بعد زيارة زيلنسكي لواشنطن... هل تنفِّذ روسيا تهديداتها؟

يرى مجلس الاتحاد الروسي، أن تسليم واشنطن منظومات باتريوت لأوكرانيا، تدخل مباشر في الحرب.

بعد زيارة زيلنسكي لواشنطن... هل تنفِّذ روسيا تهديداتها؟
جو بايدن وزيلنسكي

السياق

بين تراجيديا الحرب ودراما الدبلوماسية، يخطف زيلنسكي الأضواء، الممثل القديم، الرئيس الحالي لأوكرانيا، يلقي خطابًا وُصف بالتاريخي أمام الكونغرس بمجلسيه، في أول زيارة خارجية له منذ الحرب على بلاده.

وفي الأثناء أهدى نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي، علمًا أوكرانيًا جلبه من أرض المعركة، ولجو بايدن ميدالية، قال إنه تلقاها على الجبهة من جندي يشغِّل منظومة لإطلاق صواريخ هيمارس الأمريكية، ليرد له الرئيس الأمريكي الهدية بحزمة من المساعدات المادية والعسكرية الضخمة، أبرزها نظام الدفاع الجوي باتريوت.

 

تدخل مباشر في الحرب
روسيا لم تتمهل في الرد، إذ اتهمت الولايات المتحدة بأنها تخوض حربًا بالوكالة ضدها في أوكرانيا، مؤكدة أن تسليم واشنطن بطاريات باتريوت لغريمها، لن يمنعها من تحقيق أهدافها، مشيرة إلى أن بايدن وزيلنسكي يرفضان الاستماع للمخاوف الروسية، موضحة أنها لم تر أي إشارة من البلدين للسلام.

بينما يرى مجلس الاتحاد الروسي، أن تسليم واشنطن منظومات باتريوت لأوكرانيا، تدخل مباشر في الحرب.

 

بيلاروسيا وخيار الحرب

في الوقت ذاته -بعد أيام من زيارة مفاجئة للرئيس بوتين- قالت بيلاروسيا حليفة الكرملين -التي يعتقد على نطاق واسع  أنها على مقربة من دخول الحرب- إن قواتها المسلحة ستظل في حالة انتشار حتى إشعار آخر، وأضافت، على لسان رئيسها ألكسندر لوكاشينكو، أن "هناك دولًا على حدودنا تسعى إلى توترات وسنرد عليها فورًا" مؤكدة أنه "لا يمكن استبعاد اندلاع حرب ضدنا ونستعد لذلك".

أثناء زيارة زيلنسكي الاستثنائية لواشنطن التي استمرت ساعات قليلة، وسط إجراءات أمنية مشددة، أكّد الرئيس الأوكراني أنّ المساعدة الأمريكية لكييف "ليست صدقة" بل "استثمار في الأمن العالمي والديمقراطية" بعدما تلقى دعم الرئيس جو بايدن.

 

لن نستسلم

في مستهلّ الخطاب الذي ألقاه باللغة الإنجليزية وبنبرة ملؤها الجدّية، وقف أعضاء الكونغرس جميعاً وصفّقوا مطوّلاً لزيلنسكي الذي ارتدى كعادته منذ بدء الغزو، كنزة وسروالاً كاكيّي اللون وانتعل جزمة بنّية.

وقال زيلنسكي مخاطباً المشرّعين الأميركيين: "أودّ أن أشكركم، أن أشكركم جزيل الشكر، على المساعدة المالية التي قدّمتموها لنا والتي قد تقرّرون تقديمها لاحقًا". وأضاف: "أموالكم ليست صدقة، إنّها استثمار في الأمن العالمي والديمقراطية، ونحن نديرها بأكثر الطرق مسؤولية".

وقال: "خلافاً لأسوأ التوقّعات، أوكرانيا لم تسقط. أوكرانيا حيّة وتقاتل"، مؤكّداً أنّ قواته "صامدة في مواقعها ولن تستسلم".

 

دور إيران

كذلك، ربط الرئيس الأوكراني في خطابه، بين الحرب التي تشنّها روسيا على بلاده والتهديد الذي تمثّله إيران على حلفاء الولايات المتّحدة في المنطقة، موضحًا أنهما بلدان "إرهابيان" ليدغدغ بذلك مشاعر المعسكر الجمهوري، الذي يأخذ بشدّة على الرئيس الديمقراطي بايدن تساهله مع طهران.

وسلَّم الرئيس الأوكراني بعد ذلك، رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي  بيلوسي ونائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، علمًا أوكرانيًا من مدينة باخموت شرقي أوكرانيا، التي تعد النقطة الأكثر سخونة على الجبهة، وقد امتلأ بتواقيع الجنود.

وردّت بيلوسي وهاريس على هذه التحيّة بمثلها، إذ قدّمتا لزيلنسكي علماً أمريكياً رُفع فوق مبنى الكابيتول مقر الكونغرس بمناسبة زيارته التاريخية هذه.

 

باتريوت

قبل ذلك، استقبله الرئيس جو بايدن في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، وأكد له -خلال مؤتمر صحفي مشترك- أن الولايات المتحدة ستساند أوكرانيا "طالما اقتضت الضرورة".

ووعد الرئيس الأمريكي كذلك "الاستمرار بتعزيز قدرات أوكرانيا في الدفاع عن نفسها" مع تعهده بتسليمها منظومة الدفاعات الجوية باتريوت.

وأكد بايدن أنه "غير قلق" على متانة التحالف الغربي في وجه الغزو الروسي. وقال: "لم يسبق لي أن رأيت حلف شمال الأطلسي ولا الاتحاد الأوروبي على هذا القدر من الوحدة، ظن بوتين أنه سيُضعف حلف شمال الأطلسي، على العكس عززه".

 

السلام العادل

نظام باتريوت الذي ستوفره واشنطن لكييف، سيعزز -بشكل كبير- الدفاع الأوكراني في وجه الضربات الروسية، كما أكد زيلينسكي، ورأى في ذلك "مرحلة مهمة جدًا لإنشاء مجال جوي آمن لأوكرانيا".

وشدد الرئيس الأمريكي من جهته على أن باتريوت "نظام دفاعي. هذا ليس إجراءً تصعيديًا بل دفاعي".

وأوضح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن حزمة المساعدات الجدية تشمل -للمرة الأولى- هذا النظام القادر على اعتراض صواريخ كروز وصواريخ بالستية قصيرة المدى وطائرات على ارتفاع أعلى بكثير من أنظمة الدفاعات الجوية، التي زودت بها أوكرانيا حتى الآن.

وشدد زيلنيسكي على أن "السلام العادل" لا يتضمن "أي تسوية" لوحدة أراضي أوكرانيا.

 

صواريخ روسية جديدة

وتعهد فلاديمير بوتين -من جهته- بتعزيز الجيش الروسي والقدرة النووية، محررًا نفسه من أي مسؤولية في "المأساة الأوكرانية المشتركة".

وأعلن -خلال اجتماع مع ضباط رفيعي المستوى- طرح صواريخ كروز روسية جديدة فرط صوتية من طراز زيركون، مطلع يناير، وإمكان رفع الجيش الروسي إلى 1.5 مليون عسكري.

وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إن الجنود الروس "يواجهون قوات الغرب المشتركة" مشيرًا إلى أن موسكو تنوي إنشاء قواعد دعم لأسطولها، في مدينتي ماريوبل وبرديانسك المحتلتين جنوبي أوكرانيا.

وبموازاة ذلك، حذر الكرملين من أن أي إمدادات جديدة من الأسلحة الأمريكية إلى أوكرانيا، ستؤدي إلى تفاقم النزاع.

المانح الأكبر

يستعد البرلمانيون الأمريكيون لإقرار حزمة مساعدات جديدة وكبيرة دعمًا لأوكرانيا بـ 45 مليار دولار تقريبًا.

وتشكل الولايات المتحدة المانح الأكبر لأوكرانيا، فقد وفرت لها -حتى الآن- مساعدات بـ 50 مليار دولار حسب تقديرات الخبراء، بينها 20 مليارًا للأسلحة والمساعدة العسكرية.

وأكد وزير الدفاع الروسي -من جهته- خلال تقييم الوضع الأربعاء أمام نحو 15 مسؤولًا عسكريًا عبر الفيديو أن إحدى أولويات عام 2023 "الاستمرار في شن العملية الخاصة بأوكرانيا إلى حين تحقيق كل المهام".

 

هجمات في الشرق

على الأرض استمرت المعارك الأربعاء، وأشار الجيش الأوكراني إلى وقوع هجمات روسية شرقي البلاد وشمالي شرقها خصوصًا.

وقالت رئاسة أركان الجيش الأوكراني، الأربعاء: "يستمر العدو في حشد جهوده لشن هجمات في باخموت (التي يحاول الروس السيطرة عليها منذ الصيف) وأفديفكا" شرقي البلاد.

وقُتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص وجُرح 17، وفق الرئاسة.

وبعد سلسلة من الانتكاسات العسكرية الروسية، شمالي شرق أوكرانيا وجنوبها، يتركز الجزء الأكبر من المعارك في الشرق.