محاولات إخوانية لعرقلة انتخابات ليبيا... فهل تنجح مساعي التنظيم؟
محاولة أخرى لتنظيم الإخوان، للتحايل على قانون انتخاب الرئيس، بعد أن وجد الرد الذي وُصف بالعنيف من البرلمان الليبي، عبر تصويته وإصداره قانون انتخاب السُّلطة التشريعية، وقانون انتخاب الرئيس، متجاهلًا دوره الاستشاري، الذي لا يمنحه حق إصدار القوانين.

السياق
محاولات حثيثة لتنظيم الإخوان في ليبيا، لتعطيل العملية الدستورية في البلد الإفريقي، في مساعٍ لوقف عجلة الانتخابات، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، أملًا في إبقاء الأوضاع على ما هي عليه، تخوفًا من أي سيناريوهات قد تطيحه من المشهد.
فيومًا تلو الآخر، لا ينفك عن وضع العراقيل، أمام أية خطوة من شأنها الدفع بقطار الانتخابات، تارة بمعارضته على لسان ما يعرف بـ«المجلس الأعلى للدولة» الذي يرأسه أحد قادة التنظيم الإخواني خالد المشري، قانون انتخاب الرئيس الذي أصدره البرلمان الليبي، وتارة أخرى بمحاولة التحالف والطعن عليه أمام القضاء الليبي.
إلا أنه شط في محاولاته، وأصدر قاعدة دستورية للسُّلطة التشريعية والتنفيذية من 63 مادة، وأرسلها إلى مجلس النواب للتصويت عليها، في تجاهل متعمد لاختصاصاته الاستشارية، التي لا تعطيه صلاحية إعداد أو إصدار القوانين.
«السياق» سلَّطت الضوء في أحد تقاريرها، على محاولتين في أسبوع واحد لتنظيم الإخوان، لتعطيل خارطة الطريق في ليبيا، وأسباب سعيه الدؤوب لتحقيق أهدافه، وسيناريوهات نجاحه أو فشله في خطته، التي بدأها بمحاولة ما يعرف بـ«المجلس الأعلى للدولة»، الذي يرأسه الإخواني خالد المشري، جر القضاء إلى حلبة الصراع.
عقد الدائرة الدستورية
وطالب مجلس المشري، المجلس الأعلى للقضاء، بعقد الدائرة الدستورية المغلقة منذ 6 سنوات، للطعن على قانون «انتخاب الرئيس»، الذي أصدره البرلمان الليبي قبل أيام، الذي توعد حينها بخيارات أخرى، للرد على مجلس النواب.
إلا أن المستشار محمد الحافي، رئيس المحكمة العليا رئيس المجلس الأعلى للقضاء، أكد في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، أن ما تداولته بعض الصفحات من عقده اتفاقًا مع خالد المشري رئيس مجلس الدولة، على انعقاد الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، للنظر في الطعن على قانون انتخاب الرئيس الصادر موخرًا عن البرلمان.
وقال الحافي، إن طلب استئناف عمل الدائرة الدستورية المقدَّم من أطراف عدة، سيعرض على الجمعية العمومية للمحكمة العليا صاحبة القرار.
بيان حاسم
بيان الحافي، ردت عليه لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان الليبي، أعربت فيه عن استغرابها، من الدعوة لعقد هذه الدائرة التي ظلت مغلقة 6 سنوات، «عندما كان ثلة من خيرة القانونيين، يحاولون وضع حد لعبث المجلس الرئاسي السابق ورئيسه الذي أطلقت يده على السلطة التنفيذية والتشريعية والعسكرية والمال العام بلا رادع، في مخالفة للإعلان الدستوري وتعديلاته وحتى للاتفاق السياسي».
وقالت اللجنة، في البيان الذي اطعلت «السياق» على نسخة منه، إن تفعيل الدائرة الدستورية، يأتي بناءً على مطالبات أثارها قادة تنظيم الإخوان، وعلى رأسهم رئيس ما يعرف بـ«المجلس الأعلى للدولة» خالد المشري.
وبينما قالت إنها ستجهز دعوى، عبر فريق قانوني خلال اليومين المقبلين، من خلال القنوات المعلومة، تتضمن طعونًا دستورية، حذَّرت من أن تكون تصريحات الإخوان المسلمين، محاولة لجر القضاء في أتون صراع سياسي، ما يؤدي إلى فقدان الثقة فيه، واعتباره طرفاً في النزاع.
دعاوى قانونية
وتضمن كتاب اللجنة إلى المجلس الأعلى للقضاء، بعض الدعاوى التي سترفعها، حال فتح الدائرة الدستورية، بينها طعن في دستورية الاتفاقية الأمنية والعسكرية الموقعة في نوفمبر 2019 بين رئيس المجلس الرئاسي السابق فايز السراج والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالمخالفة لكل التشريعات والقوانين.
وستتضمن الدعاوى، الطعن في دستورية قرارات أصدرها رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، بصفته وزيراً للدفاع من دون سند دستوري ينص على تسميته في هذا المنصب، إضافة إلى الطعن في دستورية المجلس الرئاسي الحالي- صفة/ القائد الأعلى للقوات المسلحة، على اعتبار أن الاتفاق السياسي (خريطة الطريق) لم يتم تضمينه في الإعلان الدستوري.
كما ستتضمن الطعن في دستورية قرارات السراج، التي أصدرها منتحلًا صفة القائد الأعلى، وتعيينه رئيس أركان وتحديده مناطق عسكرية وتسمية أمراء لها، بالمخالفة لكل التشريعات والقوانين، إضافة إلى الطعن في دستورية اتفاقيات السراج مع إيطاليا، في ما يخص الهجرة غير القانونية، وقرارات عسكرية أخرى صدرت باسم المجلسين الرئاسي السابق والحالي ووزارة الدفاع الحالية والسابقة (منعدمة الصفة)، بالمخالفة للتشريعات والقوانين.
وأكدت اللجنة، أنها ستطعن على قرارات أخرى، صدرت بحقها أحكام وقف تنفيذ أو بطلان من القضاء الإداري، ولم تؤخذ بالاعتبار.
محاولة أخرى
محاولة أخرى لتنظيم الإخوان، للتحايل على قانون انتخاب الرئيس، بعد أن وجد الرد الذي وُصف بـ«العنيف» من البرلمان الليبي، عبر تصويته وإصداره قانون انتخاب السُّلطة التشريعية، وقانون انتخاب الرئيس، متجاهلًا دوره الاستشاري، الذي لا يمنحه حق إصدار القوانين.
وقال الناطق الرسمي باسم ما يعرف بـ«المجلس الأعلى للدولة» محمد عبدالناصر، إن المجلس اعتمد مشروعي قانوني انتخاب الرئيس وانتخاب مجلس الأمة المكون من غرفتين، هما النوّاب والشيوخ، مشيرًا إلى أنه سيحيل مشروع القاعدة الدستورية ومشروع قانوني انتخاب الرئيس ومجلس الأمة، إلى مجلس النواب للنظر في التوافق بشأنه.
إلا أن القانون الذي أصدره ما يعرف بـ«الأعلى للدولة»، جاء تفصيلًا لمنع بعض الشخصيات من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما اعتبره مراقبون عديم الأثر، مشيرين إلى أن القانون الذي اعتمده مجلس النواب، هو الذي ستجرى على أساسه الانتخابات المقبلة، وما عداه لا يعتد به.
وأكد المراقبون، أن «الأعلى للدولة»، يحاول عرقلة أي مسار من شأنه حلحلة الأزمة الليبية، وإثبات وجوده على الساحة، عبر إصدار قوانين لا تسمن ولا تغني من جوع، متعمدًا الخروج عن اختصاصاته التي حددها له الاتفاق السياسي، الموقَّع في الصخيرات عام 2015.
تسجيل الناخبين
يأتي ذلك، بينما أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، قبل يومين، انتهاء مرحلة تسجيل ناخبي الخارج، الذين بلغوا 10 آلاف و729 ناخبًا، بينهم 7 آلاف و296 رجلًا، و3 آلاف و433 امرأة.
وقالت مفوضية الانتخابات، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن أعلى مستويات تسجيل الناخبين في الخارج، كانت في بريطانيا بألفين و40 ناخبًا، لتأتي مصر في المرتبة الثانية بـ1290 ناخبًا، ثم أمريكا بـ997 ناخبًا.
وأكدت المفوضية، أن العدد الإجمالي للناخبين في الداخل والخارج، بلغ مليونين و865 ألفًا و624 شخصًا، بينهم مليون و628 ألفًا و305 رجال، ومليون و237 ألفًا و319 امرأة، مهنئة الليبيين الذين أدرجوا أسماءهم في سجل الناخبين.
وتسلَّمت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، قبل أيام، قانون انتخاب رئيس الدولة، الذي أقره البرلمان الليبي، مشيرة إلى أنه يتضمن 77 مادة توضح اختصاصات الرئيس، وشروط وإجراءات الترشح والاقتراع.
وتستعد ليبيا لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، بعد قرابة 100 يوم، في استحقاق ينظر إليه على أنه الأهم، خلال العشرية المنصرمة، الذي يدفع بالبلد الإفريقي إلى مرحلة أكثر استقرارًا، تتوحد فيها مؤسساته المنقسمة.