إعلان جدري القردة حالة طوارئ صحية عامة... ماذا يعني ذلك؟
هناك حاجة إلى تعامل دولي منسق

السياق
بعد انتشاره في 75 بلدًا مستهدفًا حتى الآن قرابة 17 ألف شخص، كان الرد من منظمة الصحة العالمية صارمًا، بإطلاق أعلى مستوى من التأهّب، في محاولة لاحتواء تفشي جدري القردة.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، في مؤتمر صحفي مساء السبت، إن المنظمة قررت إعلان حال طوارئ صحية عامة، تثير قلقًا دوليًا في مواجهة جدري القردة، مشيرًا إلى أن الخطر في العالم معتدل نسبيًا، باستثناء أوروبا التي تعد مرتفعة.
وعن كواليس القرار، الذي يعد السابع من نوعه، قال مصدران إن أعضاء لجنة من الخبراء اجتمعوا الخميس لمناقشة إعلان جدري القردة حالة طوارئ صحية عامة، إلا أنهم حينما انقسموا بشأن القرار، كان القرار النهائي للمدير العام للمنظمة.
وأشار المصدران إلى أن تيدروس خالف توصيات اللجنة، مؤكدين أن مدير منظمة الصحة قرر دعم أعلى مستوى من التأهب، بسبب مخاوف من تصاعد الإصابات ونقص المعروض من اللقاحات والعلاجات، رغم عدم تأييد الأغلبية.
وبحسب تقرير لوكالة رويترز ترجمته «السياق»، فإن وصف منظمة الصحة العالمية لجدري القردة بأنه «حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقًا دوليًا» دق ناقوس الخطر بأن هناك حاجة إلى تعامل دولي منسق، يفتح الباب أمام التمويل والجهود العالمية، للتعاون في تبادل اللقاحات والعلاج.
ورغم إعلان جدري القردة، حالة طوارئ صحية عالمية، فإن هذا التفشي للفيروس يتركز -في الوقت الحالي- بين المثليين، خاصة أولئك الذين لديهم شركاء متعددون.
وعن القرار، قال راج بنجابي مدير مكتب التأهب للوباء في البيت الأبيض، إن الإعلان يمثل دعوة لاتخاذ المجتمع الدولي إجراءات لوقف انتشار هذا الفيروس، مشيرًا إلى أن الاستجابة الدولية المنسقة ضرورية، لوقف انتشار المرض وحماية المجتمعات المعرضة لخطر الإصابة به.
وبينما أشاد لورانس جوستين، الأستاذ في جامعة جورجتاون بواشنطن، الذي يتبع منظمة الصحة العالمية، بالشجاعة السياسية للمنظمة، قال إن القرار «ما هو إلا خطوة لتحسين مكانة منظمة الصحة العالمية»، مشيرًا إلى أن عدم إعلان حالة الطوارئ في هذه المرحلة سيكون فرصة تاريخية ضائعة.
زيادة الإصابات
وبحسب «رويترز»، فإنه جرى تسجيل أكثر من 17 ألف إصابة بجدري القردة في أكثر من 60 دولة حتى الآن هذا العام، إضافة إلى خمس وفيات في إفريقيا، مشيرة إلى أن المرض الفيروسي ينتشر عن طريق الاتصال الوثيق، ويتسبب في أعراض تشبه أعراض الإنفلونزا وبثور على الجلد مليئة بالصديد.
وأكدت أن منظمة الصحة العالمية والحكومات تواجه ضغوطًا شديدة من العلماء وخبراء الصحة العامة، لاتخاذ المزيد من الإجراءات بشأن جدري القردة، بعد أن ارتفعت الإصابات بشكل كبير منذ اجتماع اللجنة لأول مرة نهاية يونيو عندما كانت الحالات ثلاثة آلاف فقط.
يأتي ذلك، بينما قالت دراسة أجراها باحثون في لندن، إن الأعراض التي ظهرت على مرضى جدري القردة في المملكة المتحدة، تختلف بشكل ملحوظ عن تلك التي شوهدت في تفشيات سابقة.
ووسط مخاوف من عدم معرفة بعض الحالات، قالت الدراسة، إن الأعراض اختلفت عما هو معتاد في جدري القردة، حيث كانت أعراض الحمى والإرهاق أقل، والآفات الجلدية في مناطقهم التناسلية والشرجية أكبر.
وتسبب جدري القردة، وهو مرض فيروسي معتدل نسبيًا في العادة، ويتوطن في العديد من البلدان غربي ووسط إفريقيا، في أكثر من 5 آلاف إصابة، إضافة إلى وفاة واحدة خارج تلك المناطق -لاسيما في أوروبا- منذ أوائل مايو وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
غير معتادة
وبحسب مجلة لانسيت للأمراض المعدية، فإن تفشي المرض، الذي ينتشر -بشكل رئيس- بين رجال يمارسون الجنس مع رجال، يظهر بأعراض غير معتادة، مؤكدة ضرورة مراجعة تعريفات الإصابة لتجنُّب إغفال بعض الحالات، لاسيما أن جدري القردة يمكن أن يحاكي الأمراض الشائعة المنقولة جنسياً مثل الهربس والزهري.
الدراسة وجدت أيضًا أن ربع مرضى جدري القردة مصابون بفيروس نقص المناعة المكتسب، وربعهم مصابون بأمراض منقولة عن طريق الجنس.
وعن تلك الدراسة التي شاركت فيها، قالت الدكتورة روث بيرن إن التشخيص الخاطئ للعدوى قد يضيع فرصة التدخل المناسب والوقاية من انتقال العدوى.
بدوره، قال ديفيد هيمان، عالم أوبئة الأمراض المعدية، مستشار منظمة الصحة العالمية، إنه من المهم السيطرة على الانتشار من دون وصم المصابين، مؤكدًا أن السيطرة عليه تتطلب العمل مع الناس الأكثر عرضة للخطر، لمساعدتهم في فهم سهولة منع هذه العدوى، فقط عن طريق تجنُّب الاتصال الجسدي في منطقة الأعضاء التناسلية.
من جانبه، قال أستاذ قانون الصحة الأمريكي، مدير مركز منظّمة الصحة العالمية لقانون الصحة لورنس غوستن، عبر «تويتر»: جدري القردة خرج عن السيطرة ولا يوجد سبب قانوني أو علمي أو صحي لعدم إعلان حال طوارئ صحية عامة دولية».
ورغم أن جدري القردة الذي اكتُشف لدى البشر عام 1970، يعد أقل خطورة وعدوى من الجدري الذي تمّ القضاء عليه عام 1980، فإن المجتمعات المتضررة (من جدري القردة) تواجه تمييزًا يهدد حياة أفرادها.
لقاح لجدري القردة
وقالت وكالة الأدوية الأوروبية «إي إم إيه»، إنها وافقت على استخدام لقاح للجدري البشري، وتوسيع استخدامه ضد انتشار جدري القردة، مشيرة إلى أن اللقاح «إيمفانكس» الذي تنتجه شركة «بافارين نورديك» الدنماركيّة صدق عليه الاتحاد الأوروبي عام 2013 لاستخدامه لمكافحة الجدري.
وأوصت منظمة الصحّة العالمية بتلقيح الأشخاص الأكثر عرضة للخطر وأفراد الرعاية الصحية الذين هم على تماس مع المرض، بينما يجرى تسويق هذا اللقاح باسم «جينيوس» في الولايات المتحدة.