الجزائر في عيد الاستقلال الـ59... هل تنجح في تعبيد طريق الإصلاح؟

الجزائر في عيد الاستقلال الـ59... حكومة جديدة وتحديات جمة

الجزائر في عيد الاستقلال الـ59... هل تنجح في تعبيد طريق الإصلاح؟

السياق

تحتفي الجزائر، بعيد الاستقلال الـ59، وسط تحديات اقتصادية جمة، تواجه البلد الأفريقي، فاقمتها جائحة كورونا، وتهاوي أسعار النفط، ناهيك عن الاحتجاجات شبه الأسبوعية، وارتفاع نسب البطالة.

إلا أن تلك التحديات والمصاعب "الجمة"، التي تواجه الجزائر، على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، تعهَّد الرئيس عبدالمجيد تبون، في كلمة عشية الاحتفال بذكرى الاستقلال، بالتغلُّب عليها وتذليلها، وتشجيع الاستثمار.

محاربة الفساد

قال الرئيس الجزائري، إن "وفاءنا لشرف الالتزامات، التي تعهدنا بها وأقمنا عليها برنامجاً وأولويات لخدمة الشعب، سيبقى يقود خطواتنا بِثقة إلى الأهداف المتوخاة، بدعمِ الوطنيين الغيورين، الثابتين على المبادئ النوفمبرية، لمحاربة الفساد والتحايل وأخلقة الحياة العامة، وإشاعة روح المبادرة وتشجيع الاستثمار وتوفير الثروةِ، وتكريسِ المواطنة والحِس المدني والاعتزازِ بالهوية والانتماء".

تصريحات الرئيس الجزائري، سبقتها خطوات عدة، على صعيد محاولات تخفيف وقع الأزمة الاقتصادية، التي وُصفت بـ«الخانقة» على بلاده، فعيَّـن الأسبوع الماضي، الاقتصادي المخضرم ووزير المالية أيمن بن عبدالرحمن رئيساً جديداً للوزراء، بعد أيام من إطلاقه مشاورات سياسية لتشكيل حكومة جديدة، إثر الانتخابات التشريعية التي جرت في 12 يونيو الماضي، وفاز بها حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم.

إلا أن الحكومة الجديدة التي سيرأسها عبدالرحمن، تواجه أزمات عدة، يتعلَّق نجاحها فيها بالقرارات التي ستتخذها سبيلاً لبدء مرحلة جديدة، على طريق الإصلاح الاقتصادي المنشود منذ عقود.

أزمة كورونا

تواجه الحكومة الجديدة، المرتقب تشكيلها خلال الأيام المقبلة، أزمة تفشي كورونا، رغم الإغلاق الشامل الذي انتهجته السلطات منذ مارس 2020.

وأحصت الجزائر حتى الأحد، 141 ألفًا و741 إصابة بفيروس كورونا، وأكثر من 3700 وفاة، بينما تواجه البلاد موجة ثالثة من الوباء.

وكانت الجزائر، أغلقت في مارس 2020، حدودها البرية والبحرية ومجالها الجوي بسبب الجائحة.

ناقوس الخطر

أطباء جزائريون، ووسائل إعلام محلية، دقوا ناقوس الخطر، بسبب تسارع وتيرة الإصابات في الفترة الأخيرة، مقارنة بعمليات التلقيح، التي لم تصل إلى المستوى المطلوب.

وقال عضو اللجنة العلمية لمتابعة ورصد كورونا رياض مهياوي، في تصريحات نشرتها نقابة أطباء الجزائر، إن الوضع الوبائي مقلق جداً، بسبب التصاعد الذي وصفه بـ«الرهيب» في عدد الإصابات.

وطالب مهياوي، بتخصيص مستشفيات عدة للمصابين بكورونا، ومضاعفة إنتاج الأكسجين للتكفل بمرضى هذا الفيروس، وتأجيل إجراء العمليات الجراحية، باستثناء المستعجلة.

تظاهرات أسبوعية

تعيش الجزائر على وقع مظاهرات شِبه أسبوعية مطالبة بالتغيير، بينما تواجه قوات الأمن تلك المسيرات، بالانتشار الكثيف قبلها، وتقريق أي احتجاجات، تخرج هنا أو هناك.

وفي محاولة لمنع تنظيم الاحتجاجات في الشارع، فرضت وزارة الداخلية على منظمي المسيرات، إلزامية التصريح بهذه التحرّكات، ما يعني منعها عملياً، إلا أن ذلك لم يحل دون خروج المحتجين.

ويطالب المحتجون بإطلاق المعتقلين، وإجراء إصلاحات اقتصادية واسعة، لحلحلة الأزمة التي يعانيها البلد الأفريقي.

وفي محاولة من السلطات الجزائرية، لتخفيف حِدة الاحتقان، أصدر الرئيس الجزائري، عفواً رئاسياً عن شباب مسجونين بتهمة «التجمهر».

وقالت وزارة العدل، في بيان، اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن الجهات القضائية شرعت في الإفراج عن 18 شخصاً، مشيرة إلى أن العملية مستمرة لغيرهم، من دون تحديد العدد.

إطلاق المعتقلين، جاء بالتوازي مع التحركات والمشاورات، التي يجريها رئيس الوزراء الجديد، لتشكيل الحكومة، آملاً إنهاءها بشكل مبكر، للعمل على إصلاحات اقتصادية، من شأنها تخفيف وتيرة الأزمة التي تعانيها البلاد.

ويمر الاقتصاد الجزائري بواحدة من أصعب أزماته، منذ الاستقلال عام 1962، بسبب جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط والغاز، التي تشكل -منذ سبعينات القرن الماضي- ما لا يقل عن 90% من إيرادات الدولة.

وبحسب الأرقام الرسمية، فإن نحو 15% من الشباب الجزائري في سن العمل، يعانون البطالة، بينما تتحدث أرقام غير رسمية، عن أن البطالة وصلت إلى أكثر من ثلث الشباب المؤهل للعمل.

التحديات الاقتصادية غير المسبوقة، تتطلَّب من الحكومة الجديدة -برئاسة التكنوقراطي أيمن بن عبدالرحمن- مواجهتها، فهل يكون عيد استقلال الجزائر، بداية الطريق لإصلاحات واسعة؟