أذربيجان وأرمينيا... هل تشتعل الحرب مجددًا؟

اتهمت روسيا، التي تولت رعاية وقف إطلاق النار، ونشرت قوة لحفظ سلام في قره باغ، القوات الأذربيجانية بانتهاك الهدنة في منطقة صاريبابا

أذربيجان وأرمينيا... هل تشتعل الحرب مجددًا؟

السياق

بعد عامين على حرب خاضتها أذربيجان وأرمينيا، أسفرت عن قتل أكثر من 6500 شخص، وانتهت باتفاق وقف إطلاق النار بوساطة روسية، اندلعت توترات جديدة في إقليم ناغورني قره باغ، أثارت قلقًا أوروبيًا وأمريكيًا وردود فعل روسية وإيرانية.

تلك التوترات اندلعت في ممر لاتشين، وهو شريط أرضي يربط بين منطقة ناجورنو كاراباخ وأرمينيا عبر أذربيجان، وتشرف عليه قوات حفظ سلام روسية.

وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية، إن قوات قره باغ استهدفت مواقع جيشها في منطقة لاتشين، الخاضعة لإشراف قوة حفظ السلام الروسية، ما أسفر عن قتل مجند أذربيجاني.

وبموجب اتفاقية توسط فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وضعت نهاية لحرب استمرت 44 يومًا أواخر عام 2020، وتم إرسال قرابة 2000 جندي روسي للمنطقة.

وبينما أعلنت أرمينيا، قتل أثنين من الانفصاليين الأرمنيين على الأقل، في أعمال عنف قرب ناغورني قره باغ، الجيب الانفصالي المدعوم من أرمينيا والمتنازع عليه منذ حرب عام 2020، نقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن جمهورية قره باغ غير المعترف بها، قولها إن جنديًا أرمينيًا لقي حتفه، وأصيب 15، عندما نفذت قوات أذرية هجومًا استخدمت فيه قاذفات قنابل وطائرات من دون طيار.

وأعلن الجيش الأذربيجاني أنه نفذ عملية أطلق عليها «الثأر»، سيطر خلالها على مرتفعات استراتيجية في ناغورني قره باغ،، ردًا على ما وصفها بـ«التحركات الإرهابية غير المشروعة» للمجموعات الأرمنية المسلحة في أراضي أذربيجان، التي أدت إلى قتل جندي أذربيجاني، في تصعيد أجج خطر اندلاع حرب في هذه المنطقة الجبلية.

فيما نشرت وزارة الدفاع الأذربيجانية، مقطع فيديو يظهر انفجارات عدة قيل إنها نتيجة لقصف المواقع الأرمنية، قالت السلطات في "قره باغ"، إن اثنين من القوات الانفصالية الأرمينية قُتلا وأصيب 14 بجروح، معبِّرة عن إدانتها لما وصفته بـ«الانتهاك الصارخ» لوقف إطلاق النار.

وفي تأكيد لتصاعد التوترات، وقَّع زعيم الانفصاليين في ناغورني قره باغ أرايك هاروتيونيان -الأربعاء- مرسوماً يعلن تعبئة عسكرية جزئية في هذه المنطقة.

وإزاء هذا الوضع، حثت وزارة الخارجية الأرمينية المجتمع الدولي على اتخاذ تدابير لوقف ما وصفته بالأعمال «العدوانية» لأذربيجان، مؤكدة أن «أذربيجان تواصل سياستها الإرهابية ضد سكان قره باغ».

واتهمت أرمينيا أذربيجان بالسعي لإجراء تغييرات أحادية على ممر لاتشين الذي يربط بين أرمينيا وقره باغ.

ردود الفعل

اتهمت روسيا، التي تولت رعاية وقف إطلاق النار، ونشرت قوة لحفظ سلام في قره باغ، القوات الأذربيجانية بانتهاك الهدنة في منطقة صاريبابا.

وأضافت وزارة الدفاع الروسية -في بيان- أن موسكو التي تعد منطقة "القوقاز" ساحتها الخلفية، تتخذ «إجراءات لاستقرار الوضع».

بدوره، دعا الاتحاد الأوروبي إلى الوقف الفوري للقتال، قائلًا على لسان الناطق باسم وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل: «من الضروري الحد من التصعيد واحترام وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات».

وأضاف المتحدث باسم بوريل: «الاتحاد الأوروبي لا يزال ملتزمًا بالمساعدة في التغلب على التوترات ومواصلة مشاركته من أجل السلام والاستقرار المستدامين جنوبي القوقاز».

من جانبها، أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن قلقها إزاء القتال الدائر بين أذربيجان وأرمينيا، داعية لاتخاذ خطوات فورية للحد من التوتر.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، إن بلاده تشعر بـ«قلق عميق»، وتتابع تقارير عن قتال عنيف حول ناغورني قره باغ، بما في ذلك إصابات وخسائر بشرية، داعيًا للتوصل إلى تسوية تفاوضية وشاملة ومستدامة للقضايا المتعلقة أو الناتجة عن نزاع الإقليم.

يأتي ذلك، بينما أرسل الجيش الإيراني -فجر الخميس- تعزيزات عسكرية إلى حدود أذربيجان، بحسب وسائل إعلام إيرانية رسمية قالت إن قوات الجيش الإيراني بدأت نقل معدات عسكرية وتعزيز قواتها الحدودية، بعد تجدد الحرب بين أذربيجان وأرمينيا.

آثار عودة الاقتتال

بحسب «فرانس 24»، فإن هذه الحوادث قد تؤثر في محادثات السلام التي تجرى منذ أشهر بين أذربيجان وأرمينيا، الجمهوريتين السوفييتيتين السابقتين في القوقاز، بوساطة من الاتحاد الأوروبي.

وبعد حرب أولى أسفرت عن 30 ألف قتيل مطلع التسعينات، تواجهت أرمينيا وأذربيجان في خريف 2020 للسيطرة على منطقة ناغورني قره باغ الجبلية التي انشقت عن أذربيجان بدعم من يريفان.

وقالت «فرانس 24»، إن أرمينيا تخلت -في إطار اتفاق الهدنة- عن مساحات شاسعة من الأراضي التي كانت تسيطر عليها، ونشرت روسيا قوة لحفظ السلام قوامها نحو ألفي عسكري مكلفين بمراقبة التقيّد بـ"الهدنة الهشة".

ورأت أرمينيا اتفاق وقف إطلاق النار إهانة، وطالبت العديد من أحزاب المعارضة باستقالة رئيس الوزراء نيكول باشينيان لتقديم الكثير من التنازلات لباكو.

ورغم الهدنة الدبلوماسية الخجولة بين أرمينيا وأذربيجان، لا يزال التوتر على أشده بين الجمهوريتين السوفييتيتين السابقتين، ويبلّغ كلا البلدين بانتظام عن اندلاع أعمال عنف وضحايا في صفوف جنوده.

وبوساطة من الاتحاد الأوروبي، تجري الدولتان مفاوضات للتوصل إلى معاهدة سلام، كان آخرها تلك التي أجراها الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ببروكسل في أبريل ومايو الماضيين مع باشينيان.

وبينما قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال إن الزعيمين قد يجتمعان مرة أخرى هذا الصيف، التقى وزيرا خارجية البلدين الشهر الماضي في جورجيا، لإجراء أول محادثات مباشرة بينهما منذ نهاية حرب 2020.

جاء التصعيد بعد أن تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان –الثلاثاء- بينما قالت «فرانس 24»، إنه بعد تدخل موسكو بأوكرانيا في 24 فبراير الماضي، فقدت روسيا وضعها كوسيط رئيس في "صراع قره باغ".

وفي يوليو الماضي، بدأت أذربيجان إعادة مواطنيها إلى الأراضي التي استُعيدت من الانفصاليين الأرمن، في ما تسميها باكو «العودة الكبرى".