فورين بوليسي: العراق وسيط القوة الجديد في الشرق الأوسط

وعن فرص نجاح الكاظمي، قال الكاتب: يحسب للقائد العراقي الفضل في شرف المحاولة، مع العلم أن مشكلات العراق الداخلية صعبة بما يكفي لحلها، من دون ضغط المشكلات الإقليمية المتزايد.

فورين بوليسي: العراق وسيط القوة الجديد في الشرق الأوسط

ترجمات – السياق

بعد عقود من تقديم الفوضى فقط في المنطقة، تحاول بغداد أن تصبح رائدة في الإقليم، والعودة بقوة كوسيط القوة الجديد في الشرق الأوسط، بحسب الكاتب الأمريكي ستيفن إيه كوك.

وقال ستيفن -في مقال بمجلة فورين بوليسي الأمريكية- إن موقع "أحوال تركية" الإخباري أفاد الأسبوع الماضي، بأن الحكومة العراقية وجَّهت دعوة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لحضور قمة أمنية إقليمية، تضم السعودية وإيران وسوريا والأردن والكويت والاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى أنه منذ ذلك الحين، أفادت وسائل إعلام أخرى، بأن قائمة الضيوف تشمل أيضًا الإمارات العربية المتحدة وقطر ومصر.

وأوضح الكاتب، أن الاجتماع المقرَّر عقده، أواخر أغسطس الجاري، مجرَّد أحدث جهد يمتد إلى عام 2019 من القيادة العراقية، لتكون قوة بنّاءة في الشرق الأوسط.

وقال إن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الذي يحظى بشعبية عالية في بلاده، لإصراره على تغيير الثروات السياسية والاقتصادية العراقية، يسعى إلى لعب دور في تسوية المشكلات الإقليمية من حوله، متسائلًا: لكن هل تمتلك بغداد النفوذ والموارد والهيبة، لتشكيل منطقة أكثر استقرارًا؟

وأضاف: "لدى الزعيم العراقي بعض المواصفات التي تؤهله لذلك، منها مكانته الخاصة، والعلاقات التي رعاها كرئيس لجهاز المخابرات العراقي بين عامي 2016 و2020".

 

نهج بنّاء

وأشار الكاتب، إلى أن نهج الحكومة العراقية الجديد البنّاء، تجاه المنطقة، يسبق -في الواقع- وصول الكاظمي إلى رئاسة الوزراء، ففي ربيع 2019، أعلنت مصر والأردن والعراق، عزمها إنشاء آلية للتعاون الاقتصادي والجيوسياسي، لكن في ذلك الوقت، لم يلفت الأمر انتباه العديد من الدول، بل واعتبره البعض مشروعًا غير مفيد، وهو ما ثبت عكسه مع الأيام.

وأضاف: لقد عانى العراق مشكلات سياسية وأمنية، لا تُعَد ولا تُحصى منذ الغزو الأمريكي عام 2003، وكانت له علاقات بعيدة وصعبة بالقوى الإقليمية الأخرى، بينما في المقابل تحوَّلت مصر إلى الاهتمام بالداخل، خصوصًا بعد أحداث يناير 2011.

وتابع: "بعد عامين وأربعة اجتماعات للقيادة، اتفق العراقيون والمصريون والأردنيون، على بناء خط أنابيب من البصرة إلى العقبة، مع خطط لتمديده إلى مصر، وربط شبكات الكهرباء الخاصة بهم، لتقليل اعتماد العراق على إيران، وتزويد المصريين والأردنيين، مع فتح الباب لعدد من الشركات المصرية والأردنية، للمشاركة في إعادة إعمار العراق.

وكما هو الحال في كثير من الأحيان، فإن ما يتم وضعه على الورق قد لا يتحقَّق، ولكن، حتى لو تم تحقيق هذه الخطط جزئيًا فقط، فمن المحتمل أن تعود بالفائدة على العراقيين.

ويؤكد كوك، أن هناك فوائد سياسية وجيواستراتيجية واضحة للعلاقة، ففي الاجتماع الأخير بين القادة المصريين والعراقيين والأردنيين، أواخر يونيو الماضي، أكد رئيس الوزراء العراقي، أن الدول العربية تسعى إلى تطوير "رؤية مشتركة من خلال التعاون والتنسيق" لحل النزاعات في سوريا وفلسطين وليبيا واليمن، وهو ما يظهر للوهلة الأولى، وكأنه نوع من الخط الهزيل، الذي يستخدمه القادة لملء الفراغ وإضافة الجاذبية إلى مؤتمرهم، لكن ذلك يعني -في الواقع- شيئًا مختلفًا.

 

ترحيب بالوساطة

وقال الكاتب إن إقامة علاقات قوية بقوى إقليمية مهمة، مثل مصر والأردن وتركيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، توفِّر للكاظمي مزيدًا من العمق والقوة، لسحب العراق من تحت سيطرة إيران، من دون معاداة طهران، مشيرًا إلى أن العراقيين واقعيون بالطبع، ومن ثم ستكون إيران دائمًا مؤثِّرة ولها مصالح في العراق، ولكن من خلال القيام بدور أكبر لنفسها بين الدول العربية، فإن لدى الكاظمي فرصة أفضل، لتأسيس شيء أقرب إلى العلاقات، بين العراق وإيران، بدلاً من علاقة تبدو أشبه بالتبعية.

 

فرص نجاح الكاظمي

وعن فرص نجاح الكاظمي، قال الكاتب: يحسب للقائد العراقي الفضل في شرف المحاولة، مع العلم أن مشكلات العراق الداخلية صعبة بما يكفي لحلها، من دون ضغط المشكلات الإقليمية المتزايد.

أواخر عام 2019 -على سبيل المثال- تسبَّبت الضربات الجوية التركية شمالي شرق سوريا في تدفق عشرات الآلاف من الأكراد السوريين إلى العراق، ما زاد أعباء البلاد.

وأضاف: "يبدو أن هناك بعض الاهتمام الحقيقي بالنسبة للكاظمي، في ما يخص التدخل، لتهدئة التوترات الإقليمية.

فقد أدت سياسة أردوغان الخارجية العدوانية بلا داع، على مدى السنوات الماضية، إلى عزل تركيا في الشرق الأوسط، والابتعاد عن حلفاء أنقرة في أوروبا والولايات المتحدة، كما تسبَّبت الأخبار الاقتصادية السيئة، وعدم الكفاءة في التعامل مع كوارث مثل كورونا وحرائق الغابات، في إلحاق الضرر بالرئيس التركي سياسيًا، ونتيجة لذلك، تبدو وكأنها لحظة مواتية بالنسبة له للسعي إلى علاقات أفضل مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر.

وفي ما يخص الخلاف المصري التركي، أوضح كوك: رغم جهود الوساطة التي يبذلها رئيس الوزراء العراقي، فإنه ما زال المصريون والأتراك لم يطبعوا علاقاتهم، رغم التوقُّعات بأنهم سيفعلون ذلك.

وقال: إن الاجتماع المقرَّر عقده نهاية أغسطس الجاري، بحضور قادة السعودية وتركيا وإيران وسوريا والأردن والكويت والاتحاد الأوروبي، قد يكون خطوة مهمة، في استبدال بصيص من الأمل بيأس السنوات الأخيرة.