ما سر تقدم الجيش الإثيوبي في مواجهة جبهة تحرير تيغراي؟
القوات الحكومية استعادت السيطرة على بلدات عدة بإقليم أمهرة من جبهة تحرير تيغراي، بينها هارا وسانكا وجوبي ولديا

السياق
تقدُّم عسكري للجيش الإثيوبي، مكَّنه من استعادة بلدات كانت جبهة تحرير تيغراي أعلنت سيطرتها عليها، بعد هجوم مستمر أجبر الأخيرة على الانسحاب، وترك تلك المناطق للقوات المسلحة الإثيوبية.
وقالت وكالة رويترز، إن الجيش الإثيوبي سيطر مرة أخرى على بلدة لاليبيلا المشهورة بكنائسها الصخرية، مشيرة إلى أن وسائل إعلام محلية، عرضت صورًا لنائب رئيس الوزراء أثناء زيارته للموقع.
وأكدت الوكالة أن وسائل الإعلام المحلية، لم تكشف متى استعادت القوات الحكومية السيطرة على المدينة، التي لها أهمية روحية لملايين المسيحيين الأرثوذكس، والتي تغيرت السيطرة عليها مرات عدة، خلال صراع مع القوات المتمردة من مقاطعة تيغراي الشمالية.
وبحسب «رويتز»، فإن جبهة تحرير تيغراي، استولت على المدينة التي استعادها الجيش في أغسطس الماضي، لكن القوات الحكومية صدتها بداية ديسمبر الجاري، في هجوم مستمر أجبر التيغراي على الانسحاب مئات الكيلومترات.
بدوره، قال المتحدث باسم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي جيتاشيو رضا، إن قوات تيغراي التي تقاتل الحكومة المركزية في إثيوبيا ستنسحب من المناطق المجاورة في شمال البلاد.
وأضاف "نأمل من خلال انسحابنا أن يفعل المجتمع الدولي شيئا ما بشأن الوضع في تيغراي، إذ لن يعد بإمكانهم استخدام غزو قواتنا لأمهرة وعفر كذريعة".
انتصارات حكومية
وفي سياق متصل، نقلت الوكالة عن هيئة الإذاعة الإثيوبية قولها، إن القوات الحكومية استعادت السيطرة على بلدات عدة بإقليم أمهرة من جبهة تحرير تيغراي، بينها هارا وسانكا وجوبي ولديا.
تصريحات هيئة الإذاعة الإثيوبية، أكدتها إدارة خدمة الاتصالات الحكومية قائلة، إن الجيش الإثيوبي سيطر على سانكا وسيرينغا وبلدات ولديا وحارا والكوبيا وروبيت وكوبو.
وقالت إدارة خدمة الاتصالات الحكومية، في بيان مقتضب عبر «فيسبوك»: «قواتنا المتحالفة لاحقت قوات العدو، التي أفلتت من التدمير وهربت».
أسباب التراجع
وعن أسباب تراجع قوات تيغراي وتقدم الجيش، قال المحلل الإثيوبي عبدالشكور حسن، في تصريحات صحفية، إن رئيس الوزراء آبي أحمد، عزز الروح المعنوية للجيش الإثيوبي بنزوله إلى أرض الميدان.
وأكد حسن، أن آبي أحمد أدخل طائرات من دون طيار في الحرب ضد جبهة تحرير تيغراي، من الصين وتركيا، مشيرًا إلى أن هناك أنباء عن طائرات مسيرة إيرانية، تستخدمها القوات الإثيوبية، ما كان له أثر كبير، في تحويل دفة الحرب باتجاه القوات النظامية.
إلا أن ناشطة إثيوبية تدعى سعاد عبده، أكدت في تصريحات إثيوبية، أن إعلان الجيش الإثيوبي انتصاره في معارك عدة، واستعادة بلدات من قوات تيغراي، يعد «كذبًا وتضليلًا»، مشيرة إلى أن جبهة تحرير تيغراي، لا تزال مسيطرة على مناطق في إقليمي أمهرة وعفر.
ورغم ذلك، فإنها اعترفت بتأثير الطائرات من دون طيار، في انتصارات الجيش الإثيوبي، قائلة إن آبي أحمد لم يستطع السيطرة على أي مدينة بالجيش، بل بالطائرات المسيرة التي منحته تقدمًا نوعيًا.
قرار أممي
وبينما أدى الصراع المستمر منذ عام، بين جبهة تحرير تيغراي والحكومة المركزية، إلى مقتل آلاف المدنيين، والدفع بنحو 400 ألف شخص إلى المجاعة في تيغراي، صوَّت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، على إجراء تحقيق مستقل بالانتهاكات في الصراع الإثيوبي، بعد أن قال مسؤول كبير بالأمم المتحدة إن هناك انتهاكات من جميع الأطراف، واعتقالات جماعية في ظل حملة حكومية.
القرار، الذي قدَّمه الاتحاد الأوروبي، بدعم من الدول الغربية، تم تمريره رغم اعتراضات إثيوبيا، التي رفضت الاتهامات بارتكاب انتهاكات، وقالت إنها تعاونت بالتحقيقات في الحرب المستمرة منذ عام، بحسب «رويترز».
جرائم حرب
ورحب وفد الاتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة في جنيف بالقرار، قائلا إن عددًا من هذه الانتهاكات قد يصل إلى جرائم ضد الإنسانية، ويتطلب مزيدًا من التحقيقات من خبراء مستقلين.
ونص القرار، على تشكيل لجنة من ثلاثة أعضاء من الخبراء لمدة عام واحد، لجمع الأدلة وتحديد المسؤولين عن الانتهاكات، بهدف الملاحقات القضائية، بينما قالت الحكومة الإثيوبية في بيان: «تود أديس أبابا أن تؤكد مجددًا أنها لن تتعاون مع الآلية المنشأة المفروضة عليها ضد موافقتها».
وكان مبعوث إثيوبيا لدى الأمم المتحدة في جنيف زينبي كيبيدي، قد ندد بما وصفها بـ«سلسلة من الانتهاكات التي ارتكبتها القوات المتمردة من منطقة تيغراي الشمالية».
ولقي آلاف المدنيين مصرعهم، وفر الملايين في الصراع بين الحكومة الفيدرالية والقوات المتمردة، بمن في ذلك المقاتلون الموالون لجبهة تحرير تيغراي الشعبية، التي هيمنت على الائتلاف الحاكم في إثيوبيا إلى ما يقرب من 30 عامًا.
ولم يصدر تعليق فوري من الجبهة، إلا أنها قالت عن تلك الاتهامات، إن بعض الجنود أو الميليشيات ربما ارتكبوا انتهاكات يجب التحقيق فيها، لكن قوات التيغراي النظامية منضبطة.
21 دولة تصوِّت
وأيدت 21 دولة التصويت على الاقتراح، بعد جلسة خاصة استمرت يومًا، مقابل 15 دولة بينها الصين وروسيا، مع امتناع 11 عضوًا عن التصويت، في المنتدى الذى يضم 47 عضوًا في جنيف.
كما دعت مجموعة البلدان الإفريقية إلى رفض القرار، قائلة إن آلية التحقيق المقترحة «تأتي بنتائج عكسية، ومن المرجح أن تؤدي إلى تفاقم التوترات»، لكن ست دول إفريقية، بينها السنغال والسودان، خالفت الصف وامتنعت عن التصويت.
وقالت نائبة المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ندى الناشف، أمام الجلسة، إن جميع الأطراف في الصراع المتفاقم شمالي إثيوبيا، ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وعليها الانسحاب من الحرب، مشيرة إلى أن ما يقدر بنحو 5000 إلى 7000 شخص محتجزون، بينهم تسعة من موظفي الأمم المتحدة، في ظل حالة الطوارئ وأحكامها الواسعة للغاية، التي أعلنتها الحكومة الشهر الماضي.
وقالت: "كثيرون محتجزون بمعزل عن العالم الخارجي أو في أماكن مجهولة، وذلك يصل إلى الاختفاء القسري، وهو أمر يثير قلقًا بالغًا".
ووجد التحقيق المشترك، الذي نُشر الشهر الماضي، أن جميع الأطراف في نزاع تيغراي، ارتكبت انتهاكات قد تصل إلى جرائم حرب.
وانتقدت بعض جماعات التيغراي التحقيق، قائلين إنه تجاهل الكثير من عمليات القتل الجماعي الموثقة على نطاق واسع، كما اشتكت الحكومة من أنها لم تغط الجرائم التي ارتكبتها قوات التيغراي في منطقة أمهرة، لكن التقرير قال إنه لا يمكن أن تكون هناك قائمة شاملة لجميع الجرائم.
وفي رسالة لوزارة الخارجية الأمريكية، أكدت الولايات المتحدة أنها «قلقة للغاية» من تقارير غير مؤكدة، تزعم قيام قوات أمن أمهرة باحتجاز جماعي، وقتل وطرد قسري لأبناء تيغراي.