أفغانستان... الجامعات محرَّمة على الطالبات والمدارس سرية
حظر طالبان على الفتيات اللائي يدرسن في المدارس الثانوية سيصبح حظرًا فعليًا على الشهادات الجامعية للنساء إذا ظل ساريًا

ترجمات - السياق
سلَّطت صحيفة غارديان البريطانية، الضوء على ما سمتها الأوضاع السيئة التي تتعرض لها الفتيات في أفغانستان، مشيرة إلى أن الجامعات محرَّمة على الطالبات، بينما إذا أرادت إحداهن تلقي التعليم فعليها اللجوء إلى (المدارس السرية)، بعيدًا عن أعين حركة طالبان التي تحكم البلاد منذ نحو عام.
كانت حركة طالبان سيطرت على أفغانستان، في 15 أغسطس 2021، بعد ما يقرب من 20 عامًا على إطاحتها من قِبل تحالف عسكري بقيادة الولايات المتحدة.
وكانت الجامعات أغلقت أمام الطلاب والطالبات، منذ بسطت طالبان سلطتها على أفغانستان في أغسطس الماضي، إلا أنه في فبراير الماضي، أعلن مسؤولون في طالبان أن الدراسة استؤنفت في الجامعات الحكومية في ست من الولايات: لغمان وننغرهار وقندهار ونمروز وفرح وهلمند.
حظر جامعي
ونقلت "غارديان" عن متحدث باسم طالبان ومسؤولين جامعيين، قولهم: حظر طالبان على الفتيات اللائي يدرسن في المدارس الثانوية سيصبح حظرًا فعليًا على الشهادات الجامعية للنساء إذا ظل ساريًا.
ففي مارس الماضي، تراجعت حركة طالبان عن إعلانها فتح المدارس الثانوية للبنات، قائلة إن تلك المدارس ستبقى مغلقة إلى حين "وضع خطة تتعلق بالزي المدرسي تتوافق مع "الشريعة الإسلامية".
وقالت مدرسات وطالبات من ثلاث مدارس ثانوية في مناطق حول العاصمة كابل حينها: الفتيات عدن بحماسة للمدارس، لكنهن أُمرن بالعودة إلى منازلهن، وأشرن إلى أن العديد من الطالبات غادرن المدرسة باكيات.
وحسب الصحيفة، فإنه -مع استمرار إغلاق المدارس الثانوية- لن تكون لدى الفتيات المستندات اللازمة للتسجيل في التعليم العالي، أو القدرة الأكاديمية لبدء الدورات الجامعية بعد ما يقرب من عام خارج المدرسة.
وقال مولوي أحمد تقي، المتحدث باسم وزارة التعليم العالي في طالبان: "تلقائيًا إذا لم يكن لدينا خريجون من المدارس الثانوية، لن يكون لدينا بعد الآن طالبات جامعات جُدد".
وأضاف: "لكني آمل أن تتوصل وزارة التربية والتعليم إلى سياسة وتعيد فتح المدارس قريبًا، لأننا أدركنا أهميتها"، مشيرًا إلى أن الحظر المفروض على تعليم الفتيات مؤقت.
كانت حركة طالبان الأفغانية الحاكمة، قد منعت الطالبات من دخول الجامعة، في مايو الماضي، بسبب لون حجابهن، بدعوى أن "حجابهن لم يكن أسود".
بدوره، قال مصدر على صلة بقيادة طالبان للصحيفة البريطانية: حتى لو أزيلت الحواجز العملية التي تحول دون دخول النساء إلى التعليم العالي في الأشهر المقبلة، فإن السلطات تدرس أيضًا قصرها على درجات علمية في الرعاية الصحية والتعليم.
شهادة التخرج
وأوضحت "غارديان" أنه من دون شهادة التخرج في المدرسة الثانوية، لا يمكن للطلاب الأفغان اجتياز امتحان القبول في جامعة كانكور الوطنية، وهو أمر مطلوب للتسجيل حتى في الكليات الخاصة.
وأشارت إلى أنه خلال العام الماضي، قامت حركة طالبان تلقائيًا "بتخريج" طالبات الصف الثاني عشر، ما جعلهن مؤهلات للامتحان الجامعي، لكن حكام أفغانستان الجدد (طالبان) لم يحددوا جلسة لاختبار جامعة كانكور الوطنية منذ أن سيطروا على البلاد قبل نحو عام.
كانت حركة طالبان قد حظرت تعليم البنات وتوظيفهن في معظم الوظائف، خلال فترة حكم الحركة لأفغانستان من 1996 إلى 2001.
وقد جعل المجتمع الدولي تعليم البنات مطلبًا أساسيًا لأي اعتراف مستقبلي بحكومة طالبان، التي بسطت سيطرتها على البلاد في أغسطس الماضي مع انسحاب القوات الأجنبية، بينما أدانت الأمم المتحدة والولايات المتحدة قرار إغلاق المدارس.
ورأت الصحيفة البريطانية، أن التعنت في إكمال الصف الثاني عشر من التعليم الثانوي للفتيات، يؤثر في منافستهن للرجال في دخول الجامعات، ويُبقي حظوظ الشباب أكبر، مشيرة إلى أنه في الأسابيع الأخيرة من عام 2022 -عندما تنتهي السنة الدراسية الأفغانية- سيخوض فصل آخر من الأولاد امتحاناتهم النهائية للصف الثاني عشر، ما يمنحهم فرصة لدخول الجامعات.
وأفادت بأنه "ليس من الواضح ما إذا كانت طالبان ستصدر مرة أخرى (شهادات التخرج من المدرسة الثانوية) التي لا معنى لها للفتيات اللاتي يجب أن يكملن معهم، إذ إن القانون الأفغاني يمنعهن من أداء امتحان القبول من دون امتحان".
وحتى لو سُمح لهن بالمشاركة، يقول مسؤولو الجامعة الذين يتعاملون مع القبول إنهم قلقون من مدى تخلف الفتيات، بعد ما يقرب من عام من الحرمان من التعليم.
أسباب سخيفة
وعن محاولة تعويض هؤلاء الطالبات، نقلت "غارديان" عن الدكتور عزيز الله أمير، رئيس ومؤسس جامعة مورا قوله: الفصول الإضافية يمكن أن تساعد في تعويض بضعة أشهر ضائعة، لكن لا يُتوقع من الفتيات اللاتي لم ينهين الصف الحادي عشر أن ينتقلن إلى الفصول الجامعية.
وقال أمير، الذي أنشأ جامعة لتعليم الممرضات، بعد وفاة والدته بسبب رفضها مقابلة طبيب ذكر بشأن إصابة في فخذها: "لقد دُمرت حياة جميلة بسبب رفض أمي العلاج من عدوى يمكن الوقاية منها بدرجة كبيرة"، متابعًا: "كيف لي أن أجلس هادئًا بينما يمكنني منع الأطفال الآخرين من أن يصبحوا أيتامًا مبكرًا لسبب سخيف".
وحسب الصحيفة، فإن جامعة مورا، جميع من فيها من الطلاب والمعلمين والموظفين الإداريين وحتى البستانيين من النساء، ما يساعد في جذب الطالبات من المناطق الأكثر تحفظًا في أفغانستان.
ويشير أمير إلى أنه يوفر فصلًا أكثر صرامة مما طلبته طالبان من الجامعات الحكومية، ومع ذلك فهي مُعرضة لخطر عدم القدرة على تسجيل طلاب جدد.
وقال "حتى الآن لدينا الوقت، إذا أعادوا بدء الدراسة، إذ إنه في الأشهر المتبقية من العام يمكننا تخريج الطلاب بمزيد من الجهد والدعم، بما في ذلك الفصول المكثفة، لكن إذا استمر ذلك، فلن يكون هناك طلاب في الجامعة العام المقبل، باستثناء أولئك الذين تخرجوا في السنوات السابقة، وهم بأعداد قليلة للغاية".
مدارس سرية
وبينت "غارديان" أن الفصول الدراسية عبر الإنترنت والمدارس السرية غير القانونية سمحت لبعض الفتيات بمواصلة الدراسة، بما في ذلك في أجزاء من معقل طالبان الجنوبي المحافظ بشدة، لكن هذه الجهود لا تصل إلا إلى أقلية صغيرة.
وأشارت إلى أنه "بما أن المدارس السرية مبادرات خاصة، فإنه يتعين على معظمها فرض رسوم لتغطية تكاليفها على الأقل، ومع الكارثة الاقتصادية التي اجتاحت أفغانستان عقب سقوطها بيد طالبان، فإن القليل من العائلات تستطيع تحمل تكاليفها".
وحسب الصحيفة، يتطلب البث المباشر أو تنزيل الدروس هاتفًا ذكيًا على الأقل وحزمة بيانات سخية، وهي أمور بعيدة عن متناول العديد من الفتيات.
ورغم كل هذه المعوقات، يزعم القادة الأفغان الجدد مرارًا وتكرارًا أنهم يدعمون تعليم المرأة، طالما أنه يتوافق مع تعريفهم للوائح الإسلامية.
ويشمل ذلك الفصل شبه التام بين الجنسين، رغم أن الأساتذة الذكور لا يزالون يقومون بتدريس بعض صفوف النساء بسبب نقص المتخصصين.
وأشار تقي إلى جهود الوزارة في تغيير المواعيد وإعادة تخصيص المباني، حتى تتمكن النساء من حضور دروس الجنس الواحد، كدليل ملموس على هذا الدعم.
وقال: "وزارتنا ملتزمة ولدينا خطط وسياسات لإكمال تعليم الفتيات والفتيان في الجامعات".
وحسب الصحيفة، تقوم بعض الجامعات، بما في ذلك جامعة كابل الرائدة، بتدريس الرجال والنساء في أيام بديلة، بينما بعض الجامعات الأخرى تقدم دروسها للفتيات صباحًا، وللشباب مساءً.
ونقلت "غارديان" عن مصدر له صلات بطالبان قوله: "إنهم يريدون إعادة هيكلة الجامعات، وتقليص تعليم الفتيات في كليات معينة"، مضيفًا: "أنهم يسألون -أي طالبان- لماذا يجب أن تدرس الفتيات الهندسة؟"، مشيرًا إلى أن تعليم الفتيات قد يقتصر على كليات معينة مثل: "الطب، والتعليم، والشريعة".