أزمة الغواصات... بايدن يسعى لإجراء مكالمة مع ماكرون لإنهاء الخلاف

لم يتحدَّث الرئيسان منذ الرد الفرنسي الأسبوع الماضي، على إعلان بايدن أن الولايات المتحدة شكلت تحالفًا دفاعيًا جديدًا مع بريطانيا وأستراليا، ألغت الأخيرة بموجبه اتفاقية تاريخية بمليارات الدولارات مع فرنسا، واستبدلتها بغواصات نووية أمريكية.

أزمة الغواصات... بايدن يسعى لإجراء مكالمة مع ماكرون لإنهاء الخلاف

ترجمات – السياق

قال مسؤولون أمريكيون: إن الرئيس جو بايدن يضغط لمهاتفة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الأيام المقبلة، على أمل إنهاء التوترات المشتعلة بينهما منذ أيام، على خلفية فسخ أستراليا تعاقدها مع باريس لشراء 12 غواصة فرنسية.

ولم يتحدَّث الرئيسان منذ الرد الفرنسي الأسبوع الماضي، على إعلان بايدن أن الولايات المتحدة شكلت تحالفًا دفاعيًا جديدًا مع بريطانيا وأستراليا، ألغت الأخيرة بموجبه اتفاقية تاريخية بمليارات الدولارات مع فرنسا، واستبدلتها بغواصات نووية أمريكية.

ووفقًا لصحيفة واشنطن بوست، فإن بايدن لم يتدخل بنفسه علنًا في الخلاف مع فرنسا، واحتفظ بجدول زمني عام خفيف، بعد وصوله إلى منزله لقضاء العطلات في شاطئ ريهوبوث بعد ظهر الجمعة الماضي، بينما حضر إلى الكنيسة بعد ظهر السبت، وذهب في جولة بالدراجة الأحد مع زوجته، في حديقة حكومية بالقرب من منزله، وتجاهل في تلك الأيام أسئلة المراسلين عن التوترات مع فرنسا.

 

تصعيد لدواعٍ انتخابية...!

يبدو أن الخروج من الأزمة القائمة ليس قريبًا، خصوصًا مع رد الفِعل الفرنسي على الاتفاقية الثلاثية، وهو ما أقر به مسؤولون أمريكيون، إذ فوجئوا بقرارات باريس، التي تضمنت استدعاء سفيريها من واشنطن وكانبرا.

وأشاروا إلى أن تسارع وتيرة الغضب الفرنسي، يعود إلى محاولة ماكرون كسب الثقة لإعادة انتخابه، بينما وصف أحد مسؤولي الأمن القومي الأمريكي، رد العفل الفرنسي بأنه مسرحي للغاية، حسب الصحيفة.

 

كواليس الخلاف

وحسب "واشنطن بوست" فإن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، التقى وجهًا لوجه السفير الفرنسي فيليب إتيان، يومي الخميس والجمعة، لإبلاغه بقرار الاستدعاء.

وتوقَّع مسؤولون أمريكيون، أن تتحسَّن العلاقات بين "البلدين الحليفين" مرة أخرى، قائلين إنهم يتوقَّعون عودة السفير الفرنسي إلى واشنطن، خلال الأسابيع المقبلة.

ونقلت "واشنطن بوست" عن مسؤول فرنسي قوله: إن سحب السفير جاء من أجل المشاورات، ومن ثم من المرجَّح أن يستمر أسبوعًا على الأقل.

كما نقلت الصحيفة الأمريكية، عن مسؤول أمريكي طلب عدم كشف هويته قوله: "ينبغي عدم تفسير رحيل السفير على أنه شقاق كبير في العلاقات الثنائية".

وأضاف مسؤول آخر: "إنه وضع صعب، لكننا سنتعامل معه".

بالمقابل، طلب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، إجراء مكالمة هاتفية مع نظيره الفرنسي جان إيف لو دريان، لتفسير حجم الصفقة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا قبل إعلان ها، إلا أن المسؤولين الفرنسيين رفضوا تحديد موعد للمكالمة.

وأشار المسؤولون الأمريكيون، إلى أن انهيار صفقة الغواصات الفرنسية إلى أستراليا، ضربة اقتصادية كبيرة للصناعة العسكرية المهمة في فرنسا، ما يشير إلى أنه يتعين على الحكومة الفرنسية، أن تعرب للناخبين في البلاد، عن إحباطها إزاء إلغاء الصفقة.

من جهة أخرى، أقر الدبلوماسيون الأمريكيون في السر، بأن هناك عواقب لعزل حليف أوروبي مهم (فرنسا).

وفي الوقت الذي تستعد فيه أنجيلا ميركل الألمانية للتنحي، ويكافح البريطاني بوريس جونسون لمغادرة الاتحاد الأوروبي، برزت علاقة بايدن وماكرون كواحدة من أهم العلاقات في التحالف الأمريكي الأوروبي، الذي تعهد الرئيس بإعادة بنائه.

 

بايدن يناقض وعوده...!

على النقيض من وعده، بإصلاح العلاقات الخارجية لأمريكا، وتحقيق الاستقرار في السياسة الخارجية، بعد الاضطرابات التي حدثت في عهد سلفه دونالد ترامب، يشعل بايدن الخلاف مع فرنسا، أحد أقرب حلفاء واشنطن.

وبحسب "واشنطن بوست" تهدف المكالمة بين بايدن وماكرون، إلى الحد من التوترات، بعد أيام من استياء الجانب الفرنسي بهذا الشكل المفاجئ، وتزايد الغضب في واشنطن، ما أشار العديد من مسؤولي الأمن القومي إلى أنه رد فرنسي مسرحي للغاية (هزلي).

وقال مسؤول أمريكي كبير: إن المكالمة الهاتفية بين بايدن وماكرون، يجب أن تحدث "قريبًا" لكن المسؤولين لا يزالون يفكرون في التوقيت.

من جهته قال متحدِّث باسم الحكومة الفرنسية: إن ماكرون سيسعى للحصول على "توضيح" من بايدن بشأن إلغاء صفقة الغواصات، وإن الرئيس الفرنسي سيطرح موضوع تعويض فرنسا عن خسارة عقدها مع أستراليا.

 

فرنسا تبالغ

من جانبه، رفض مسؤول فرنسي تحدَّث لـ "واشنطن بوست" ما أثير عن أن فرنسا بالغت في رد فِعلها، لصرف الانتباه عن الإحراج الناجم عن خسارة عقد أسلحة مربح، وأضاف: رغم أنه أمر مؤسف، فإن خسارة صفقة الغواصات، أقل أهمية من رغبة واشنطن في الالتفاف على فرنسا.

وترى الصحيفة الأمريكية، أن مسؤولي البيت الأبيض سعوا إلى صرف بعض غضب فرنسا إلى أستراليا، بحجة أن المسؤولية تقع على عاتق الأستراليين.

من جانبه، دافع رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون عن الصفقة، قائلًا: إن التكنولوجيا النووية التي تقدِّمها الولايات المتحدة وبريطانيا، كانت أفضل بكثير من الغواصات الفرنسية، ما يجعل الاتفاق الجديد يصب بوضوح في المصلحة الوطنية لأستراليا.

وأضاف خلال مؤتمر صحفي: "كان هذا قرارًا بشأن ما إذا كانت الغواصات التي تم بناؤها -بتكلفة كبيرة لدافعي الضرائب الأسترالية- ستكون قادرة على القيام بعمل كنا بحاجة إلى القيام به، ومن ثم كان حُكمنا الاستراتيجي، بناءً على أفضل نصائح استخباراتية ودفاعية ممكنة.

 

نحو الصين

وعن تفاصيل العقدين القديم والجديد، أوضحت "واشنطن بوست" أن العقد مع فرنسا، كان من شأنه أن يزود أستراليا بغواصات تعمل بالديزل والكهرباء، مقارنةً بالتكنولوجيا التي تعمل بالطاقة النووية من الولايات المتحدة، ما يجعل الغواصات أسرع وأكثر قدرة وأصعب على الكشف، وربما تكون أكثر فتكًا.

وأشارت الصحيفة، إلى أن الاتفاق الجديد، أصبح أكثر أهمية، إذ حذَّر مسؤولو الدفاع الأمريكيون، من أن الصين تعزز وجودها البحري، حيث يُعتقد أن بكين لديها ست غواصات هجوم نووي، ومن ثم يُعد قرار الولايات المتحدة، بمشاركة التكنولوجيا النووية مع أستراليا، دليلًا أيضًا على تركيز بايدن المتزايد تجاه الصين، إذ يرى المسؤولون الأمريكيون، أن تزويد أستراليا بالغواصات، خطوة حاسمة في تعزيز جهود حلفائها لردع الصين، في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

 

بريطانيا "العجلة الخامسة"

ترى "واشنطن بوست" أن قرار فرنسا سحب السفيرين من أمريكا وأستراليا وليس من لندن، دليل على أنه ازدراء لجونسون ومقياس للرد على مساعيه في إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إذ تلعب فرنسا دورًا رئيسًا في هذا الأمر.

بينما أشار مسؤولون فرنسيون للصحيفة الأمريكية، إلى أن بريطانيا لا تستحق "الانتقام" لأن تأثيرها ضئيل للغاية، وقال وزير الخارجية الفرنسي لو دريان، في مقابلة مع قناة فرانس2: "بريطانيا العظمى في هذا الصدد، نوع من العجلة الخامسة في العربة"... في إشارة إلى عدم فائدتها.

وأضاف لو دريان، أن بريطانيا، وهي الدولة الوحيدة حتى الآن التي شاركت معها الولايات المتحدة تكنولوجيا الدفع النووي، لم يكن لها رأي في تحرك أمريكا الأسبوع الماضي، لضم أستراليا إلى الاتفاقية.

الاجتماع الأممي

وحسب "واشنطن بوست" من المرجَّح أن تلقي التوترات الأمريكية الفرنسية بظلالها، على اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ لن يحضر الرئيس الفرنسي الاجتماع، الذي يبدأ 21 سبتمبر، لكن من المتوقَّع أن يلتقي بلينكين لو دريان، إلى جانب وزراء خارجية أوروبيين آخرين.