في إندونيسيا... مواقع التواصل الاجتماعي تحت المراقبة
تسمح اللوائح للسلطات بإلزام المنصات بإزالة المحتويات التي تعدها غير قانونية، وغير مناسبة، والتي يمكن أن تسبب اضطرابًا في النظام العام أو إزعاجًا للمجتمع.

ترجمات - السياق
بعد أن حذرت السلطات الإندونيسية، بحظر تطبيقات الشبكات الاجتماعية والمواقع عبر الإنترنت، حال فشلها في التسجيل لدى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، اضطرت هذه المجموعات إلى توقيع قانون جديد، يحذر نشطاء من أنه يهدد حرية التعبير في أكبر اقتصاد جنوبي شرق آسيا.
وكشفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن أكبر مجموعات التكنولوجيا في العالم وقَّعت هذا القانون، في أحدث حل وسط من منصات التواصل الاجتماعي، للاحتفاظ بالوصول إلى أحد الأسواق المهمة.
وحسب الصحيفة، سجلت شركات وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك (فيس بوك وواتس آب-، وتيك توك، وتويتر) للحصول على تراخيص في وزارة الاتصالات الإندونيسية، التي بموجبها قد تضطر إلى فرض رقابة على المحتوى وتسليم بيانات المستخدمين، مشيرة إلى أن بعض هذه التطبيقات سجل قبل ساعات فقط من الموعد النهائي عند منتصف ليل الأربعاء الماضي.
قواعد صارمة
وبينت "فايننشال تايمز" أن إندونيسيا -موطن رابع أكبر عدد من السكان في العالم- أصبحت وجهة استثمارية جذابة بشكل متزايد لمجموعات التكنولوجيا الدولية، إلا أن الصحفيين والنشطاء ما زالوا يواجهون عقوبات قاسية، بموجب قوانين وسائل الإعلام عبر الإنترنت.
وبموجب القواعد المعلن عنها في نوفمبر 2020، طلبت إندونيسيا من شركات التكنولوجيا التسجيل لدى الحكومة قبل الموعد النهائي، الأربعاء 20 يوليو.
وتسمح اللوائح للسلطات بإلزام المنصات بإزالة المحتويات التي تعدها غير قانونية، وغير مناسبة، والتي يمكن أن تسبب اضطرابًا في النظام العام أو إزعاجًا للمجتمع، في غضون 24 ساعة، أو أربع ساعات في الحالات العاجلة.
كما تمكن السلطات أيضًا من الوصول إلى بيانات الشركات.
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أنه حال استمرار هذه المنصات أو الشركات في العمل من دون ترخيص، فإنها تتعرض لتلقي إنذارات بالغلق، تليها الغرامات وحتى فقدان حقها في العمل داخل البلاد.
ونقلت الصحيفة عن سيمويل أبريغاني، المدير العام لتطبيقات المعلومات في وزارة الاتصالات الإندونيسية قوله: "لقد حذرنا مرارًا وتكرارًا جميع شركات التكنولوجيا المحلية والأجنبية، والمواقع، ومزودي التطبيقات عبر الإنترنت، بضرورة التسجيل لتجنُّب الحظر... لقد منحناهم الوقت الكافي خلال الأشهر الستة الماضية".
حبل مشدود
وكشفت "فايننشال تايمز" أن القواعد الإندونيسية الجديدة، التي تشدد على ضرورة أن تسير شركات التكنولوجيا متعددة الجنسيات على "حبل مشدود"، نالت انتقادات لافتة من النشطاء والمدافعين عن حرية تداول المعلومات، الذين رأوا أن شركات وسائل التواصل الاجتماعي، التي غالبًا ما تعزز التزامها بحرية التعبير، أخلّت بهذه المبادئ طمعًا في تحقيق الربح.
ونقلت الصحيفة عن ستيفاني هير، الناشطة ومؤلفة كتاب "التكنولوجيا ليست محايدة... دليل قصير لأخلاقيات التكنولوجيا"، قولها: هذه المنصات التكنولوجية تُستخدم بشكل متزايد للتدخل في حقوق الإنسان أو حتى إعاقتها، لكن "أولوياتها -نهاية المطاف- تعظيم قيمة المساهمين وطاعة القانون".
وأضافت: "كان بإمكانهم أن يتحدوا ويرفضوا ذلك، لكنهم لم يفعلوا"، متابعة: "شركة ميتا -فيس بوك- كمثال ادعت مرارًا التزامها بحرية التعبير، فكيف يتوافق ذلك مع الالتزام بالقواعد الإندونيسية الجديدة؟".
ورأت الصحيفة البريطانية، أن اللوائح الجديدة سببت معضلة جديدة لقطاع التكنولوجيا، الذي واجه في السنوات الأخيرة ضغوطًا من قواعد مثيرة للجدل في بلدان أخرى، بما في ذلك مطالب بفرض رقابة على المحتوى في روسيا والصين، مشيرة إلى أنه خلال العام الماضي، تورط موقع تويتر في خلاف مع الهند بشأن أوامر بحظر الحسابات التي تغرد عن الاحتجاجات.
وبينت أنه رغم أن جاكرتا فسَّرت إقدامها على هذه الخطوة -مراقبة مواقع التواصل- بأن لوائحها تحمي البيانات الشخصية وتضمن مساحة رقمية "إيجابية ومثمرة" في البلاد، فإن هذه "المصطلحات الغامضة" أثارت مخاوف الصحفيين بالنظر إلى الاستخدام الواسع للقوانين القائمة لاستهداف المراسلين.
وقال تحالف الصحفيين المستقلين الإندونيسي في بيان: معايير إزعاج الجمهور "مرنة" و "مطاطية"، مضيفًا: "قد تكون النتيجة أن الأخبار أو المحتوى الذي يكشف عن انتهاكات للحقوق، أو تقارير التحقيق يمكن أن تكون مقلقة لأطراف معين ، أو حتى للحكومة أو وكالات إنفاذ القانون".
تأخر التسجيل
وأفادت "فايننشال تايمز" بأن عددًا كبيرًا من منصات التواصل الاجتماعي تأخر في الالتزام باللوائح الإندونيسية الجديدة.
وأشارت إلى أن موقع تويتر ظهر في سِجل الحكومة الأربعاء فقط، بعد يوم واحد من ظهور منصات مملوكة لشركة ميتا مثل (فيس بوك وواتس آب وإنستغرام)، بينما كانت آي كلاود من آبل، وخدمة السحابة من ميكروسوفت من بين 207 شركات أجنبية اشتركت.
كان موقع تويتر من أحدث الشركات التي تمت إضافتها إلى قائمة وزارة الاتصالات لمقدمي الخدمات الأجانب، الذين اشتركوا، وقالت الشركة -في بيان الأربعاء الماضي- إنها "اتخذت الخطوات المناسبة للامتثال".
وأظهرت السجلات أن وحدات شركة ميتا مثل (فيس بوك، وإنستغرام، وواتس آب) سجلت الثلاثاء، كما اشتركت أيضًا سبوتيفاي، ونتفلكس، وتيك توك التابعة لشركة بايت دانس الصينية.
وبينت الصحيفة البريطانية، أنه مع عدد سكانها الشباب البارعين في مجال التكنولوجيا البالغ 270 مليونًا، تعد إندونيسيا من أفضل 10 أسواق من حيث عدد المستخدمين لمجموعة من شركات وسائل التواصل الاجتماعي.
وهو ما يجعل إندونيسيا سوقًا رئيسًا لتيك توك، التي قالت -في بيان- إنها "ستمتثل دائمًا للوائح السائدة في أي سوق تعمل فيه". وأضافت الشركة أنها تعتقد أن "الحكومة الإندونيسية ستحترم حرية التعبير".
بينما قال موقع تويتر إنه لا يزال ملتزمًا بالسوق الإندونيسي ويشجع "الإنترنت المفتوح"، وقالت الشركة إنها تتطلع إلى العمل مع الحكومة لجعل الإنترنت "آمنًا ومجانيًا".
وبينما امتنعت ميتا وآبل ومايكروسوفت وأمازون عن التعليق، قال أحد ممثلي غوغل: "نحن على دراية بمتطلبات اللائحة، ونعمل على اتخاذ الإجراء المناسب للامتثال".