مع تنامي اليأس الاقتصادي... حزب الله يقدِّم نفسه منقذًا للبنان

لا يزال حزب الله لاعبًا مثيرًا للجدل، في نظام سياسي تشلّه الطائفية، لكن يبدو أنه وجد فرصته في الأزمة الحالية، للمزيد من الاستقطاب والاعتراف بدوره كأمر واقع.

مع تنامي اليأس الاقتصادي... حزب الله يقدِّم نفسه منقذًا للبنان

ترجمات-السياق

في ظِل الأزمات التي يعانيها لبنان، خاصة أزمة الوقود، قرر حزب الله لعب دوره المعتاد المتمثِّل في التمرُّد، إذ تحدى العقوبات الأمريكية المفروضة على النفط الإيراني، بشكل صارخ، من خلال شراء وقود من طهران، وإدخاله بيروت عن طريق سوريا.

وذكرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية -في تقرير- أن تصرُّف حزب الله، يبدو محاولة من زعيمه حسن نصر الله، للقيام بدور جديد، باعتباره منقذ البلاد، في أزمتها الاقتصادية العميقة.

وكان أمين عام حزب الله حسن نصر الله، أعلن أن ناقلة نفط إيرانية في طريقها لمساعدة لبنان المتعطش للوقود، متحدّيًا الولايات المتحدة وإسرائيل.

 

مثير للجدل

لا يزال حزب الله لاعبًا مثيرًا للجدل، في نظام سياسي تشلّه الطائفية، لكن يبدو أنه وجد فرصته في الأزمة الحالية، للمزيد من الاستقطاب والاعتراف بدوره كأمر واقع، وفقًا للتقرير.

وفي الوقت الذي يؤدي فيه انقطاع التيار الكهربائي، إلى إغلاق الأعمال التجارية، وتهديد حياة المرضى في المستشفيات، يبدو معظم اللبنانيين على استعداد لإظهار قدر من الولاء، لمن يمكنه تقديم المساعدة لهم.

ويخبر حزب الله اللبنانيين، بأن قِلة الوقود نتجت عن العقوبات الأمريكية على إيران، وليس لعدم كفاءة النظام السياسي الطائفي في بيروت، الذي يدعمه ويشكل جزءًا منه، وأن جماعته تجرأت على تحدي القوة العظمى، من أجل الشعب اللبناني، بحسب التقرير.

ورأت المجلة، أن قاعدة مؤيدي حزب الله التقليدية، في المجتمع الشيعي، تؤمن بأن الجماعة كريمة وعادلة، لكن أولئك الذين ينتمون إلى الطوائف أو الأيديولوجيات الأخرى، والذين غالباً ما يكونون أكثر تحفظاً على مزاعم حزب الله، يبدو أنهم لا يهتمون بالوقود الإيراني.

 

سيادة لبنان

وقالت المجلة، إن خبيرة الطاقة اللبنانية، لوري هايتيان، بين أول من شككوا في مزاعم حزب الله، بأنه سيوزع النفط من دون تمييز، وأضافت أن "ناقلة واحدة تحمل ما يكفي من الوقود لتلبية حاجات لبنان يومين، أي أن عددًا قليلًا من هذه الناقلات، يبقى بعيدًا كل البُعد عن مدى حاجتنا إليه، وذلك، حتى لو قرر حزب الله توزيعه بالتساوي، ونعلم أنه لن يفعل ذلك... هذا فقط لقاعدة دعمه".

وأضافت أن شراء حزب الله، وليس الدولة اللبنانية، للوقود الإيراني يضر بسيادة البلاد "فقد جلب حزب الله الوقود من إيران من تلقاء نفسه، بصرف النظر عمّا تعتقده الدولة، ثم عبر سوريا إلى لبنان، وليس عن طريق الحدود القانونية، لكن بفتح الحدود التي يسيطر عليها.

يشير كل ذلك، إلى أننا نتجه نحو سياسة خارجية موالية لإيران بنسبة 100 في المئة، وأننا انفتحنا على سوريا وطبّعنا العلاقات مع الأسد، فإذا كان هذا موقف الحكومة اللبنانية، فلِمَ لا يتم إخبارنا؟ من الواضح أن حزب الله يملي سياسة لبنان الخارجية".

وتابعت أن "دخول حزب الله البرلمان، أضعف المؤسسات ولم يدع قط إلى تمرير إصلاحات تقوّي الدولة، وتحدى الآن العقوبات الأميركية وجلب الوقود الإيراني بمفرده في وضح النهار، لا توجد مساحة لسياسة مستقلة، تولى حزب الله زمام الأمور".

 

استعراض قوة

وأشارت المجلة، إلى أن ما وصفته بـ"استعراض القوة" لحزب الله، لم يلق أي تصدٍّ حتى الآن من إسرائيل والولايات المتحدة، معتبرة أن أي تدخل من جانب تل أبيب، كان من الممكن أن يؤدي لإثارة الجدل بشكل أكبر، لأنها في حالة حرب مع لبنان، كما أن أي تصرف كانت ستقوم به إسرائيل، كان سيؤدي لتوحيد اللبنانيين ضدها وخلف حزب الله، أما الولايات المتحدة فقد رأت أنه "من الصعب تفسير تقاعسها".

وأوضحت المجلة، أنه في البداية كان منتقدو إيران وحزب الله، يأملون أن تتمكن الولايات المتحدة وإسرائيل، من إيقاف الناقلة الإيرانية قبل أن ترسو في الميناء السوري، لكن ربما كان سيُنظر إلى ذلك على أنه مخاطرة كبيرة.

ونقلت المجلة، عن الزميل المشارك في معهد واشنطن، الخبير في الشؤون الأمنية والدفاعية لإيران والخليج العربي، فرزين نديمي، قوله: من المحتمل أن الولايات المتحدة لم تعمل على وقف الناقلة، لأنها كانت ترغب في تجنُّب المواجهة مع حزب الله.

وقالت المجلة: إن رد الفعل الأمريكي، على شراء حزب الله للوقود الإيراني، كان إعلانًا لتسهيل وصول الغاز والكهرباء من مصر والأردن عبر سوريا إلى لبنان، لكن حزب الله كان أسرع في الاستجابة.

وأضافت: رغم أنه لا يزال الكثيرون في البلاد، متشككين في الأهداف النهائية للجماعة، فإن قليلين منهم فقط، سيرفضون الوقود الذي ستوفِّره.