الحبوب السامة تفشل ملتقى الحوار الليبي... وخارطة الطريق الأممية في خطر

إعلان الأمم المتحدة، فشل ملتقى الحوار الليبي، في التوافق على قاعدة دستورية للانتخابات، المقرر إجراؤها أواخر العام الجاري، كان أحدث العقبات في طريق إنهاء المرحلة الانتقالية الذي عبَّـدته، في محاولة لإنهاء عشرية من الصراعات في البلد الأفريقي.

الحبوب السامة تفشل ملتقى الحوار الليبي... وخارطة الطريق الأممية في خطر

السياق

إعلان الأمم المتحدة، مساء الجمعة، فشل ملتقى الحوار الليبي، في التوافق على قاعدة دستورية للانتخابات، المقرر إجراؤها أواخر العام الجاري، كان أحدث العقبات في طريق إنهاء المرحلة الانتقالية الذي عبَّـدته، في محاولة لإنهاء عشرية من الصراعات في البلد الأفريقي.

وقالت الأمم المتحدة، في بيان اطلعت «السياق»، على نسخة منه، إن أعضاء الملتقى فشلوا في التوصل إلى اتفاق على القاعدة الدستورية، بسبب «الاختلافات والانقسامات» التي دبت بينهم، وحادت بتركيزهم عن القضايا العالقة.

البيان الأممي، الذي تلاه منسِّق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، رايزدون زينينغا، في ختام الملقتى الذي استمر 5 أيام في مدينة جنيف بسويسرا، أكد أن عدم التوصل إلى اتفاق على القاعدة الدستورية، لا يعني أن الملتقى أخفق في مهمته.

وناشد المسؤول الأممي، أعضاء ملتقى الحوار الليبي، وضع مصلحة بلادهم في المقام الأول، متوقِّـعًا عقد اجتماع آخر لملتقى الحوار السياسي الليبي قريباً.

حبوب سامة

فشل الملتقى، في إرساء قاعدة دستورية للانتخابات، أرجعه المبعوث الأمريكي إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، إلى أن هناك بعض الأعضاء، يحاولون إدخال ما وصفها بـ«الحبوب السامة»، إما عن طريق إطالة العملية الدستورية، وإما من خلال شروط جديدة، يجب تلبيتها لإجراء الانتخابات.

وقال المبعوث الأمريكي، في بيان نشرته السفارة الأمريكية، واطلعت «منصة السياق الإعلامية على نسخة منه»، إن بعض هؤلاء الأفراد يدَّعون أنهم يعملون نيابة عن القادة السياسيين، الذين قدَّموا للولايات المتحدة تأكيدات واضحة، بأنهم يدعمون الانتخابات المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر.

مستقبل ليبيا

وأكد المسؤول الأمريكي، أنه لا يمكن تحديد مستقبل ليبيا، إلا من قِـبَـلِ الليبيين، مشيرًا إلى أنه رغم أن البعثة الأممية في ليبيا، «عملت بجهد» من أجل تسهيل المناقشات، فإنها لا تستطيع اتخاذ قرارات نيابة عن الليبيين.

وعبَّـر عن أمله، بأن يعيد أعضاء الملتقى الـ75 «تكريس أنفسهم» للسماح لـ7 ملايين ليبي، في جميع أنحاء البلاد، بالتعبير عن آرائهم في تشكيل مستقبل ليبيا، مؤكدًا دعم بلاده واستعدادها لمساعدة حكومة الوحدة الوطنية، لتقديم الخدمات الأساسية، والتحضير للانتخابات الوطنية، حتى انتهاء ولايتها في ديسمبر.

لكن ما أسباب فشل ملتقى الحوار الليبي؟ وما دور الإخوان في محاولة إفساد العملية السياسية في ليبيا؟

تنظيم الإخوان

فشل ملتقى الحوار الليبي، في إرساء القاعدة الدستورية، لم يكن من فراغ، بل إن تنظيم الإخوان كان له دور كبير فيه، خاصة بعد تسريب صوتي لأحد قادة التنظيم، وهو عضو في ملتقى الحوار الليبي، يدعى معاذ المنفوخ، طالب فيه برفض إقرار القاعدة الدستورية المتمِّمة للانتخابات.

وبحسب التسريب الصوتي، فإن المنفوخ طالب بإعطاء الأوامر لقادة الميليشيات، بإصدار بيانات عاجلة، يعلنون فيها رفضهم للانتخابات المقبلة، كوسيلة ضغط على المجتمع الليبي، مشيرًا إلى أنه «يستغل بند التصويت على الدستور أولاً، هو ورفاقه، كمبرِّر لرفض إقرار القاعدة الدستورية المتمِّمة للانتخابات».

وبحسب مراقبين، فإن تصريحات المنفوخ، ومنحه الضوء الأخير للميليشيات الإخوانية، نوع من الضغط، لمعرفتهم أنهم سيخسرون الانتخابات لا محالة، واصفين تلك المحاولة بـ«الانقلاب المسبق»، ما حدا بالمجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة، بالتحذير من مغبة تأجيل الانتخابات تحت أي مسمى.

مساع فاشلة

إلا أن المبعوث الأممي إلى ليبيا، يان كوبيتش، كان حازمًا، ورد على تسريبات الإخوان هذه، بمطالبة ملتقى الحوار السياسي الليبي، بضرورة العمل بشكل صارم، للوصول إلى اتفاق على القاعدة الدستورية، لكن مساعيه باءت بالفشل.

وقالت صحيفة الجارديان، إن الأمم المتحدة اعترفت بأنها تواجه انقسامات صعبة، بين الهيئة المؤلفة من 75 عضواً، التي شكَّـلتها العام الماضي، لاختيار حكومة مؤقتة، والموافقة على خارطة الطريق للانتخابات.

مناورة للبقاء

وأشارت إلى أن بعض أعضاء ملتقى الحوار الليبي، تمكنوا خلال اجتماع شابه «غموض وفوضى»، من إقناع مسؤولي الأمم المتحدة، بالسماح لهم بإعادة فتح قضية ما، إذا كان ينبغي إجراء انتخابات رئاسية أولاً، أو ما إذا كان ينبغي إجراء استفتاء أولاً على دستور يعمل بموجبه الرئيس المنتخب لاحقًا.

إلا أن أعضاء آخرين، اقتنعوا بأن الطبقة السياسية الحالية، تناور للبقاء في السلطة من دون انتخابات، قالوا إن مسألة ما إذا كان ينبغي إجراء الانتخابات، قد تمت تسويتها العام الماضي، وتم اعتمادها بقرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في أبريل الماضي، ثم في اجتماع برلين 2، خلال يونيو الماضي.

اجتماع فوضوي

ووصف مراقبون، اجتماع ملتقى الحوار الليبي، الذي انتهت أعماله أمس، بأنه «فوضوي»، كونه شهد عددًا من الاتهامات المتبادلة بالرشاوى السياسية، وهو ما واجهه مبعوثو الأمم المتحدة، باقتراح اختيار ثلاثة شيوخ من المجموعة للتوسط بين الحاضرين، لإعادة لم الشمل.

ورغم أن يان كوبيتش لم يحضر الجلسات بسبب إصابته بكورونا، فإنه حث أعضاء الملتقى على إنهاء الخلافات الشخصية.

من جانبها، قالت إلهام سعودي، عضوة في منتدى الحوار السياسي الليبي، لصحيفة الغارديان البريطانية، إن عملية رسم المستقبل السياسي لليبيا كانت «ضالة وخارجة عن السيطرة».

وأوضحت أن «ما يحدث الآن، انتهاك لخارطة الطريق المتفق عليها، وعملية برلين للسلام، وقرار مجلس الأمن الدولي، إذ تقدِّم قيادة الأمم المتحدة مقترحات، من شأنها أن تؤدي إلى إبقاء الحكومة الحالية في مكانها، في خرق واضح لخارطة الطريق».

وأضافت: «الحكومات الأجنبية تدفع تكاليف مسؤولي الأمم المتحدة وتحدِّد صلاحياتهم، وهم الآن بحاجة إلى التدخل، لإعادة هؤلاء المسؤولين تحت السيطرة».

بدوره، قال طارق المجريسي المحلل الليبي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن اجتماع جنيف «انهار بشكل خطير ويرسم مسارًا يختلف عن عملية برلين وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ما سيؤدي إلى الانقسام ويفسد الانتخابات».

وأوضح أن المشاركين في منتدى الحوار السياسي الليبي، الذين يريدون حكومة ديمقراطية في ليبيا، يحتاجون إلى دعم خارجي وضغط على الأمم المتحدة، لإنقاذ القضية.