تركيا خارج اتفاقية إسطنبول... والآلاف يستعدون للاحتجاج

يستعد الآلاف للاحتجاج في تركيا، بالتزامن مع انسحاب أنقرة رسمياً، من اتفاقية إسطنبول لمكافحة العنف ضد المرأة

تركيا خارج اتفاقية إسطنبول... والآلاف يستعدون للاحتجاج

السياق

 خرجت تركيا رسميًا اليوم الخميس، من «اتفاقية إسطنبول» لمكافحة العنف ضد المرأة، بينما يستعد الآلاف للاحتجاج، في جميع أنحاء تركيا، ضد القرار الذي أثار الإعلان عنه قبل أشهر، انتقادات أوروبية وأمريكية.

وكانت الجريدة الرسمية في تركيا قالت في 20 مارس الماضي، إن الرئيس رجب طيب أردوغان انسحب من اتفاقية دولية، تهدف إلى حماية المرأة، في قرار لم توضح حينها أهدافه ولا أسبابه.

إلا أن القرار مر بمراحل قضائية، كان آخر فصولها، الأسبوع الجاري، إذ رفضت المحكمة الدستورية العليا (أعلى هيئة قضائية في تركيا) الطعن عليه، ومنحت الضوء الأخضر لأنقرة، للخروج من الاتفاقية.

وبينما يستعد الآلاف للاحتجاج، في جميع أنحاء تركيا، قالت جنان غولو رئيسة اتحاد الجمعيات النسائية التركية في تصريحات لـ«رويترز»: إن تركيا تضر نفسها بهذا القرار، معلنة «مواصلة الكفاح».

وقالت الحقوقية التركية، إن النساء والفئات الضعيفة الأخرى، كانوا أكثر تردُّداً في طلب المساعدة، وأقل احتمالاً لتلقيها، إذ أدى فيروس كورونا إلى تفاقم المصاعب الاقتصادية، ما سبَّب زيادة كبيرة في العنف ضدهن.

لكن ما هي اتفاقية إسطنبول؟ ولِمَ انسحبت تركيا منها؟ وما تأثير قرار أنقرة؟

ما هي اتفاقية إسطنبول؟

أطلق عليها رسميًا «اتفاقية المجلس الأوروبي لمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف الأسري»، إلا أنها أصبحت معروفة باسم اتفاقية إسطنبول، نسبة إلى المدينة التي شهدت توقيعها، عام 2011.

صاغ الاتفاقية مجلس أوروبا، لوضع الأسس القانونية التي تضمن عقاب المتعدين على المرأة، وللحيولة دون وقوع العنف، والعمل على حماية ضحاياه.

الاتفاقية تتضمن التزامات قانونية على 45 دولة أوروبية وقَّعتها، فضلاً عن الاتحاد الأوروبي كمنظمة، تشمل الاستثمار في التعليم، وجمع البيانات عن الجرائم المتعلِّقة بالنوع أو الجنس، وتقديم خدمات الدعم للضحايا.

وبحسب منظمة العفو الدولية، فإن الاتفاقية تتضمَّن إلزام الدول الأطراف، بإنشاء خدمات الحماية والدعم للاستجابة للعنف ضد المرأة، وتشمل عددًا كافيًا من الملاجئ، مراكز لأزمات الاغتصاب، خطوط مساعدة مجانية على مدار الساعة، طوال أيام الأسبوع، الإرشاد النفسي والرعاية الطبية للناجيات من العنف.

كما تدعو الاتفاقية، الدول المشاركة فيها، إلى ضمان التثقيف بشأن المساواة بين فئات النوع الاجتماعي، والحياة الجنسية، والعلاقات الصحية.

وتُعَدُّ اتفاقية اسطنبول، المعاهدة الإقليمية الثالثة، على الصعيد العالمي، التي تتناول العنف ضد النساء، والأكثر شمولاً بعد «الاتفاقية الأمريكية لمنع واستئصال العنف ضد النساء والعقاب عليه» و«بروتوكول حقوق المرأة في أفريقيا الملحق بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب».

لماذا خرجت تركيا؟

دائرة الاتصالات بالرئاسة التركية، نشرت في 21 مارس الماضي، بيانًا قالت فيه إنه «تم التلاعب باتفاقية إسطنبول لمنع العنف ضد المرأة، من بعض الشرائح التي تسعى إلى تطبيع المثلية، والتي لا تنسجم مع القيم التركية».

وقالت الرئاسة التركية: إن أنقرة ليست الوحيدة التي لديها تحفُّظات على اتفاقية إسطنبول، بل إن هناك بلداناً لم تصدِّق عليها.

قتل النساء

انسحاب تركيا من الاتفاقية، يأتي في الوقت الذي ارتفع فيه معدل قتل الإناث في أنقرة بشكل كبير، إذ سجَّلت مجموعة مراقبة قتل واحدة تقريبًا يوميًا في السنوات الخمس الماضية.

وتحوَّل العنف ضد النساء، إلى جزء مظلم من الحياة اليومية في تركيا، فوفقًا لدراسة أجريت عام 2009 عن استراتيجيات الوقاية، عانى 42% من التركيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و60 العنف الجسدي أو الجنسي، من أزواجهن أو شركائهن.

وفي عام 2019، لقيت 474 امرأة مصرعهن، معظمهن على يد الشركاء والأقارب، وهو أعلى معدل في عقد، بحسب مجموعة حملة «سنوقف قتل النساء» التركية.

استهجان أمريكي أوروبي

أصدرت الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي، بيانات متوالية، بعد قرار أنقرة في مارس الماضي، بالانسحاب، أدانت فيه القرار، وطالبت تركيا بالاستمرار في الاتفاقية.

ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن، في بيان سابق، انسحاب تركيا بـ«المخيِّب للآمال، وخطوة إلى الوراء في الجهود المبذولة لإنهاء العنف ضد المرأة على مستوى العالم».

وأشار بايدن، إلى زيادات في عدد حوادث العنف الأسري، وارتفاع معدل قتل النساء في تركيا، مطالبًا أنقرة بتعزيز وتجديد التزاماتها بإنهاء العنف ضد المرأة، وليس رفض المعاهدات الدولية لحماية المرأة ومحاسبة المنتهكين.

منسِّق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، استهجن –بدوره- قرار أنقرة، قائلاً، إنه غير مفهوم ويهدِّد بالمساس بالحماية والحقوق الأساسية للنساء والفتيات في تركيا، ويبعث برسالة خطيرة في جميع أنحاء العالم.

برلين قالت في بيان أصدرته في مارس الماضي، إنه لا الثقافة ولا الدين ولا التقاليد «يمكن أن تكون ذريعة لتجاهل العنف ضد المرأة»، بينما قالت باريس: إن انسحاب تركيا يمثل تراجعًا جديدًا، في ما يتعلَّق باحترام حقوق الإنسان.