قلق دولي... أفغانيات يتحدين قرار طالبان بحظر التعليم الجامعي للنساء
أثار قرار حكومة طالبان، بمنع الفتيات من ارتياد الجامعات، قلقاً عميقاً وتنديداً في الأوساط الدولية.

السياق
منذ عودتها إلى الحكم قبل أكثر من عام، ارتكبت طالبان انتهاكات عدة بحق أغلبية الشعب الأفغاني، رغم وعودها المتكررة بتطبيق نسخة أكثر اعتدالًا من الإسلام.
وأعلنت حكومة طالبان –الثلاثاء- أن الجامعات الأفغانية محظورة لأجل غير مسمّى، على الفتيات المحرومات أصلًا من التعليم الثانوي، منذ وصول الحركة إلى الحكم.
وقال وزير التعليم العالي ندا محمد نديم، في رسالة إلى كلّ الجامعات الحكومية والخاصة في البلد: "أبلغكم جميعًا بتنفيذ الأمر المذكور بوقف تعليم الإناث حتى إشعار آخر".
الجامعات مغلقة حاليًا، في سياق العطلة الشتوية، ومن المفترض أن تعيد فتح أبوابها في مارس.
وفي أول رد فعل على القرار، تجمع عدد من الأفغانيات أمام إحدى الجامعات في كابل، احتجاجًا على قرار حظر التعليم الجامعي للإناث.
قلق عميق
أثار قرار حكومة طالبان، بمنع الفتيات من ارتياد الجامعات، قلقاً عميقاً وتنديداً في الأوساط الدولية.
وأبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، "قلقه العميق" لقرار طالبان منع الفتيات من ارتياد الجامعات في أفغانستان"، داعياً إلى "ضمان المساواة في الحصول على التعليم على كل المستويات".
يأتي الحظر المفروض على التعليم العالي للإناث، بعد أقل من ثلاثة أشهر من إجراء الآلاف منهنّ امتحانات القبول بالجامعة في أنحاء البلاد، بعدما كنّ يطمحن بخوض غمار مجالات مثل الهندسة والطبّ.
وتعهّدت حركة طالبان، بعد عودتها إلى السلطة في أغسطس 2021 بإبداء مرونة أكبر، لكنها سرعان ما رجعت إلى تفسيرها المتشدّد جدًا للشريعة، الذي طبع حكمها بين 1996 و2001.
وزادت الحركة التدابير المقيّدة للحريات، لا سيّما في حقّ اللاتي استبعدن تدريجًا من الحياة العامة، وأقصين من المدارس الثانوية.
وفي انقلاب مفاجئ في 23 مارس، أغلقت الحركة المدارس الثانوية، بعد بضع ساعات من إعادة فتحها.
وكشف مسؤول رفيع في الحركة، أن القائد الأعلى هيبة الله آخوند زاده، تدخّل في هذا القرار.
وقالت الطالبة رحى: "كنا نأمل التقدّم، لكن جرى إقصاؤنا من المجتمع".
توقيف متظاهرات
وصرّح مسؤولون في الحكومة بأن الموارد البشرية والمالية غير كافية، غير أن مؤسسات التعليم ستفتح أبوابها مجدّدًا، بعد وضع برنامج للتعليم الإسلامي.
واستُبعدت الإناث أيضًا من أغلبية الوظائف العامة، أو أعطين أجورًا زهيدة، لحثهن على البقاء في المنزل.
ولم يعد يحقّ للإناث السفر من دون رجل من العائلة، وينبغي لهن ارتداء البرقع أو وضع حجاب، عند الخروج من المنزل.
وفي نوفمبر، حظرت الحركة على الإناث ارتياد المتنزهات والحدائق وصالات الرياضة والمسابح العامة.
وباتت التظاهرات النسائية ضدّ هذه التدابير، التي نادرًا ما تجمع أكثر من أربعين شخصًا، محفوفة بالمخاطر. وأوقفت في سياقها كثيرات ويواجه الصحفيون صعوبات متزايدة في تغطية هذه الأحداث.
ورغم إقصاء الفتيات من المدارس الثانوية، تقدّمت كثيرات منهن مطلع ديسمبر في كابل لامتحانات الشهادة الثانوية اللازمة لدخول الجامعة، وفق ما كشف مراسلون من وكالة فرانس برس.
ولم تعمّم وزارة التعليم عدد هؤلاء وتفاصيل الامتحانات، لكن شوهدت عشرات الملتحفات بلباس أسود طويل وهنّ يغادرن مؤسسة تجري الامتحانات في كابل.
سرقوا منّا الأمل
في الفترة الفاصلة بين حكمي طالبان، كانت الفتيات مخوّلات بارتياد المدارس وأتيحت للإناث فرص عمل في كلّ القطاعات، حتى لو بقي المجتمع محافظًا.
وبعد استيلاء حركة طالبان على السلطة في أغسطس 2021، ألزمت الجامعات بتطبيق قواعد جديدة للفصل، خصوصًا بين الفتيان والفتيات في حصص التعليم.
وسمح للفتيات بتلقّي التعليم، بشرط أن يكون المدرّسون من النساء، أو الرجال كبار السن.
وقال عمر زخيلوال، الذي كان وزيرًا للمالية في الحكومة السابقة، إن "القيود الجديدة على تعليم الإناث في أفغانستان مأساوية".
وأردف في تغريدة: "هذا الحظر لا يقوم على أيّ أساس ديني أو ثقافي أو لوجستي، وهو مجرّد انتهاك فادح لحقّ الإناث في التعليم، وخلل فظيع في بلدنا".
واشترطت الأسرة الدولية، الاعتراف بنظام طالبان، وتوفير المساعدات الإنسانية والمالية بالتزام الحركة بحقوق الإنسان، لاسيّما في ما يخصّ حقّ الإناث في التعليم والعمل.
التعليم حق
بدوره، غرّد رامز الأكبروف، كبير مسؤولي الأمم المتحدة في أفغانستان إن "التعليم حقّ أساسي من حقوق الإنسان. وإغلاق الباب في وجه تعليم الإناث يعني إغلاق الباب في وجه مستقبل أفغانستان".
وندّدت الولايات المتحدة بدورها بقرار طالبان الأخير، وحذّرت من اتخاذ تدابير مضادة، فضلًا عن مزيد من العزلة عن العالم.
وصرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس للصحفيين بأن "طالبان يجب أن تتوقع أن هذا القرار الذي يتعارض مع الالتزامات، التي تعهدت بها بشكل متكرر لشعبها، سيرتب عليها تكاليف ملموسة"، مضيفًا أن الولايات المتحدة تدين القرار "بأشد العبارات".
وقالت الطالبة مدينة، التي لم ترغب في كشف اسمها الحقيقي: "سرقوا مِنّا الأمل ودفنوا أحلامنا".