إيران ودعم سيادة العراق... ملفات ساخنة على طاولة مؤتمر بغداد في الأردن
قال رئيس وزراء العراق، محمد شياع السوداني، إن حكومته لن تسمح باستخدام أراضي العراق لانطلاق أي تهديد لدول الجوار

السياق
تحت عنوان "بحث سبل دعم العراق وأمنه وتعزيز سيادته" بدأت فعاليات "مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة" في دورته الثانية، الثلاثاء، في البحر الميت بالأردن، بمشاركة عدد من القادة.
شارك في المؤتمر رؤساء وممثلون لدول عربية، بينها الإمارات والسعودية ومصر وقطر والبحرين والكويت وعمان وإيران، إلى جانب فرنسا والدولة المنظمة الأردن، وسفراء الاتحاد الأوروبي.
كلمة السوداني
في كلمته قال رئيس وزراء العراق، محمد شياع السوداني، إن حكومته لن تسمح باستخدام "أراضي العراق لانطلاق أي تهديد لدول الجوار"، وشدد على أن العراق ينأى بنفسه عن سياسات المحاور ودعوات التصعيد، مضيفًا: "الأمل يحدونا بالمضي نحو تعزيز مسيرة العلاقات مع الدول العربية"، داعيًا تركيا وإيران إلى ضمان أمن العراق المائي، لافتًا إلى أن بلاده تعاني تهديدًا وجوديًا بسبب شح المياه.
وأكد ضرورة مواصلة العمل المشترك لمحاربة الفكر المتطرف، مشيراً إلى أن الأولوية تكمن في تعزيز أواصر التعاون والتكامل الاقتصادي والاستثمارات المتبادلة بين الدول العربية، متحدثًا عن "سعي بلاده لأن تكون دولًا صناعية قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية".
من جانبه قال العاهل الأردني عبدالله الثاني بن الحسين إن "أمن العراق ركن أساسي في أمن منطقتنا"، مؤكدًا حاجة المنطقة إلى الاستقرار والسلام العادل والشامل.
لا اعتداء على أي شبر عراقي
كما أعلن الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، أمام المؤتمر، أن "مصر ترفض أي تدخلات خارجية في شؤون العراق"، مشيرًا إلى أن "انتشار الإرهاب والفكر المتطرف أثقل كاهل العراقيين".
وأبدى السيسي العزم على "المضي في تنفيذ المشروعات المشتركة مع العراق"، مؤكدا أن بلاده تعتزم مواصلة توفير كل سبل الدعم لها، لافتًا إلى أن "مؤتمر بغداد إشارة سياسية مهمة لتصميمنا على الوقوف بجانب العراق" مؤكدًا رفض أي تدخلات خارجية في شؤون العراق.
وهو ما أكده أيضًا وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بقوله: "نرفض أي اعتداء على أي شبر من أراضي العراق"، مشيرًا إلى دعم بلاده تفعيل مشاريع الربط الكهربائي مع بغداد.
وأعرب وزير الخارجية السعودي عن تقدير المملكة لـ"عزم رئيس الوزراء العراقي على تحقيق الاستقرار"، مشددا على وقوفها "إلى جانب العراق لاستعادة مكانته التاريخية".
وأضاف: "لن ندخر جهدا في سبيل دعم مسيرة العراق التنموية"، مؤكدا الرغبة في استمرار مسيرة التعاون مع العراق.
مقدمة الأجندة الدولية
من جانبه، أكد وزير الخارجية البحريني عبداللطيف بن راشد الزياني، حرص المملكة على تعزيز التعاون الدولي، من أجل أمن العراق والحفاظ على استقراره وسيادته، مشيدًا بآلية التعاون الثلاثي بين الأردن ومصر والعراق، وما جرى الاتفاق عليه من مشاريع تدعم اقتصاد العراق.
بدوره، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن "العراق أصبح مسرحًا لانتهاكات وتدخلات تزعزع استقرار المنطقة".
وذكر أن "العراق أحد ضحايا غياب الاستقرار الأمني في المنطقة"، مشيرًا إلى أن "منطقة الشرق الأوسط تمتلك كل المقومات لتكون في مقدمة الأجندة الدولية"، لكنها "تعاني انقسامات وتدخلات تؤثر في استقرارها".
إيران على الهامش
قال دبلوماسي إيراني لوكالة فرانس برس، إن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان التقى -الثلاثاء- مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، على هامش القمة الإقليمية التي يستضيفها الأردن.
يأتي هذا الاجتماع في وقت وصلت المفاوضات النووية بين طهران والقوى الكبرى إلى طريق مسدود.
حضر اللقاء منسق الاتحاد الأوروبي لهذه المحادثات إنريكي مورا وعلي باقري كبير المفاوضيين الإيرانيين، بحسب المصدر الدبلوماسي الإيراني.
ورأى وزير الخارجية الإيراني، أن القمة الإقليمية قد تشكّل "فرصة" لتحريك المباحثات المتعثرة منذ أشهر لإحياء الاتفاق النووي.
وأبرمت إيران مع قوى كبرى (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين، ألمانيا) عام 2015، اتفاقًا بشان برنامجها النووي، أتاح رفع عقوبات عنها مقابل خفض أنشطتها وضمان سلمية برنامجها، إلا أن الولايات المتحدة انسحبت منه عام 2018 وأعادت فرض عقوبات على إيران، التي ردت بالتراجع تدريجًا عن معظم التزاماتها.
الاتفاق النووي
بدأت إيران وأطراف الاتفاق، بتنسيق من الاتحاد الأوروبي ومشاركة أمريكية غير مباشرة، مباحثات لإحيائه في أبريل 2021.
وتعثر التفاوض مطلع سبتمبر 2022، مع تأكيد الأطراف الغربية أن الرد الإيراني على مسودة التفاهم كان "غير بنّاء".
وخلال الأسابيع الماضية، تراجع التركيز على ملف المباحثات النووية، بينما تشهد إيران منذ 16 سبتمبر احتجاجات على وفاة الشابة مهسا أميني، بعد توقيفها من شرطة الأخلاق، على خلفية عدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة.
وقال بوريل في "تويتر": "لقاء ضروري مع الوزير الإيراني(...) في وقت تتدهور فيه العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإيران".
وأضاف: "شددت على ضرورة الإنهاء الفوري للدعم العسكري لروسيا والقمع الداخلي في إيران".
وأوضح بوريل أن الجانبين اتفقا على "إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة وإعادة إحياء الاتفاق النووي على أساس محادثات فيينا".
من جهته، أكد الوزير الإيراني أن بلاده "مستعدة لحل أي سوء تفاهم، بالتعامل المباشر مع الجانب الأوكراني"، بحسب بيان وزارة الخارجية الإيرانية.
وتتهم دول غربية إيران بتوفير طائرات مسيّرة تستخدمها روسيا لاستهداف منشآت الطاقة في أوكرانيا، ضمن النزاع المستمر منذ فبراير.
وفرضت أطراف عدة، منها واشنطن والاتحاد الأوروبي، عقوبات إضافية على طهران بسبب هذا الملف.
لا معجزات
يقول مدير معهد الشرق الأدنى والخليج للدراسات العسكرية رياض قهوجي، إن للمؤتمر "طموحات كبيرة لكن لا أحد ينتظر معجزات".
ويرى أن فرنسا "رأس حربة للغرب في إبقاء شعرة معاوية مع الطرف الإيراني، خصوصاً على وقع جمود مفاوضات فيينا النووية".
ومن الضروري، وفق قهوجي ، معاينة موقف إيران باعتبارها "العنوان الكبير" ذلك أن يدها "في كل مكان، من العراق إلى سوريا مروراً بلبنان واليمن".
ويضيف: "لا يريد الإيراني أن يتنازل عن أي مكتسبات، فهو يتفاوض من منطلق "ما لي هو لي" في هذه الدول"، موضحًا أن السؤال الأبرز: "هل تظهر إيران مرونة أكثر أو استعداداً أكثر، أو تقدم نتائج ملموسة خلال المؤتمر؟"، لكنه في الوقت ذاته، لا يتوقع أن "تتحلحل الأمور طالما أن الموقف الإيراني لا يتغير".