الروبل آخذ في الارتفاع... والعقوبات ضد روسيا جعلت بوتين أقوى من أي وقت مضى
العقوبات الغربية ضد روسيا من أسوأ السياسات فهمًا، وذات نتائج عكسية في التاريخ الحديث

ترجمات - السياق
رأت صحيفة غارديان البريطانية، أن العقوبات الغربية ضد روسيا -على خلفية غزو أوكرانيا- جعلت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أقوى من أي وقت مضى، مشيرة إلى أن العملة الروسية (الروبل) آخذة في الارتفاع، بسبب تزايد مبيعات النفط والغاز الروسي، إلى دول عدة، مثل الصين والهند وإيران.
ورأت الصحيفة -في تحليل للكاتب سيمون جينكيز- أن العقوبات الغربية ضد روسيا من أسوأ السياسات فهمًا، وذات نتائج عكسية في التاريخ الحديث، مشيرة إلى أن نتائج الحرب الاقتصادية، التي شنتها الدول الغربية ضد موسكو جاءت بنتائج عكسية، زادت قوة بوتين.
وأضافت: "المساعدة العسكرية لأوكرانيا لها ما يبررها ، لكن الحرب الاقتصادية غير فعّالة ضد النظام في موسكو ومدمرة لأهدافها غير المقصودة، إذ إن أسعار الطاقة العالمية ترتفع بشدة، والتضخم آخذ في الارتفاع، وسلاسل التوريد فوضوية، والملايين محرومون من الغاز والحبوب والأسمدة".
صرخة الحرب
وانتقدت "غارديان" ما سمته صمت مؤسسات الفكر الاستراتيجي، على النتائج العكسية للعقوبات الغربية ضد موسكو، مضيفة: "ومع ذلك يتنافس الزعيمان البريطانيان المفترضان على رئاسة الحكومة البريطانية خلفًا لبوريس جونسون "ليز تروس وريشي سوناك" -في خطاب عدائي- على فرض عقوبات أكثر صرامة من دون ذكر أي هدف".
ورأت أن توجيه أي انتقادات للعقوبات الغربية ضد موسكو، باعتبارها تأتي بنتائج عكسية، يشار إلى صاحبها بأنه "مؤيد لبوتين" ومناهض لأوكرانيا، رغم أن هذه العقوبات يدفع ثمنها المواطن الأوروبي.
وأوضحت الصحيفة، أن القيود الاقتصادية المفروضة على موسكو "استدعت الانتقام الروسي"، مشيرة إلى أن بوتين أصبح حرًا في تجميد أوروبا هذا الشتاء، حيث خفَّض إمدادات الغاز عبر خطوط الأنابيب الرئيسة مثل نورد ستريم 1 بنسبة تصل إلى 80%، ما تسبب في ارتفاع غير مسبوق بأسعار النفط العالمية، ودوره في توقف تدفق القمح وغيره من المواد الغذائية، من أوروبا الشرقية إلى إفريقيا وآسيا.
أمام هذه التطورات، أشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن فواتير الغاز المحلي في بريطانيا زادت إلى نحو ثلاثة أضعاف في غضون عام، مشددة على أن المستفيد الرئيس ليس سوى روسيا، التي ارتفعت صادراتها من الطاقة إلى آسيا، ما أدى إلى فائض غير مسبوق في ميزان مدفوعاتها، وأصبح الروبل أحد أقوى العملات العالمية هذا العام، بعد أن عزز قوته بنحو 50 في المئة منذ يناير.
وزادت: "رغم تجميد أصول موسكو الخارجية ونقل الأوليغارشيين يخوتهم الخاصة إلى الخارج، فإنه لا يوجد ما يشير إلى أن بوتين يهتم بذلك"
وقالت الصحيفة: الترابط بين اقتصادات العالم، الذي كان يُنظر إليه على أنه أداة سلام، أصبح سلاحًا في الحرب، مشيرة إلى أن قيادات حلف الناتو كانوا حذرين بحكمة من تصعيد المساعدات العسكرية لأوكرانيا، حتى لا يسببوا عداوة صريحة مع روسيا، ومع ذلك، تدافعوا للمشاركة في محاولة إضعاف الاقتصاد الروسي وعودته إلى "العصر الحجري"، لكن يبدو أن خططهم تبوء بالفشل.
تأثير ضئيل
واستبعدت "غارديان" أن تكون حكومة بوريس جونسون قد تنبأت بأي نتيجة محتملة للعقوبات الروسية على بريطانيا، مشيرة إلى أن قطع الغاز الروسي عن أوروبا، الشتاء المقبل، ستشمل نتائجه بريطانيا.
كانت روسيا خفضت كمية الغاز الطبيعي، التي ترسلها إلى أوروبا عن طريق إغلاق توربين واحد على خط أنابيب نورد ستريم 1، وأدت تخمينات بأنها ستقدم على تخفيض الإمداد إلى ارتفاع أسعار الغاز العالمية مرة أخرى، وسط مخاوف متجددة من نقص.
واستشهدت الصحيفة، بما قاله المؤرخ الاقتصادي الأمريكي نيكولاس مولدر، الذي أشار إلى أن أكثر من 30 "حربًا" للعقوبات في الخمسين عامًا الماضية كان لها تأثير ضئيل إن لم تكن جاءت بنتائج عكسية.
قوة موسكو
ورأت "غارديان" أن موسكو ليست صغيرة ولا ضعيفة، ومن ثمّ فإن العقوبات قد لا تضرها بالشكل الذي يريده الغرب.
واستشهدت الصحيفة، بما قاله ريتشارد كونولي، الخبير الروسي في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، بأن بوتين تعلَّم الدرس جيدًا من انهيار الاتحاد السوفييتي، وأدار روسيا اقتصاديًا بطرق تحفظ لها طموحاتها العالمية.
واستشهد كونولي، برد بوتين على العقوبات المفروضة عليه منذ استيلائه على شبه جزيرة القرم ودونباس عام 2014، حيث لم يعرها أي اهتمام، وواصل حملته بلا هوادة.
ورأت الصحيفة، أن الغرب كان يتصور، حينما اتخذ قرار العقوبات ضد موسكو، أن بوتين سيأتي إليهم متوسلاً من أجل السلام، إلا أنه للآن يواصل حربه في أوكرانيا بلا هوادة، وبدلا من أن يتعثر اقتصاده استفادت العملة المحلية (الروبل) من عمليات بيع النفط والغاز لعدد من الدول، وارتفعت أمام العملات الغربية كالدولار الأمريكي واليورو الأوروبي.
وحسب الصحيفة، فقد عززت العقوبات ضد روسيا، التجارة مع الصين وإيران والهند، مشيرة إلى أن هذه الدول استفادت من العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، وحققت أرباحًا ضخمة من التجارة المتبادلة.
وأشارت إلى أن موسكو، لجأت إلى استبدال سلسلة مطاعم تملكها تسمى (فكوسنا إي توتشكا) بماكدونالدز الأمريكية لديها، مضيفة: "بالطبع الاقتصاد أضعف، لكن بوتين أقوى، إذ إن العقوبات باتت ترسخ عالمًا اقتصاديًا جديدًا عبر آسيا، وتتبنى دورًا معززًا للصين، وهو عكس ما كانت عليه التوقعات".
في غضون ذلك -حسب الصحيفة- انغمس الغرب وشعوبه في ركود، وانتشر عدم اليقين إلى المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة، بينما توشك ألمانيا والمجر المتعطشتان للغاز على الرقص على أنغام بوتين.
وأشارت إلى أنه بينما تكلفة المعيشة آخذة في الارتفاع في كل مكان، وأثبتت العقوبات فشلها، لا يجرؤ أحد -حتى الآن- على التشكيك في العقوبات.