إعادة إعمار غزة.. خلاف بين الفصائل الفلسطينية على أموال المساعدات
قدَّر خبراء أن غزة بحاجة إلى مليارات الدولارات لإعادة إعمارها، بعد القتال الدامي، الذي ألحق أضراراً بالغة بالبنية التحتية.

السياق
تعرَّض قطاع غزة إلى خسائر فادحة، خلال القتال الذي يُعَدُّ الأعنف بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، خلال 11 يوماً، لكن توصُّل الطرفين إلى اتفاق على وقف إطلاق النار، فتح الباب أمام ملف إعادة إعمار القطاع.
غير أن ملف إعادة الإعمار، تسبَّب في خلاف بين الفصائل الفلطسينية، على الطرف الذي سيشرف على إعادة الإعمار، ووصول المساعدات عبر قنواته، إضافة إلى مخاوف إسرائيلية ودولية، من استغلال حماس للمساعدات الدولية، في إعادة تسليح نفسها.
وتسبَّب القتال، بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، في مقتل 232 شخصاً، و1900 جريح في غزة، إضافة إلى دمار هائل في القطاع، الذي سيحتاج إلى أموال طائلة لإعادة إعماره.
حماس تتحفَّظ
أجرى وفد أمني مصري مباحثات، خلال اليومين الماضيين، مع الفصائل الفلسطينية، لتثبيت الهدنة مع القيادة الفلسطينية، إضافة إلى ملف إعادة الإعمار.
وأعلنت حماس، خلال اجتماعها مع الوفد المصري، تحفُّظها على إشراف السلطة الفلسطينية على ملف إعادة إعمار غزة، حسب وسائل إعلام.
واقترحت أن يكون ملف إعادة الإعمار، من خلال لجنة وطنية يتم تشكيلها في غزة تضم متخصصين، وشخصيات عامة، وممثلين للفصائل، الأمر الذي يشير إلى خلافات بين الفصائل الفلسطينية على ملف الإعمار.
بدوره، أكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه، أن إعادة الإعمار في قطاع غزة، بحاجة إلى أفق سياسي، كي لا يتكرَّر الدمار.
وقال اشتيه، في جلسة للحكومة: إن غزة بحاجة إلى إغاثة فورية، وبرنامج لإعادة الإعمار، وآخر تنموي لتوفير فرص عمل، وإعادة تفعيل قدرة الاقتصاد، لافتاً إلى أن إعادة الإعمار تحتاج إلى تنسيق الجهود بيننا وبين المجتمع الدولي، والمتبرِّعين، وأهالي قطاع غزة، ومؤسساتنا الوطنية هناك.
بعد 11 يوماً من القتال.. من المنتصر في حرب غزة؟
إسرائيل ترفض
في المقابل، تتخوَّف الحكومة الإسرائيلية، من استغلال حماس لمساعدات إعادة إعمار القطاع، في إعادة تسليح نفسها، مُبدية حرصها الشديد على ضمان تدفُّق أموال إعادة الإعمار، بعيداً عن حماس.
وشدَّد وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، على ضرورة منع وصول الأموال والمساعدات المتعلِّقة بإعادة إعمار غزة لحركة حماس، وقال: "نسعى للتوصُّل إلى اتفاق، يسمح بدخول الأموال والمساعدات إلى غزة، من دون مرورها عبر حماس".
وأضاف غانتس: "يتعين تعزيز قوة السلطة الفلسطينية في غزة، من خلال تكليفها بمهمة الإشراف على إعادة ترميم قطاع غزة، وعدم نقل الأموال مباشرة إلى حماس"، وتابع: "نعمل مع مصر من أجل ذلك".
وكان الوفد الأمني المصري، قد أبلغ حماس بإصرار إسرائيل على أن تتم إعادة الإعمار، من خلال السلطة الفلسطينية والمؤسسات الدولية.
وتقول الحكومة الإسرائيلية، إن حركة حماس، ظلت تستخدم أموال إعادة الإعمار، في تشييد وحفر أنفاق تحت قطاع غزة، إضافة إلى تصنيع صواريخ، لكن في المقابل، تتمسَّك حماس بضرورة وصول أموال إعادة الإعمار، عبر قنواتها، وهو ما أكده خالد مشعل، رئيس الحركة في الخارج.
وقال مشعل، إن الحركة تفضِّل أن يتم توجيه مساعدات إعادة إعمار غزة من الدول "إلى قنواتنا مباشرة"، بحسب "وول ستريت جورنال".
لجنة دولية لإعمار غزة
بدورها، أكدت مصر التي تقود الوساطة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، حرصها على إشراف السلطة الفلسطينية على عملية إعادة الأعمار، وكشفت عن تشكيل لجنة دولية تضمها – مصر - للإشراف على إعادة الإعمار، حسب وسائل إعلام.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أعلن تقديم مصر 500 مليون دولار، لصالح عملية إعادة الإعمار في غزة، ووجَّه الشركات المصرية المتخصصة، بالاشتراك في تنفيذ إعادة إعمار غزة.
إلى ذلك أعلن صندوق "تحيا مصر" تخصيص حساب في كل البنوك المصرية لتلقي المساهمات، من داخل البلاد وخارجها، لإعادة إعمار غزة، وتلبية للاحتياجات المعيشية والدوائية للفلسطينيين.
كما أطلق الصندوق قافلة مساعدات إنسانية للقطاع، تتضمن أكثر من 100 حاوية، وصل بعضها إلى القطاع.
بايدن يتعهد
دولياً، تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن، بإرسال مساعدات على وجه السرعة إلى غزة، لكنه شدَّد على أن ذلك سيتم بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، حتى لا يتم السماح لحماس، بأن تعيد بناء ترسانتها العسكرية.
وأكد بايدن، أن الولايات المتحدة ستعمل مع الأمم المتحدة والجهات الدولية الأخرى، لتقديم مساعدة إنسانية عاجلة، وحشد الدعم الدولي لسكان غزة، ولجهود إعادة الإعمار.
بينما شدَّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، على عدم وصول مساعدات غزة إلى حماس، مضيفاً أن الأموال ستوجَّه إلى السلطة الفلسطينية والهيئات المستقلة.
ويرى خبراء، أن المواجهات الأخيرة بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، أثبتت قدرة هذه الفصائل، على بناء ترسانة من الصواريخ محلية الصنع، باستخدام مواد مدنية.
11 يوماً و8 مكالمات ووقف لإطلاق النار.. نظرة من الداخل على رد إدارة بايدن على أزمة غزة
تكلفة الإعمار
وفي ما يتعلق بالخسائر المادية في قطاع غزة، الذي يقطنه نحو مليوني نسمة، لم يتم إعلان إحصاءات أو تقديرات رسمية لحجم الخسائر التي لحقت بالقطاع، لكن ناجي سرحان، وكيل وزارة الأشغال والإسكان في القطاع، أوضح أن أكثر من 15 ألف وحدة دُمِّرت جزئياً بسبب القتال.
وقدَّر سرحان الخسائر المالية بسبب القتال، بملايين الدولارات، وأضاف أن التقييم ما زال مستمراً، بحسب وكالة أسوشيتدبرس.