هدوء يسود الأردن بعد ليلة عصيبة... ماذا حدث خلال اليومين الماضيين؟

قدَّم الملك عبدالله الثاني، والأمير الحسن بن طلال، مساء الجمعة، واجب العزاء في العقيد الدكتور عبدالرزاق الدلابيح، نائب مدير شرطة محافظة معان

هدوء يسود الأردن بعد ليلة عصيبة... ماذا حدث خلال اليومين الماضيين؟

السياق

«أعمال شغب» جعلت الأردن محل اهتمام محلي وإقليمي، خلال الساعات القليلة الماضية، خاصة بعد أن تخللها قتلى وجرحى، من القوات الأمنية ومثيري الشغب.

فبعد سلسلة احتجاجات شهدتها محافظات جنوبي الأردن، مطلع الشهر الجاري احتجاجًا على رفع أسعار المحروقات، بدأت بسائقي الشاحنات الذين انضم إليهم سائقو سيارات أجرة، وإغلاق أسواق ومحلات تجارية أبوابها، شهدت منطقة الحسينية أعمال شغب، أدت إلى تدخل قوات الأمن، التي تمكنت من إعادة الهدوء إلى الأردن، بعد ليلة عصيبة عاشها البلد العربي.

تلك الليلة «العصيبة»، كشفت مديرية الأمن العام في الأردن حصيلة أحداثها، في بيان اطلعت «السياق»، على نسخة منه، قالت فيه، إن أجهزتها الأمنية تعاملت مع أحداث «شغب» في عدد من مناطق المملكة، مؤكدة إلقاء القبض على 44 شخصاً شاركوا بتلك الأعمال، ستتم إحالتهم إلى الجهات المختصة، إضافة لآخرين ألقي القبض عليهم.

انتشار أمني

وبينما قال المتحدث الإعلامي باسم مديرية الأمن العام الأردنية، العقيد عامر السرطاوي، إن هناك تراجعًا في أعداد وحدة أعمال الشغب، لاسيما في محافظات الجنوب، أكد وجود انتشار أمني مكثف في محافظات المملكة، لضمان إنفاذ سيادة القانون والحفاظ على أمن المواطنين.

وعن وفاة العقيد عبدالرزاق الدلابيح، في أعمال الشغب التي تفاقمت وتيرتها خلال اليومين الماضيين، قال المسؤول الأردني إن التحقيقات مستمرة ولن تتوقف حتى القبض على الفاعل وتسليمه إلى العدالة لينال عقابه الرادع، مشيرًا إلى أن الأجهزة الأمنية لن تتوانى عن حماية الأرواح والأعراض والممتلكات.

كان العقيد الدلابيح، قُتل في محافظة معان جنوبي الأردن على أيدي من وصفتهم مديرية الأمن العام بـ«المخربين»، بينما دعت السلطات الجميع إلى الالتزام والابتعاد عن مواقع الشغب وعدم الاشتراك فيها.

بينما أعلنت مديرية الأمن العام، في بيانٍ منفصل، إصابة ضابط وضابط صف بعيارات نارية، أثناء تعاملهما مع مخربين قاموا بأعمال شغب واحتجاجات في المنطقة، مؤكدة أنه جرى إسعافهما للمستشفى، وهما قيد العلاج الآن.

وأعربت مديرية الأمن العام عن شكرها للمواطنين الذين أبدوا تعاوناً مع المديرية، والتفوا حول رجالها، رفضًا للاعتداءات وحرصًا على الوطن.

إيقاف "تيك توك"

كانت وحدة الجرائم الإلكترونية، أعلنت مساء الجمعة، إيقاف منصة تيك توك في المملكة مؤقتًا، مشيرة إلى أنها لم تتعامل مع إساءة استخدام المنصة من قبل مستخدميها، بتمجيد ونشر أعمال العنف أو دعوات الفوضى، كما لم تتعامل مع ترويج فيديوهات من خارج المملكة وتزويرها، للتأثير في مشاعر المواطنين، على حد قول البيان.

وأضافت، في البيان الذي اطلعت «السياق» على نسخة منه، أن الوحدة وفرق الجرائم الإلكترونية تتابع ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً في ما يتعلق بخطاب الكراهية والحض على التخريب والاعتداء على أجهزة إنفاذ القانون والممتلكات وقطع الطرق، مؤكدة أن الأجهزة المختصة ستحيل أي شخص يرتكب هذه الجرائم إلى القضاء.

ردود الفعل

قدَّم الملك عبدالله الثاني، والأمير الحسن بن طلال، مساء الجمعة، واجب العزاء في العقيد الدكتور عبدالرزاق الدلابيح، نائب مدير شرطة محافظة معان، قائلًا: «هذا ابني وابن كل الأردنيين، ولن يهدأ لنا بال حتى ينال المجرم عقابه أمام العدالة على جريمته النكراء».

وبينما حذر العاهل الأردني، من أن التعامل سيكون بحزم مع كل من يرفع السلاح في وجه الدولة، ويتعدى على الممتلكات العامة وحقوق المواطنين، قال: «الاعتداءات وأعمال التخريب مساس خطير بأمن الوطن ولن نسمح بذلك».

وأضاف العاهل الأردني: «لن نقبل التطاول أو الاعتداء على نشامى أجهزتنا الأمنية الساهرين على أمن الوطن والمواطنين»، مشيرًا إلى أن مؤسسات الدولة ستتخذ كل الإجراءات لمحاسبة الخارجين عن القانون.

ورغم تلك الرسائل التحذيرية، فإن العاهل الأردني، أشار إلى الظروف الاقتصادية «الصعبة» التي يمر بها المواطنون، وحقهم في التعبير عن الرأي بالوسائل السلمية ضمن القانون.

وعبَّـر شيوخ ووجهاء عشائر عن إدانتهم لأحداث الشغب التي أودت بحياة العقيد عبدالرزاق الدلابيح، مؤكدين أن الأخير كان يقوم بواجبه في حفظ الأمن والاستقرار أثناء احتجاجات غير سليمة، رافقها قطع للطرق واعتداء على المركبات.

وقال الشيوخ والعشائر، في تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية، إن الدستور الأردني كفل للجميع حق التعبير السلمي عن أي مطلب، مشيرين إلى أنه لا يوجد ما يبرر الاعتداء على أرواح المواطنين والممتلكات العامة.

وأضافوا: «هذا العمل الغادر لا يمثل الأردنيين، وإنما يعكس حقد فئة جبانة خارجة على القانون، ولا تمت للإنسانية بأي صلة وبعيدة كل البعد عن القيم والشهامة الأردنية الأصيلة»، مؤكدين دعمهم لحق المواطنين في الاحتجاج السلمي، من دون الإضرار بالممتلكات العامة والخاصة وتعريض حياة المواطنين للخطر وترويع النساء والأطفال.

ودعوا إلى ضرورة التعامل بحزم مع كل من يرفع السلاح في وجه الدولة، ومنتسبي القوات الأمنية، ويتعدى على الممتلكات العامة والخاصة وحقوق المواطنين، مؤكدين أن الاعتداءات وأعمال التخريب تعد مساسًا خطيرًا بأمن الوطن واستقراره .

وأشاروا إلى حق المواطن في التعبير عن الرأي بالوسائل السلمية وضمن سيادة القانون، داعين إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحفظ أمن الوطن والمواطن ومحاسبة الخارجين على سيادة القانون، وتفويت الفرصة على كل من يتربص بأمن الأردن واستقراره.

حق مكفول ولكن

من جانبهم، أكد قانونيون، أن التظاهر السلمي مكفول دستوريًا وقانونيًا كأحد الوسائل المشروعة للتعبير عن الرأي، مشيرين إلى أن أعمال التخريب وإلحاق الضرر بالآخرين والعنف والاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة تواجه بعقوبات مشددة منصوص عليها في القانون.

القانونيون أضافوا، في تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية، أن المادة 15 من الدستور الأردني نصت على أن «تكفل الدولة حرية الرأي وكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط ألا يتجاوز حدود القانون»، إلا أنهم قالوا إن القانون يدين التجاوز وأعمال إغلاق الطرق وتعطيل مصالح المواطنين وإلحاق الضرر والعنف وغيرها، ويجرمها بعقوبات مصنفة، تتيح للجهات التنفيذية ملاحقة من يقومون بهذا الفعل وتقديمهم للمحاكمة ضمانًا للمحافظة على الأمن وتحقيق العدالة .

من جانبه، قال الدكتور محمد بن طريف، رئيس قسم القانون في جامعة عمان العربية، إن الدولة كفلت حرية الرأي والاجتماع، لكن تبقى هذه الحرية تحت مسمى المشروعية القانونية، مشيرًا إلى أن هناك قوانين لتنظيم هذه الوسائل التعبيرية.

وأضاف أن موضوع الاحتجاجات على قرارات الحكومة، في ما يتعلق بأسعار المحروقات، وما نراه من بعض المخربين من خروج عن مبدأ القانون، يقع تحت ما تسمى دائرة التجريم، مشيرًا إلى أن المادة 137 من قانون العقوبات، تنص على أنه كل فعل يقترف بقصد إثارة عصيان مسلح ضد السلطات القائمة، يعاقب عليه بالأشغال المؤبدة.

وأوضح أن المحرض يعاقب بالعقوبة ذاتها، التي تشمل مرتكب العصيان، مشيرًا إلى أن التحريض يشمل مواقع التواصل الاجتماعي، إذا استُخدمت لهذه الغايات.