الحوار الوطني التونسي.. هل يشمل حركة النهضة؟

مشاركة النهضة في الحوار الوطني، يعد تبرئة لساحتها من تلك الجرائم من ناحية، وفتحًا للأبواب لعودتها إلى الحُكم، إذ إنها مستعدة أن تضحي بعدد من رموزها وتقدِّم تنازلات، حتى تمر العاصفة لتستأنف مخطط التمكين، في صلب مفاصل الدولة

الحوار الوطني التونسي.. هل يشمل حركة النهضة؟

السياق

دعوة رسمية من الرئيس التونسي قيس سعيد، إلى حوار وطني وصفه بـ"الصادق والنزيه"، بمشاركة الشباب لبحث النظامين السياسي والانتخابي.

الدعوة التي أطلقها قيس سعيد، خلال رئاسته ثاني اجتماع للحكومة التونسية الجديدة برئاسة نجلاء بودن، تشمل وضع إطار سقف زمني متفق عليه، وتستثني كل مَنْ استولى على أموال الشعب، أو مَنْ باع ذمّته إلى الخارج.

الاستثناء الأخير، يؤشر إلى استبعاد حركة النهضة التونسية وحلفائها، سواء من ائتلاف الكرامة، أو القوى السياسية المدنية التي تحالفت معها.

خلال اللقاء، جدد الرئيس التونسي رفضه "محاولات الاستقواء بالخارج، للتدخل في الشؤون الداخلية أو الإساءة إليها"، وهو ما يثير العديد من التساؤلات عن جدوى هذا الحوار في حال إطلاقه، وقدرته على تحقيق الاستقرار السياسي للدولة التونسية.

 

جدل مشاركة النهضة

مختار اللواتي، المحلل السياسي والمستشار الإعلامي التونسي، قال لـ"السياق": "من الصعب التكهن بدقة مَنْ يقصد الرئيس قيس سعيد، بالأطراف المستبعدة من الحوار الوطني".

وأضاف: "اكتفى هذه المرة بوصف مَنْ سيقع استبعادهم باللصوص، وهنا فإن عموم المواطنين يذهبون إلى جهتين محددتين (حركة النهضة وحزب قلب تونس)، غير أن حركة النهضة ما فتئت تكرر أنها غير معنية بمَنْ يطلق عليهم الرئيس، اللصوص والمجرمين والخونة".

ويشير اللواتي إلى أن النهضة "تعتمد في استنتاجاتها هذه، على كون عدم تسمية الرئيس قيس سعيد لها بالاسم، كما لم يتم تقديم أي ملف إلى القضاء يخصها أو حلفاءها".

وصرحت يمينة الزغلامي، عضو حركة النهضة التونسية، النائبة عنها في البرلمان المنحل، منذ يومين، بأن الحركة ستعقد مؤتمرًا صحفيًا، للحديث في هذه الأمور، وألقت باللائمة على الرئيس قيس سعيد، بسبب تعمُّد الغموض في حديثه عن الفاسدين والمجرمين، من دون تسمية أي جهة أو شخص.

وفي رده على سؤال "السياق" عن أجندة ومحاور ذلك الحوار، وهل تقبل القوي السياسية أو الشعبية الحوار مع النهضة، قال اللواتي إن هذه القوى "منقسمة بين مَنْ يدعو إلى حوار شامل لا يستثني أحدًا، حتى وإن كان يختلف مع حركة النهضة، على أساس أن ذلك الحوار من الممكن أن يسفر عن وفاق لاستراتيجية مقبلة لمستقبل تونس في كل الميادين".

هذا الفريق -بحسب المحلل السياسي التونسي- يعتمد في ذلك على أن الحركة نفسها مقرة بارتكاب قيادتها أخطاء في السنوات الماضية، وإن كانت لا تعد نفسها المسؤولة الوحيدة عنها، فشركاؤها في الحُكم لهم نصيبهم في الأخطاء.

أما الفريق الثاني -بحسب اللواتي- فهو المساند لإجراءات الرئيس التونسي، ويرى أن النهضة كانت مسؤولة عن الأزمات التي حلت بالبلاد خلال الفترة السابقة، بل ترى أنها "في كثير من الأوقات المدبرة لأغلبية الجرائم أو المغطية عليها بما فيها العمليات الإرهابية".

هذا الفريق، يرى أن مشاركة النهضة في الحوار الوطني، يعد تبرئة لساحتها من تلك الجرائم من ناحية، وفتحًا للأبواب لعودتها إلى الحُكم، إذ إنها مستعدة أن تضحي بعدد من رموزها وتقدِّم تنازلات، حتى تمر العاصفة لتستأنف مخطط التمكين، في صلب مفاصل الدولة، وفقًا للمحلل السياسي التونسي.

 

المحاسبة أولًا

ريم بن عامر الناشطة السياسية التونسية، قالت لـ"السياق": إن ما يطلق عليه الحوار الوطني، بين زعيم حركة النهضة والرئيس التونسي، سبق أن طُرح عقب إصدار قرارات 25 يوليو، إلا أنه رفض رفضًا قاطعًا من الشعب التونسي، الذي اعتبره محاولة إنقاذ للنهضة.

وتؤكد الناشطة التونسية، أن المطلب الجماهيري الآن، محاسبة الفاسدين وعدد كبير من حركة النهضة وليس التحاور معهم، فالهدف بناء ما دمَّرته "النهضة" وهو أمر ليس بهين، حسب قولها.

واستبعدت أن يقبل الرئيس التونسي، الحوار مع زعيم حركة النهضة، إلا أنها استدركت: "إذا قبل الرئيس سعيد الحوار مع الغنوشي، فهي خطوة للوراء، والحوار الوطني لابد أن يكون مع المنظمات الوطنية والأحزاب الديمقراطية، التي لم تسهم في الأزمة وفي الفشل، لافتة لما أعلنته الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وبقية المنظمات والجمعيات الشريكة، من تشكيل لجنة لمتابعة التطورات في هذه المرحلة  الاستثنائية.

 

حوار محوره الشباب

باسل ترجمان، المحلل السياسي التونسي، قال لـ"السياق" إن الحوار الوطني أساسًا موجَّه للفئات التي يعنيها مستقبل تونس، وهم الشباب الذين تم تجاهلهم منذ 2011 حتى الآن.

وتابع أن الحوار سيركز على الشباب، وسيكون عبر منصات إلكترونية، في ماذا يفكرون، وماذا يريدون كل في منطقته، بعيدًا عن طروحات السياسيين وتكرار مشهد الحوار الوطني عام 2014.

واعتبر المحلل السياسي التونسي، أن كل مَنْ له ارتباط خارجي، أو مَنْ تلقى أمواًلا من الخارج، ليس له علاقة بالوطنية ولا الحوار الوطني.

وشدد على أن هناك قوى استبعدت نفسها بنفسها من الحوار، وتابع: "القضية ليست تفصيل مشروع على قياس قوى وطنية بعينها، إنما مشروع عام، وممتد من أجل بلورة رؤية مستقبلية لتونس، وليس لتأمين مستقبل مَنْ هم في الـ80 من العمر".