إرث الظواهري.. ماذا بعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة؟

واشنطن بوست: قتل الظواهري يوفر لتنظيم القاعدة فرصة للولادة من جديد

إرث الظواهري.. ماذا بعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة؟
زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أيمن الظواهري

ترجمات - السياق 

رأت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أنه رغم قتل زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، بصاروخ أمريكي -بينما كان يقف على شرفة منزل آمن في كابل فإنه ترك خلفه ميراث من الجماعات المتطرفة، التي قد "تشكل نواة لتشكيل تنظيمات متشددة جديدة".

وبينت -في تقرير- أنه قبل شهرين من وفاته في غارة أمريكية بطائرة من دون طيار، جلس زعيم القاعدة أمام كاميرا فيديو لإلقاء خطبة حماسية، لبعض تلاميذه السابقين المبعدين، لحثهم على العودة إلى الأنشطة الجهادية، مشيرة إلى أنه بدا كأنه "نبي" أو "جد" يوبخ نسله الضال للعودة إلى الطريق الذي رسمه لهم.

وقال الظواهري في خطابه، موجهًا حديثه لزعيم إسلامي سوري كان من أنصار القاعدة: "أنت أحمق"، بينما انتقد زعيم فصيل آخر ووصفه بأنه "فاسد"، واتهم ثالث بـ "الانحراف الأخلاقي".

وأشارت الصحيفة، إلى أنه عندما صدر هذا الفيديو في يونيو الماضي، لفت انتباه المختصين بالإرهاب في كل مكان، ذلك أنه تضمن لهجة غاضبة بشكل لافت للنظر، لافتة إلى أنه "إذا نظرنا إليها في أعقاب وفاة الظواهري، فإنها تعد نافذة على شبكات متناثرة من الجماعات المتطرفة، التي تشكل الإرث الحديث للحركة الإرهابية، التي ساعد الظواهري في تأسيسها قبل أربعة عقود".

فصل جديد

ورأت "واشنطن بوست" أن وفاة الظواهري - البالغ من العمر 71 عامًا- يغلق فعليًا فصلًا عن الجماعة الإرهابية التي تتخذ من أفغانستان مقرًا لها، والتي برزت إلى الصدارة العالمية تحت قيادة أسامة بن لادن من خلال هجمات 11 سبتمبر الإرهابية.

وحسب الصحيفة، يرى العديد من مسؤولي وخبراء مكافحة الإرهاب أن نهاية عهد الظواهري شهدت حالة من الفوضى داخل التنظيم، لكنه ترك أيضًا شبكة متناثرة من الجماعات التابعة للقاعدة في دول عدة، تشكل إرثًا معاصرًا للتنظيم الإرهابي.

ظهرت الانشقاقات في صفوف القاعدة، بعد ساعات من قتل الظواهري، ونشرت الفصائل المختلفة التي كانت تنتمي إلى التنظيم ردود فعل متباينة على وفاته.

وفي غرف الدردشة على مواقع التواصل الاجتماعي، أشاد بعض المتشددين بالزعيم المقتول ووصفوه بـ"الشهيد"، متهمين حركة "طالبان" بخيانته، لكن آخرين ألقوا باللوم على الظواهري في ضعف القيادة، والفشل في منع الانقسامات داخل الحركة الإسلامية، بينما شجبه آخرون -ومعظمهم من أتباع تنظيم داعش- ووصفوه بأنه "دمية".

انقسام بين الإرهابيين

وتبين "واشنطن بوست" أن التعليقات تبين لأي مدى وصلت الانقسامات بين أعضاء الحركات المتشددة، ونقلت عن الخبير في الإرهاب بالشرق الأوسط، المدير التنفيذي لمعهد أبحاث الإعلام في الشرق الأوسط، ستيفن ستالينسكي، قوله: الضجة التي خلفها قتل الظواهري على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي تكشف مدى الانقسام بين التنظيمات المتشددة.

رغم ذلك، يشير خبراء إلى أن "قتل الظواهري يوفر لتنظيم القاعدة فرصة للولادة من جديد، وربما التطور"، مشيرين إلى أن "إطاحة ما سموه (الرئيس الصوري المتحذلق)، الذي اشتهر بخطبه المملة، يمكن أن يوفر فرصة لزعيم جديد أكثر جاذبية قد يساعد القاعدة في استعادة مكانتها على قمة الحركة الإرهابية".

وتأكيدًا لذلك، قال مسؤول أوروبي في مكافحة الإرهاب يراقب أنشطة تنظيم القاعدة: "قتل الظواهري لن يقضي على تنظيم القاعدة"، متوقعًا "زيادة هجمات التنظيم على المصالح الغربية".

وحسب بعض الخبراء، فإنه في ظل الفراغ القيادي الذي أحدثه قتل الظواهري، يمكن أن تصبح الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة في إفريقيا والشرق الأوسط أكثر بروزًا، وربما أكثر خطورة.

وأوضحوا أنه في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن لقائد جديد للقاعدة المساعدة في "توحيد صفوف المسلحين المنقسمين في جميع أنحاء العالم"، ما ينذر بموجات مستقبلية من الهجمات الإرهابية، حتى لو كانت النواة التقليدية للقاعدة تفتقر إلى الموارد اللازمة لتنفيذ هذه الهجمات بمفردها.

وحيال ذلك، نقلت الصحيفة عن مؤسسة مجموعة سايت إنتليجنس غروب، التي تتبع تنظيم القاعدة على الإنترنت، ريتا كاتز، قولها: تنظيم القاعدة ككيان مركزي يختلف تمامًا عما كان عليه وقت هجمات 11 سبتمبر، مشيرة إلى أن القاعدة تحتفظ بشبكة دولية من المجموعات التابعة والداعمة لها، لكنها لا تقودهم على أرض الواقع.

ووفقًا لكاتز فإن "دور القاعدة يتركز في توفير القيادة الروحية للجماعات المتطرفة وإقراضهم علامتها التجارية العالمية".

تراجع القاعدة

وبينت "واشنطن بوست" أن تنظيم القاعدة كان في حالة تراجع بالفعل قبل تعيين الظواهري زعيمًا في أعقاب العملية العسكرية الأمريكية التي قتلت أسامة بن لادن، عام 2011.

وأشارت إلى أنه منذ تولي الظواهري قيادة القاعدة، ضربت الانشقاقات التنظيم، وعام 2013 فقد السيطرة على مجموعتين فرعيتين في سوريا (جبهة النصرة المتحالفة مع القاعدة وتنظيم داعش).

وأفادت بأنه بعد طردهم من أفغانستان عام 2002، اختبأ كبار قادة الجماعة، وكافحوا -في كثير من الأحيان- للتواصل مع أتباعهم المنتشرين أو تنظيم هجمات إرهابية كبيرة.

في غضون ذلك -حسب الصحيفة- كثفت الولايات المتحدة حملتها بضربات الطائرات من دون طيار التي استهدفت مسؤولين رئيسين في القاعدة وطالبان في مخابئهم، ومعظمها في أفغانستان والمناطق القبلية شمالي غرب باكستان.

أمام هذه الانقسامات -حسب الصحيفة- تخلت جبهة النصرة، التي تُعرف الآن بهيئة تحرير الشام، عن علاقاتها بالقاعدة، وسرعان ما شن تنظيم داعش هجومه على القاعدة، فقتل وألقى القبض على أعضائها في سوريا والعراق، ما جعل القاعدة "بلا حلفاء ذوي أهمية في أي من البلدين".

ورغم ذلك، مازالت القاعدة تمتلك أذرعًا في إفريقيا، واليمن، لكن تلك الجماعات متورطة في "حركات تمرد محلية"، وولاءهم لقيادة القاعدة الأساسية غير مؤكد.

وأشارت الصحيفة، إلى أنه من الأهمية بمكان لكي تستطيع الحركة العودة في المستقبل، عليها أن تعيد علاقاتها الممتدة بمختلف الفصائل داخل حكومة طالبان الأفغانية، وهي العلاقات التي تعززت منذ انسحاب القوات الأمريكية في أغسطس من العام الماضي.

ووفقًا لمسؤولي مكافحة الإرهاب الحاليين والسابقين، فإن طالبان كانت بالتأكيد على عِلم بقرار الظواهري بالانتقال إلى مبنى سكني في كابل، حيث كان يقيم وقت وفاته، بينما قد ينظر قادة ونشطاء آخرون في القاعدة إلى أفغانستان على أنها ملاذ آمن، يمكنهم اللجوء إليه وإعادة التجمع من جديد.

وتعليقًا على ذلك، حذر ناثان سيلز، منسق مكافحة الإرهاب، المبعوث الخاص للتحالف الدولي ضد داعش في وزارة الخارجية الأمريكية سابقًا، من أن القاعدة قد تعيد تجميع صفوفها، مشيرًا إلى أنه بينما كانت وكالة المخابرات المركزية قادرة على تعقب وقتل الظواهري في كابل باستخدام المراقبة عن بُعد، إلا أنه ليس من الواضح أن نجاح الولايات المتحدة "يمكن تكراره ضد أهداف إرهابية أخرى".