لبنان.. تحالف حزب الله والتيار الوطني يتصدع والانتخابات في مهب الريح

قال التيار الوطني الحر، إنه يدرس إنهاء تحالفه السياسي مع حزب الله، ما يهدد اتحادًا ظل يشكل سياسات البلاد منذ سنوات.

لبنان.. تحالف حزب الله والتيار الوطني يتصدع والانتخابات في مهب الريح

السياق

لا يزال الغموض يكتنف مصير الانتخابات اللبنانية المقررة العام المقبل، جراء خلافات القوى السياسية، التي كانت آخرها محاولات الطعن في تعديلات قانون الانتخابات، من التيار الوطني الحر بزعامة جبران باسيل، والتي باءت بالفشل، في المقابل قال التيار الوطني الحر، إنه يدرس إنهاء تحالفه السياسي مع حزب الله، ما يهدد اتحادًا ظل يشكل سياسات البلاد منذ سنوات.

كان المجلس الدستوري اللبناني، رفض الطعن المقدم من تكتل "لبنان القوي" الذي يتزعمه التيار الوطني الحر، المحسوب على الرئيس ميشال عون، على تعديلات القانون التي أقرت في نوفمبر الماضي.

التعديلات التي تم إقرارها، وما تضمنته من محاور مرتبطة بتوقيت الانتخابات، وأصوات المغتربين، تزيح الستار عن حقيقة الثقل الشعبي للقوى السياسية الرافضة لها من جانب، وما يمكن أن يسفر عنه الاستحقاق الانتخابي المقبل، حال إتمامه، من تغيُّـر للتوازنات السياسية من جانب آخر.

 

مؤشر الشعبية

يقول جاد دميان، القيادي في حزب القوات اللبنانية، إن الانتخابات المقبلة ستتعرَّض للعديد من الألغام لمحاولة تأجليها.

وأشار منسق منطقة طرابلس، عضو المجلس المركزي في حزب القوات اللبنانية، في تصريح خاص لـ"السياق"، إلى أن العديد من الأحزاب السياسية اللبنانية لديها مصالح مباشرة بعدم إجراء الانتخابات.

وكشف دميان، أسباب رفض مجموعة ميشال عون حليف حزب الله للتعديلات، قائلًا إن "التيار الوطني الحر يعاني داخلياً، ومتخوف من أصوات المغتربين"، مشيرا إلى أنه قد "يعمد إلى عرقلة انتخابهم، من خلال زعزعة الوجود الدبلوماسي في الخارج، عبر وزارة الخارجية التابعة لفريقهم السياسي".

وفي ما يتعلق بموقف حزب الله، يؤكد القيادي في حزب القوات اللبنانية، أنه "يفضِّل المحافظة على الوضع الحالي، لإبقاء سيطرته على لبنان، كورقة للتفاوض" لتحقيق مصالحه الخاصة.

ونوه دميان إلى أن حزب الله "لا يريد نزع الغطاء المسيحي، في حال خسارة وتراجع عدد من نواب التيار الوطني الحر، مع تراجع شعبية باقي الأطراف السياسية، نتيجة الثورة والأزمات المتلاحقة".

 

تفكيك التحالف

تصريحات القيادي في حزب القوات اللبنانية، تشير أيضاً إلى أن تكلفة استمرار التحالف بين حزب الله والتيار الوطني الحر، مرتفعة بالنسبة للأخير مقابل العائد منها، خصوصًا مع تصاعد الغضب الشعبي من اختطاف مليشيات حزب الله للدولة اللبنانية، وهو ما أثر فيها إقليميًا ودوليًا.

فقد أشار التيار الوطني الحر، إلى أنه يدرس إنهاء التحالف مع حزب الله، بحسب شخصيات مقرَّبة من التيار، قالت لـ"رويترز" إن اتفاق "مار مخايل" الموقع في فبراير 2006 بين التيار الوطني الحر وحزب الله بلغ نهايته، وهو ما كتبه خليل شربل عضو التيار الوطني في تدوينة مقتضبة على "تويتر": "مخايل- مات".

ويعد هذا الاتفاق سببًا في دعم حزب الله لوصول الرئيس ميشال عون مؤسس التيار الوطني الحر، إلى السلطة عام 2016، وهو ما تبعه توفير غطاء سياسي مسيحي للوجود العسكري لمليشيات حزب الله.

وهنا، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي اللبناني عاصم عبدالرحمن لـ"السياق"، أن استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع "التيار الوطني الحر" في الانتخابات المقبلة، نتيجة التحالف مع حزب الله.

ولفت إلى أن المجلس الدستوري اللبناني، برفضه الطعن على التعديلات، أقر حصانة قانون الانتخابات، كما هو مطروح من مجلس النواب.

وأشار عبدالرحمن، المقرب من تيار المستقبل، إلى أن التيار الوطني الحر التابع للرئيس ميشال عون، يعمل على تأجيل الانتخابات "لأن الانتخابات الرئاسية ستكون بعد أقل من سنة، وهو (أي التيار الوطني الحر) يحلم بتمديد المجلس الحالي، لينتخب رئيساً للجمهورية، باعتبار أنه وفريق حزب الله يملكان أكثرية نيابية، وبذلك يفاوض على انتخاب جبران باسيل زعيمه الحالي لمنصب الرئيس، أو يظل مرشحًا قويًا للمنصب".

وكشف الكاتب اللبناني، أن تأجيل الانتخابات وارد، لكن هناك ضغوطًا دولية لإجرائها في ربيع 2022.

وقال: "الآن على رئيس الجمهورية اللبنانية، توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، وسبق أن أعلن أنه لن يوقعه ما لم تقرر الانتخابات في مايو بدلًا من مارس كما أوصى البرلمان".

وأقر مجلس النواب اللبناني، في نوفمبر الماضي، تقديم موعد الانتخابات من مايو إلى مارس 2022، وهو ما يرفضه التيار الوطني الحر وحليفه حزب الله.

ويعترض تكتل لبنان القوي بقيادة التيار الوطني (مجموعة الرئيس ميشال عون) أيضاً، على مساواة المغتربين مع المقيمين في انتخابات الـ128 نائبًا، ما يعني إسقاط ما أقره مجلس النواب قبل 4 سنوات، بحق اللبنانيين في الخارج بانتخاب 6 نواب فقط يمثلون كل الطوائف، ويشكلون دائرة جديدة تضاف إلى الدوائر الانتخابية المخصصة للمقيمين.

 

الانقسام السياسي

فتحي محمود، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، قال لـ"السياق"، إن فشل المجلس الدستوري في البت بالطعن المقدم من التيار الوطني الحر ضد قانون الانتخابات، كان متوقعًا، في ظل الانقسام السياسي والصراع بين نبيه برى رئيس مجلس النواب، وزعيم حركة أمل، وبين جبران باسيل زعيم التيار الوطني الحر وصهر رئيس الجمهورية.

وأشار إلى أن هذا الصراع لا يقتصر على قانون الانتخابات، وإنما يشمل أمورًا كثيرة، على رأسها سير التحقيقات في قضية انفجار المرفأ، وإبعاد المحقق طارق البيطار عن القضية، أو على الأقل غل يده عن التحقيق مع الوزراء والنواب الحاليين والسابقين، وعلى رأسهم التابعون لنبيه برى مثل علي حسن خليل وزير المالية الأسبق.

عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أكد في حديثه لـ"السياق"، أنه رغم الخلاف بين برى وباسيل على قانون الانتخابات، فإن الدلائل الخارجية والداخلية تؤشر إلى أن الانتخابات ستجرى قبل منتصف العام المقبل، من دون تأجيل.

ولفت إلى أن هناك ضغوطًا كبيرة على القوى اللبنانية خارجيًا، لإجراء الانتخابات في موعدها، مع تهديدات بعدم تقديم أي مساعدات حال تأجليها، وهو ما تجسد في تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عقب زيارته بيروت، التي كشف فيها أنه حصل على تعهدات واضحة من رؤساء الجمهورية والنواب والحكومة ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، بإجراء انتخابات تشريعية "حرة ومنصفة" مطلع مايو المقبل.

لكن لأن مسار الأمور في لبنان، بحسب فتحي محمود، يرتبط بالتسويات بين القوى المختلفة، هناك ملامِح تسوية يمكن أن تتبلور على قاعدة "التنازلات المتبادلة"، الهدف الرئيس منها البت بقضية البيطار وإبعاده عن التحقيقات، وإعادة تفعيل الحكومة وانتظام اجتماعاتها، والتوافق على تغيير بعض المواقع القضائية، مقابل إسقاط التعديلات التي أدخلها مجلس النواب على قانون الانتخابات، التي يشكو منها التيار الحر.

وتوقع أن تتم هذه التسوية، عقب إجازة أعياد الميلاد، لتشهد بداية العام الجديدة انفراجة سياسية في الوضع اللبناني.

 

أسباب الرفض

وفي قراءة لأسباب رفض التيار الوطني الحر للتعديلات على قانون الانتخابات، لاسيما انتخابات اللبنانيين في الخارج، قالت الدكتورة رابحة سيف علام، الخبيرة بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في "الأهرام"، إن التيار الحر كان يعتمد على ورقة اللبنانيين المغتربين، كأكبر حزب مسيحي في البلاد، بحسب تصوره.

وتتابع الدكتورة رابحة، أنه بعد الانتفاضة الشعبية الأخيرة في أكتوبر 2019، وسخط الشباب على العهد الرئاسي الحالي والغضب من باسيل جبران، أصبح الأخير يخشى تسريب أصوات المغتربين، بعيدًا عن التيار الوطني الحر، خصوصًا مع تحميله والرئيس اللبناني أسباب تدهور المعيشة وانشار الفساد في البلاد.

إذ إن تصويت المغتربين في كل الدوائر، بدلًا من تصويتهم في دائرة واحدة، من شأنه تغيير توازنات حقيقية في الانتخابات المقبلة، بحسب  الخبيرة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.