هل تخلَّت باكستان عن أيمن الظواهري مقابل المال؟
من أين أتت المعلومات الاستخباراتية، التي مكنت القوات الأمريكية من قتل أيمن الظواهري في العاصمة الأفغانية كابل؟

ترجمات - السياق
"من أين أتت المعلومات الاستخباراتية، التي مكنت القوات الأمريكية من قتل أيمن الظواهري في العاصمة الأفغانية كابل؟"، هكذا تساءل المؤرخ الأمريكي مايكل روبين، عن العملية السرية التي استهدفت منزل زعيم تنظيم القاعدة وسط كابل.
وقال روبين في تحليل بموقع ناينتين فورتي فايف الأمريكي: "يجب على بايدن أن يشرح ما الذي يعنيه قتل الظواهري في قلب كابل -في انتهاك لاتفاقية الانسحاب الأمريكية- لأي فكرة عن شراكة مكافحة الإرهاب مع طالبان".
كانت حركة طالبان أدانت الهجوم ووصفته بأنه انتهاك للمبادئ الدولية واتفاق الدوحة، وأشار الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد إلى أن هذه الأعمال تكرار للتجارب الفاشلة خلال العقدين الماضيين وستضر بالفرص المتاحة، وفق تعبيره.
كان الرئيس الأمريكي جو بايدن، أعلن في ساعة مبكرة من فجر الثلاثاء 2 أغسطس، قتل زعيم تنظيم القاعدة بغارة جرت في 31 يوليو الماضي.
وأظهرت صور لحظات ما بعد الغارة الأمريكية بطائرة مسيرة التي قُتل فيها أيمن الظواهري، الملتقطة من العاصمة الأفغانية كابل، حيث كان الظواهري يختبئ في منزل بأحد أحيائها.
وتُعد هذه الضربة هي "الكبرى" ضد تنظيم القاعدة منذ قتل مؤسسه أسامة بن لادن عام 2011 في عملية أمريكية خاصة في باكستان.
الدور الباكستاني
وعن أي دور باكستاني في عملية اغتيال الظواهري، قال روبين: "بالتأكيد، لا يريد الجيش الباكستاني التركيز على هذه المسألة، فالاقتصاد الباكستاني في خطر والبلاد تتعرض لانهيار".
واستشهد بتوصية قدَّمها الجنرال قمر جاويد باجوا قائد الجيش الباكستاني -الأسبوع الماضي- إلى واشنطن، طالبًا مساعدة الولايات المتحدة في دعم بلاده لدى صندوق النقد الدولي.
وقال مسؤولون باكستانيون إن قائد الجيش الباكستاني تواصل مع مسؤولين في واشنطن، سعيًا للحصول على مساعدتهم في تأمين الإفراج المبكر عن 1.7 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لبلاده، التي تعاني أزمة اقتصادية متفاقمة.
وأكد عدد من المسؤولين الحكوميين أن باجوا ناقش القضية مع نائبة وزير الخارجية الأمريكية ويندي شيرمان، وناشد واشنطن استخدام نفوذها لدى صندوق النقد الدولي لمساعدة باكستان.
وأشار الكاتب، إلى أن باكستان بحاجة شديدة إلى السيولة النقدية، لعدم التخلف عن السداد، لأن احتياطاتها من العملات الأجنبية لا تتجاوز 9 مليارات دولار، فضلًا عن أن عملتها في حالة انهيار.
والسؤال -حسب روبين- هو ما إذا كان البيت الأبيض، قد "استغل الوهن الباكستاني وحاجته الشديدة للمال، وطالب مقابل دعم الولايات المتحدة لقرض باكستان الطارئ، أن تتخلى إسلام آباد عن زعيم القاعدة وتكشف عن مكانه"، مشيرًا إلى أن هذا الأمر -حال وقوعه- "يبدو كصفقة جيدة على المدى القصير، إلا أنه يجب أن يدق أجراس الإنذار أيضًا".
وأضاف: "بينما ظلت وزارة الخارجية الأمريكية تشيد بباكستان فترة طويلة، رغم دعمها للإرهاب جنوحها نحو الصين، فإن منحها مكافأة أكثر من مليار دولار مقابل معلومات عن الظواهري، يقترب بشكل خطير من مكافأة الدولة التي كانت تحمي بن لادن يومًا على رعايتها للإرهاب".
سياسة واقعية
ووصف روبين، الصفقة -حالة إتمامها- بأنها تمثل سياسة الأمر الواقع، إلا أنها تثير أسئلة مقلقة مرة أخرى، مشيرًا إلى أنه إذا تدخلت الولايات المتحدة بالفعل للضغط على باجوا للتخلي عن الظواهري، فإن ذلك يشير إلى أن واشنطن كانت تعلم -منذ فترة طويلة- مدى تواطؤ إسلام أباد مع قادة القاعدة، ومع ذلك، على مدى عقدين من الزمن، لم تفعل الكثير لمحاسبتها.
وبالمثل -يضيف الكاتب- إذا كان باجوا على استعداد لخيانة الظواهري، فما الأوراق الأخرى التي سيسعى الجيش الباكستاني إلى تداولها في المستقبل؟ وهل يرعى أو يحمي زعيم القاعدة الجديد؟
ووجَّه الكاتب أسئلته إلى الإدارة الأمريكية قائلا: "ألا ينبغي أن تقطع باكستان علاقاتها بالقاعدة قبل أن تحصل على فلس واحد من المساعدة الدولية؟"، مشددًا على أنه من الضروري ألا "تُجبر إسلام أباد على الاختيار بين قابلية دعم اقتصادها، وميلها لدعم الإرهاب؟".
وأشار إلى أنه من غير الواضح من أين حلقت الطائرة من دون طيار التي أطلقت صاروخين على منزل الظواهري، لافتًا إلى أنه إذا كانت هذه الطائرة حلقت من باكستان، فإن ذلك يشير إلى أن باجوا كان أكثر تواطؤًا في قتل الظواهري، لكنه قد يشير أيضًا إلى أن بايدن يسمح لباكستان -بحكم الأمر الواقع- بدعم الإرهاب في أفغانستان.
واستطرد: "قد يقول فريق بايدن إنه لم يكن أمامهم خيار سوى الرقص مع الشيطان، إلا أن ذلك كان خطأ كبيرًا، لأنه في الوقت الذي أدار فيه بايدن ظهره للمقاومة الأفغانية، كان الإرهابيون يتجولون في كابل بحرية، لدرجة أن الظواهري نفسه كان يعيش في المدينة".
وأوضح أنه "إذا تخلى باجوا عن الظواهري -وهو ما يعادل افتراضيًا تسليم قائد الحرس الثوري الإيراني، الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله للإسرائيليين- فهو يستحق التهنئة، ومع ذلك، من المحتمل ألا يتمكن مرة أخرى من السير في شوارع كراتشي أو لاهور أو بيشاور".
وتابع: "إذا أكدت الصحافة الباكستانية دور باجوا في اغتيال الظواهري، فقد يحتاج قريبًا إلى مغادرة باكستان".
في غضون ذلك -حسب الكاتب- يجب أن تكون إدارة بايدن حذرة بشأن السماح لباكستان بالاستفادة من دعم الإرهاب المستمر، مضيفًا: "حان الوقت لنقول لباكستان: سلموا كل قيادات وأعضاء القاعدة، والتزموا بكل توصية من توصيات مجموعة العمل المالي (FATF) لمكافحة الإرهاب، إما أن تصنفوا على أنكم دولة راعية للإرهاب وستواجهون الإفلاس".
يذكر أن الخارجية الباكستانية، كانت أكدت أن إسلام أباد لم تقدم أي دعم لواشنطن في عمليتها لاستهداف زعيم "تنظيم القاعدة" أيمن الظواهري.
وقال الناطق باسم الخارجية الباكستانية عاصم افتخار، في بيان عن قتل الظواهري، إنّ "باكستان لم تلعب أي دور في هذه الغارة"، مضيفاً أنّ "باكستان تدين الإرهاب بشتى أشكاله وتصنيفاته، وقد دعمت إسلام آباد هذه الحرب، وقدَّمت تضحيات للقضاء على التنظيمات الإرهابية، التي كانت تعمل في هذه المنطقة".