خطة الرئيس الإيراني لإجراء إصلاحات اقتصادية.. غير قابلة للتطبيق
التحدي الأكبر الذي سيواجه رئيسي في ولايته الأولى، المشكلات الاقتصادية المتنامية، بعد تدهور الاقتصاد الإيراني خلال السنوات الثلاث الماضية، إثر انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018.

ترجمات - السياق
قال المجلس الأطلسي، إن خُطة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، لإجراء إصلاحات اقتصادية، تفتقر إلى الواقع، مشيرًا إلى أنها تغيب عنها التفاصيل، إضافة إلى أنها لا تعالج التحديات الرئيسة في الاقتصاد الإيراني.
وأوضح المجلس الأطلسي -في تقرير- أن التحدي الأكبر الذي سيواجه رئيسي في ولايته الأولى، المشكلات الاقتصادية المتنامية، بعد تدهور الاقتصاد الإيراني خلال السنوات الثلاث الماضية، إثر انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018.
معدلات متدنية
وكشف التقرير، عن معدلات متدنية للاقتصاد الإيراني، في الآونة الأخيرة، بينها انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بـ 6% عام 2018 و6.8% عام 2019، بينما ارتفع معدل التضخم إلى 34.6% و36.5% في 2018 و2019 على التوالي.
وأشار إلى أن جزءًا كبيرًا من الانخفاض الهائل في الناتج المحلي الإجمالي، كان بسبب صادرات النفط، التي هبطت من 62.7 مليار دولار عام 2018 إلى 29 مليار دولار في 2020.
وأكد أن الاقتصاد الإيراني عانى عام 2020 -وسط جائحة كورونا والعقوبات الأمريكية- ارتفاع معدل التضخم بـ 36.5%.
ورغم أن الناتج المحلي الإجمالي بدأ الانتعاش ونما بـ 1.5% بعد عامين، فإن التحديات السياسية والاقتصادية للرئيس المنتخب حديثًا، تضعه في مواجهة صعوبات عدة في سوق العمل، ناهيك عن سوء الإدارة والفساد.
وقال «الأطلسي»، إنه لا يمكن لرئيسي أن يتجاهل الحالة المتضائلة للاقتصاد الإيراني، وعليه أن يعالج المشكلات الاقتصادية الكبرى، ويبدأ الإصلاحات التي وعد بها.
وعود رئيسي
وركز خطاب رئيسي الأول، في حملته الانتخابية، 27 مايو الماضي، على القضايا الاقتصادية، وأهمية الحكم الرشيد، لإنعاش الاقتصاد الإيراني، متعهدًا للإيرانيين بسبعة أشياء، بحسب الأطلسي، الذي أكد أنه رغم أن رئيسي لم يشرح خططه بالتفصيل، فإنه يمكن تصنيف أهدافه الاقتصادية بشكل أساسي إلى سياسات مالية ونقدية توسعية.
ويشمل بعضها: منح قروض منخفضة الفائدة للأسر الفقيرة، في النصف السفلي من توزيع الدخل، وزيادة الدعم الحكومي للرعاية الصحية، وخفض حصة الأسر في النفقات الطبية والصحية من 43% إلى 20%، وبناء أربعة ملايين منزل، وتوفير أربعة ملايين فرصة عمل، ومنح الأولوية لذوي الدخل المنخفض والخريجين الحاصلين على شهادات جامعية، وخفض الإيجار من 50% إلى 30%.
ورغم أن هذه السياسات، قد تبدو جيدة على الورق، فإنه من غير المرجَّح أن يحدث بعضها في المستقبل القريب، فعلى سبيل المثال، الوعد ببناء أربعة ملايين منزل، يذكرنا بسياسة مماثلة في عهد محمود أحمدي نجاد، عُرفت بمشروع مسكن مهر، حيث كان المشروع، الذي بدأ عام 2007، يهدف إلى بناء 2.4 مليون وحدة سكنية بأسعار معقولة لأصحاب المنازل لأول مرة.
وبعد 14 عامًا، تم تشييد 2.2 مليون منزل، وترك مئتي ألف منزل، ليتم الانتهاء منها في الحكومة المقبلة.
وعام 2014، ألقت حكومة حسن روحاني، باللوم على مخطط الإسكان، باعتباره المساهم الرئيس في التضخم، لأن البنك المركزي الإيراني اضطر إلى طباعة المزيد من الأموال، لدفع تكاليف المشروع.
ومع أخذ ذلك في الاعتبار، فمن المشكوك فيه أن يتمكن رئيسي، من الوفاء بوعده ببناء أربعة ملايين منزل إضافي، خلال السنوات الأربع المقبلة، وبذلك فإن بعض سياسات رئيسي الاقتصادية، ليست واقعية فحسب، بل إنها تتعارض أيضًا مع بعضها.
طريقة تحقيق الوعود
قال «الأطلسي» إن الحكومة الإيرانية تحتاج إلى الحصول على أموال كافية، من بيع السندات الحكومية وعائدات النفط والضرائب، لتحقيق الوعود المذكورة.
في الخُطة الاقتصادية المقترحة لرئيسي، تم ذكر إصدار السندات الحكومية فقط، للتحوط من الاستثمارات في سوق الأوراق المالية، وجزئيًا، للأموال اللازمة لتغطية تكاليف الأعمال، من دون ذكر الصناعات ذات الأولوية.
ويساهم بيع السندات الحكومية في 15% فقط من الإيرادات الحكومية، وفقًا لخطة ميزانية مارس 2021، ما يجعله تحديًا كمصدر موثوق للدخل، لتحقيق أهداف رئيسي الطموحة.
ورغم أن استخدام عائدات النفط لتمويل أهداف رئيسي، خاصة إذا تم رفع العقوبات الأمريكية، كجزء من إحياء الاتفاق النووي، شيء مغرٍ، فإنها تتعارض مع مسعى رئيسي، لجعل عائدات الحكومة مستقلة عن النفط، وبذلك من غير المرجَّح أن يتمكن من اتباع سياساته التوسُّعية، من دون استخدام عائدات النفط.
الإيرادات الضريبية
يضغط رئيسي، لزيادة الإيرادات الضريبية على أنشطة المضاربة، مع خفض الضرائب على شركات الإنتاج والتصنيع، بسبب الانخفاض الكبير في قيمة العملة الإيرانية خلال السنوات الماضية، وتحول المستثمرين إلى شراء العملات الأجنبية والعملات المشفَّـرة والذهب، بدلاً من تحويل أموالهم إلى الإنتاج.
وعام 2019، مع الضجيج الذي أحدثته الحكومة، وضع المواطنون العاديون والمستثمرون أموالهم، في سوق طهران للأوراق المالية، التي انهارت.
إلا أنه مع ذلك، من دون بنية تحتية مناسبة، في سوق الأوراق المالية، ونظام ضريبي لتحديد أنشطة المضاربة، من غير المرجَّح أن يزيد رئيسي الإيرادات الضريبية للمشاريع الموعودة.
عوامل غائبة
وحذَّر "الأطلسي" من أنه إذا لم يتمكن رئيسي من توفير الأموال اللازمة لخُطته الاقتصادية، فإن ذلك سيؤدي إلى عجز في الميزانية، تقف الحكومة ضده بحزم، مشيرًا إلى أن سياسات الرئيس الإيراني الجديد، النقدية والمالية التوسُّعية، سترفع التضخم.
كما أن خارطة الطريق الاقتصادية، المقترحة من رئيسي، لا تعالج تخفيض قيمة العملة الإيرانية، وسوق أسعار صرف العملات الأجنبية.
وعلى مدى السنوات الماضية، أدى الانخفاض الكبير في قيمة العملة الإيرانية، إلى تدفقات رأس المال إلى الخارج بـ 27.8 مليار دولار وأثَّر بشكل مباشر في حياة الناس والشركات.
وأصبح التضخم المرتفع، أحد أكبر التحديات الاقتصادية في إيران، خلال السنوات الأخيرة، إذ بلغ معدل التضخم السنوي على مدى الاثني عشر شهرًا حتى يونيو 2021 نحو 43%، ما يستدعي سياسات انكماشية.
سياسات توسُّعية
ومع ذلك، يحتاج رئيسي، إلى اتخاذ سياسات توسُّعية وزيادة الإنفاق الحكومي، لتحقيق أهدافه الاقتصادية، إلا أن ذلك الهدف سيجعل تحقيق وعد رئيسي، بخفض التضخم إلى أقل من 15% عام 2023 والوصول إلى معدل تضخم من رقم واحد عام 2024، صعبًا للغاية.
وأكد «الأطلسي»، أنه من المهم لإدارة رئيسي والفروع الحكومية، التي يهيمن عليها أنصاره، استخدام وِجهات نظرهم أحادية الحزب، لإجراء الإصلاحات الاقتصادية اللازمة، مع خُطط اقتصادية شاملة ومتسقة، لمواجهة التحديات الاقتصادية في إيران، إلا أن من الصعب تحديد ما إذا كان ذلك سيحدث.