الولايات المتحدة خسرت حربها في أفغانستان منذ 20 عاماً
حماقة القادة الأمريكيين ظهرت حينما اعتقدوا أن بإمكانهم إعادة تشكيل المجتمع الأفغاني بعد غزو البلاد

ترجمات-السياق
"نهاية قاتمة لهذه الحرب الأبدية"، هكذا وصف الكاتب الهندي بانكاج ميشرا، انسحاب الجيش الأمريكي من أفغانستان، معتبراً أن الأمر "الغريب" في الحرب الأمريكية في أفغانستان، هو أن كل "شيء" كان متوقَّعاً منذ البداية.
وقال ميشرا، في مقال بشبكة بلومبرج الأمريكية، إن القوات الأمريكية الآن تنسحب من أفغانستان، في الوقت الذي تحقِّق فيه حركة طالبان مكاسب سريعة، في جميع أنحاء البلاد، مشيراً إلى مغادرة القوات الأمريكية قاعدة باجرام الجوية، بالقرب من كابول، في جوف الليل، الأسبوع الماضي، من دون إبلاغ حلفائها الأفغان.
وقال قائد قاعدة باغرام الأفغانية الجديد، إن القوات الأمريكية غادرت القاعدة، من دون أن تبلغ الجانب الأفغاني.
وتحوي القاعدة العسكرية سجناً، تفيد التقارير بأن فيه 5 آلاف سجين من "طالبان" التي تتقدَّم بسرعة في الأراضي الأفغانية، منذ بدء الجيش الأمريكي عملية الانسحاب.
وكانت قاعدة باغرام مقراً لعشرات آلاف العسكريين الأمريكيين، إذ حولت من قاعدة عسكرية أفغانية بسيطة، إلى ما يشبه مدينة صغيرة، تحوي مسابح ودور سينما وحمامات وفروعاً لمطاعم برغر كينغ وبيتزا هت.
ويبدو أن الافتراضات الخاطئة، والافتقار إلى الوعي، لا يزالان يغذيان هذه الحرب المدمِّرة، التي أدت إلى خسارة أرواح لا حصر لها، وكلفت الولايات المتحدة مئات المليارات من الدولارات، بحسب الكاتب الهندي ميشرا.
واعتبر الكاتب، أن أمريكا تركت أفغانستان بعد 20 عاماً، في وضع أسوأ من قبل دخول قواتها، مشيراً إلى أنه من الضروري، لأولئك العاملين في مجال الشؤون الدولية، البحث عن أسباب وكيفية حدوث ذلك.
ورغم أنه كان يتعيَّـن على الولايات المتحدة وحلفائها، الرد بقوة على النظام الذي مكّن -بشكل مباشر أو غير مباشر- من ارتكاب هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية، فإن عملية عسكرية تستهدف منفذي هذه الهجمات، والمتواطئين معهم، كانت ستؤدي غرض تحقيق العدالة والانتقام، كما أنها كانت سترسل رسالة ردع إلى اللاعبين السياسيين في أفغانستان، وذلك بشكل أفضل من الغزو واسع النطاق للبلاد، بحسب كاتب المقال.
وتابع: "ولكن بدلاً من ذلك، اختارت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، إجراء عملية إعادة تشكيل هائلة لدولة بأكملها، من الناحيتين العسكرية والسياسية، وتم دعمه في هذا المسعى اليائس، من خلال الإجماع السريع من المؤسسات السياسية والإعلامية".
وذكر الكاتب أنه، على مدى بضعة أشهر، من بداية الحرب في أفغانستان، بدا أن كل شيء يسير على ما يرام، إذ وجد أولئك الذين يطالبون بإطاحة نظام طالبان، أن مطالبهم مُبرَّرة، بعدما شاهدوا رقص وهتاف الحشود في كابول، للترحيب بمحرريهم الغربيين، وأضاف: "لكن أولئك الذين عرفوا أفغانستان، قبل أحداث 11 سبتمبر، كانوا يعرفون أن رجال طالبان أنفسهم، تم الترحيب بهم كمحررين في أجزاء كبيرة من البلاد".
وظهرت حركة طالبان، منتصف التسعينيات، لتخليص البلاد من أمراء الحرب، وكثير منهم من تجار الأفيون، وجميعهم تقريباً متخصصون في القتل والتعذيب والاغتصاب، حسب الكاتب، ولكن بحلول عام 2001، سئم العديد من الأفغان وحشية الحركة، خاصة في كابول، بعدما وسَّع الحكام المدعومون من السوفييت، نطاق الفرص التعليمية، والحريات الاجتماعية، وأصبحت النساء في العاصمة والمحافظات التي تهيمن عليها الأقليات العِرقية، يرفضن قيود "طالبان" القاسية.
وأشار الكاتب، إلى أن الأصوات الأفغانية النادرة، التي كانت تتحدَّث في ذلك الوقت، كانت كلها تقريباً من النخبة التي تسعى فقط، إلى التخلُّص من حُكم "طالبان".
ورأى ميشرا، أن الحرب في أفغانستان اليوم، تبدو فشلاً كبيراً، إذ فشل الأمريكيون حتى في الاعتراف بالواقع المعقَّد هناك، فضلاً عن التعامل معه، وأضاف : "ربما يكون من التفاؤل للغاية، أن نتخيل أنه كان من الممكن تجنُّب هذه الأخطاء المكلفة بشكل مخيف، من خلال تهيئة مناخ أكثر انفتاحاً على وِجهات النظر الأخرى".
وقال الكاتب في نهاية مقاله: إن هناك درسًا واحدًا واضحًا من الهزيمة الأمريكية، التي رأى أنها كانت متوقَّعة منذ فترة طويلة في أفغانستان، يكمن في ضرورة وجود تنوع فِكري، خاصة إذا كانت الولايات المتحدة تسعى إلى تجنُّب المزيد من التشابكات الدولية المدمِّرة في المستقبل.