سماء لبنان وإسرائيل تتحول إلى حرب مفتوحة.. هل يتكرَّر سيناريو 2019؟
التصعيد العسكري، بدأ بإعلان الجيش الإسرائيلي مساء الخميس، شن أولى ضرباته الجوية على لبنان منذ سنوات، مؤكدا استهدافه مواقع أطلقت منها صواريخ من جنوب لبنان، باتجاه شمال الدولة العبرية.

السياق
سماء لبنان وإسرائيل، تحوَّلت -خلال الساعات الماضية- إلى حرب مفتوحة بين حزب الله وتل أبيب، فمن صواريخ أطلقت من جنوب لبنان لم يتبنها أحد، إلى غارات شنَّتها تل أبيب، أتبعها حزب الله برد سريع، مستخدمًا فيه عشرات الصواريخ، أحداث كانت كفيلة بتصعيد عسكري غير مسبوق في المنطقة.
التصعيد العسكري، بدأ بإعلان الجيش الإسرائيلي مساء الخميس، شن أولى ضرباته الجوية على لبنان منذ سنوات، مؤكدا استهدافه مواقع أطلقت منها صواريخ من جنوب لبنان، باتجاه شمال الدولة العبرية.
أهداف إرهابية
ونقلت «تايمز أوف إسرائيل»، عن الجيش الإسرائيلي قوله، إن مقاتلاته استهدفت -للمرة الأولى منذ سنوات- بنى تحتية ومواقع إطلاق صواريخ من لبنان، أطلقت منها صواريخ لأهداف إرهابية.
وأشار إلى أن ثلاثة صواريخ، أطلقت الأربعاء من جنوب لبنان باتجاه الدولة العبرية، مؤكدًا أن اثنين منها سقطا في إسرائيل، في حين لم يعبر الثالث الحدود.
وإلى ذلك، أعلنت مليشيا حزب الله، إطلاق عشرات الصواريخ باتجاه مزارع شبعا، رداً على الغارات الإسرائيلية، التي استهدفت فجر الخميس جنوب لبنان.
وقال حزب الله -في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه- إنه «عند الساعة 11.15 دقيقة قبل ظهر اليوم الجمعة، وردًا على الغارات الجوية الإسرائيلية، على أراضٍ مفتوحة في منطقتي الجرمق والشواكير ليلة الخميس الماضي، قصفت مجموعات في المقاومة الإسلامية أراضي مفتوحة، في محيط مواقع الاحتلال الإسرائيلي في مزارع شبعا، بعشرات الصواريخ من عيار 122 ملم».
10 صواريخ
وأعلن الجيش الإسرائيلي -في بيان- أن أكثر من 10 صواريخ أطلقت من لبنان نحو الأراضي الإسرائيلية، مؤكدًا أن معظم الصواريخ، اعترضها نظام الدفاع الجوي، بينما سقطت الصواريخ الأخرى في مناطق غير مأهولة، إلا أن الجيش الإسرائيلي لم يكتفِ باعتراض صواريخ حزب الله، فشنَّ غارات جوية على جنوب لبنان.
رسالة قوية
ودعا وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، إلى توجيه «رسالة قوية» إلى قوات الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل)، المنتشرة عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية، بحسب «تايمز أوف إسرائيل».
(يونيفيل) حذَّرت الجمعة من «وضع خطر جدًا»، نتيجة التصعيد العسكري، بين حزب الله والقوات الإسرائيلية في جنوب لبنان.
دعوات أممية
وقالت (اليونيفيل) -في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه- إن «قواتنا رصدت إطلاق صواريخ من لبنان، وردت بالمدفعية الإسرائيلية والوضع خطر جدًا».
وحث قائد قوات (اليونيفيل) ستيفانو ديل كول، الطرفين على «وقف إطلاق النار وممارسة أقصى درجات ضبط النفس»، مشيرًا إلى أنه «على اتصال مباشر بالطرفين».
وتنتشر قوة (اليونيفيل) في لبنان منذ عام 1978 وتتولى منذ 2006 مراقبة الحدود بين لبنان وإسرائيل، بالتنسيق مع الجيش اللبناني، والسهر على تطبيق قرار مجلس الأمن 1701، الذي أقر بعد حرب بين إسرائيل وحزب الله، في صيف ذاك العام.
ويُعَدُّ إعلان حزب الله الإرهابي، استهداف مواقع إسرائيلية، المرة الأولى منذ التصعيد العسكري بين الطرفين، عام 2019، التي يتبنى فيها الأول استهداف مواقع إسرائيلية.
مصادرة راجمة
بالمقابل، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو يظهر لحظة القبض على مسلَّح من حزب الله، تورَّط بإطلاق الصواريخ، ويظهر الفيديو الأهالي غاضبين، وقد تجمَّعوا حول سيارة المسلَّح، وأوسعوه ضرباً، تعبيراً عن رفضهم للتصعيد الأخير.
كما اعترض سكان في بلدة شويا، في قضاء حاصبيا بجنوب لبنان، مسلَّحين من ميليشيا حزب الله، وصادروا راجمة صواريخ، استخدمتها في قصف إسرائيل.
بدوره تسلَّم الجيش اللبناني، السيارة التي كانت تحمل قاذفة الصواريخ وعليها 32 صاروخًا، بحسب وسائل إعلام لبنانية.
الحريري يتساءل؟
ووصف رئيس الوزراء الأسبق، سعد الحريري، الوضع على الحدود اللبنانية مع إسرائيل، بأنه خطر جداً، مشيراً إلى أنه تهديد غير مسبوق للقرار 1701.
وقال الحريري، في سلسلة تغريدات عبر "تويتر": إن استخدام الجنوب منصة لصراعات إقليمية، غير محسوبة النتائج والتداعيات، خطوة في المجهول، تضع لبنان في مرمى حروب الآخرين على أرضه، مؤكداً أن لبنان ليس جزءاً من الاشتباك الإيراني الإسرائيلي في بحر عُمان، لافتاً إلى أن الدولة بقواها العسكرية والأمنية الشرعية، هي المسؤولة عن حماية المواطنين، وتوفير مقوِّمات السيادة.
الحريري، أوضح أن تسليم قرار الحرب والسِّلم مع العدو لمطلقي الكاتيوشا، قمة التخلي عن دور الدولة ومسؤولياتها، متسائلاً عن دور الدولة في كل ذلك، وأضاف: "هل أخذت رئاسة الجمهورية والحكومة وقيادة الجيش عِلماً بإطلاق الصواريخ؟".
وحذَّر رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، من التصعيد الأخير، مشدِّداً على أن الأمر خطير جدًا، مؤكداً أن النار إن هبَّت، ستقضي على مَنْ تبقى من اللبنانيين.
وقال في تغريدة على "تويتر": إن الشعب اللبناني لا يستطيع تحمُّل ما يحدث، ويكفيه ما يعيشه من عذاب ومعاناة.
عدو مشترك
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، قال إن تل أبيب تمتلك جميع الوسائل والقدرات لمواجهة حزب الله اللبناني، مشيرًا إلى أن الحزب، الذي هو عدو مشترك لنا وللشعب اللبناني، يعمل بأوامر إيرانية ويعرِّض اللبنانيين ومستقبلهم للخطر.
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بأنه لن يسمح لأي دولة أو أي تنظيم إرهابي، بتهديد أمن إسرائيل وسيادتها ومواطنيها.
يأتي ذلك بينما أعلن الجيش الإسرائيلي، اكتشاف مخزن أسلحة للميليشيا يبعد 25 مترًا من مدرسة بقرية عبا في النبطية، مؤكدًا أن هذا المخزن من آلاف الأهداف، في حوزة القيادة الشمالية العسكرية، التي سيتم استهدافها في أي حرب مقبلة في لبنان.
وأضاف أن الهدف، عبارة عن مستودع أسلحة في قلب الأحياء السكنية، وعلى بعد أمتار قليلة (25 مترًا) من مدرسة عبا الرسمية في محافظة النبطية، الذي يعرِّض أكثر من 300 تلميذ للخطر.
تصعيد الطرفين
وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإن آخر غاراته الجوية المعلنة على لبنان، تعود إلى عام 2014 ووقعت في أعقاب تبادل لإطلاق النار شهدته المنطقة الحدودية.
وقالت «تايمز أوف إسرائيل»، إن تل أبيب لم تستهدف معاقل لحزب الله في الجنوب اللبناني، بغارات جوية منذ عام 2006.
سيناريو 2019
ويعود آخر توتر عسكري بين الطرفين إلى عام 2019 حين استهدف حزب الله آلية عسكرية إسرائيلية، في هجوم قال إنه رد على هجومين إسرائيليين ضده، في سوريا ولبنان.
وكان الأول من سبتمبر 2019، موعدًا لآخر توتر عسكري بين الطرفين، إذ شهدت ساعات الصباح الأولى، توترًا متصاعدًا على الحدود اللبنانية الجنوبية، بعد انتهاك طائرة إسرائيلية مسيَّـرة، المجال الجوي اللبناني، وإسقاط مواد حارقة أشعلت النيران في منطقة أحراج على الحدود.
وردًا على إطلاق إسرائيل طائرتين مسيَّـرتين مفخَّختين في الشهر نفسه، على ضاحية بيروت الجنوبية، التي تعد معقلًا للحزب، أعلن حزب الله تدمير آلية عسكرية إسرائيلية، قرب الحدود مع إسرائيل وقتل وجرح مَنْ فيها، في وقت نفى الجيش الإسرائيلي أن يكون أحد من جنوده قُتل أو جُرح، وبدأ مباشرة قصف منطقة جنوب لبنان بالمدفعية.
وأعلن المتحدِّث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي حينها، رصد إطلاق عدد من القذائف المضادة للدروع، باتجاه قاعدة ومركبات عسكرية، في منطقة أفيفيم شمالي إسرائيل، حيث تمت إصابة بعضها.
وأضاف أدرعي، أن الجيش الإسرائيلي رد باتجاه بعض مصادر النيران، وباتجاه أهداف في جنوب لبنان، من دون نفي ولا تأكيد ما أعلنه حزب الله، بشأن إصابة آلية عسكرية إسرائيلية.
تقديرات إسرائيلية
كان الجيش الإسرائيلي كشف -في بيان الشهر الماضي- عن تقديراته لقدرات مليشيا حزب الله اللبناني الصاروخية، مؤكدًا أنه في حال الحرب، سيكون الحزب قادرًا على إطلاق 1000 إلى 3000 صاروخ يوميًا على الأقل، في الأسبوع الأول من الحرب.
إلا أنه رغم ذلك توقَّع الجيش الإسرائيلي، ألا تندلع مثل هذه الحرب قريبًا، بسبب الأزمات الداخلية، التي اندلعت مؤخرًا في لبنان، والتي تجعل الحرب أقل احتمالًا.