، في ميكولايف القريبة من أوديسا، امتدت طوابير سيارات مكتظة بالمدنيين الفارين من القتال لأميال، بينما سُمعت أصوات إطلاق النار من خط الجبهة، حسب صحفية من "فرانس برس".

ودفع النزاع -الذي بدأ في 24 فبراير- أكثر من مليوني شخص إلى مغادرة الأراضي الأوكرانية، بحثًا عن ملاذ آمن في الخارج. وقد توجه معظمهم إلى بولندا حسب الأمم المتحدة، بينما تتوقع أوروبا أن تستقبل خمسة ملايين لاجئ.

 

تعليق استيراد الغاز الروسي

قررت الولايات المتحدة –الثلاثاء- تعليق استيراد النفط والغاز الروسي، متولية بذلك مبادرة قيادة المعسكر الغربي، في العقوبات المفروضة على موسكو، منذ الهجوم على أوكرانيا.

وأعلنت بريطانيا أنها ستوقف -بحلول نهاية العام الجاري- مشترياتها من النفط الخام والمنتجات النفطية الروسية.

من جهته، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن، أن قراره "سيشكل ضربة قوية أخرى" إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين" ولتمويل حربه ضد أوكرانيا.

وعبر زيلينسكي -مساء الثلاثاء- عن شكره الحار لنظيره الأميركي على "هذه الإشارة إلى القوة القصوى الموجهة إلى العالم".

ودعا الرئيس الأوكراني الاتحاد الأوروبي، إلى اتباع الخطوات نفسها، عبر تبني "إجراءات صارمة وعقوبات ضد روسيا بسبب حربها"، لكن من أن دون يدعو -بشكل مباشر- إلى فرض حظر أوروبي على النفط أو الغاز.

ويرفض الأوروبيون، الذين يعتمدون على الخام الروسي لتلبية ثلاثين بالمئة من حاجاتهم، الذهاب إلى هذا الحد.

وتتعرَّض شركات عدة لضغوط الرأي العام. وستغلق سلسلتا المطاعم الأميركيتان ماكدونالدز وستاربكس محلاتها في روسيا، بعد قرار مماثل للمجموعة العملاقة لمستحضرات التجميل العالمي لوريال. كما أعلنت شركة كوكاكولا تعليق عملياتها في البلاد.

وتبين أن تنفيذ قرارات تقديم المساعدة العسكرية الغربية، أصعب مما كان متوقعًا.

فقد اعتبرت الولايات المتحدة أن اقتراح وارسو بتسليم طائراتها من طراز ميغ-29 إلى الجيش الأمريكي، لنقلها بعد ذلك إلى أوكرانيا أمر "غير قابل للتنفيذ".

كانت بولندا أعلنت –الثلاثاء- أنها مستعدة "لنقل كل طائراتها من طراز ميغ-29 من دون تأخير ومجانًا إلى قاعدة رامشتاين (في ألمانيا) ووضعها بتصرف حكومة الولايات المتحدة".

 

أسبوعان من المعارك

بعد نحو أسبوعين من بدء الهجوم، واصلت القوات الروسية انتشارها حول المدن الكبرى أو تكثيف قصفها، كما أكد مسؤولون أوكرانيون.

وذكرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن رتلًا روسيًا جديدًا يتقدم نحو كييف من الشمال الشرقي، بينما توقف الرتل الرئيس -القادم من الشمال- منذ أيام.

وقال "البنتاغون": "بين ألفين وأربعة آلاف جندي روسي قُتلوا في أوكرانيا منذ بدء الهجوم".

كانت روسيا أعلنت -في الثاني من مارس- قتل 497 جنديًا في صفوفها، لكنها لم تقدِّم أي تحديث لحصيلة خسائرها.

من جهة أخرى، أكد الرئيس الأوكراني عبر الفيديو من كييف، لمجلس العموم البريطاني، مساء الثلاثاء: "سنقاتل حتى النهاية".

وفي مقابلة مع قناة التلفزيون الأميركية "إيه بي سي نيوز" قال زيلينسكي إنه لم يعد مصرًا على انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، إحدى القضايا التي تذرعت بها موسكو لتبرير الغزو.

وأوضح زيلينسكي أنه مستعد "لحل وسط" بشأن وضع الأراضي الانفصالية شرقي أوكرانيا، التي اعترف فلاديمير بوتين باستقلالها من جانب واحد.

وتخشى الولايات المتحدة إمكانية سيطرة القوات الروسية على منشآت للأبحاث البيولوجية في أوكرانيا، ومصادرة مواد حساسة، بينما تظهر مخاوف جديدة بشأن مركز تشرنوبل النووي.

وقالت فيكتوريا نولاند، مساعدة وزير الخارجية الأميركي، خلال جلسة استماع: "أوكرانيا تمتلك منشآت أبحاث بيولوجية، ونحن في الواقع قلقون من احتمال أن تحاول القوات الروسية السيطرة عليها".

من جهتها، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أنها فقدت الاتصال بالأنظمة التي تتحكم عن بُعد في المواد النووية لمحطة تشيرنوبيل للطاقة.