ذا أتلانتك: بايدن يراهن على نسيان الأمريكيين ما حدث في أفغانستان
يعتمد العاملون في البيت الأبيض وخارجه على أن ذاكرة الأمريكيين ضعيفة

ترجمات - السياق
سلَّطت مجلة "ذا أتلانتك" الأمريكية، الضوء على ما وصفته بـ"سيناريو أحلام البيت الأبيض" التي قالت إنه يتمثَّل في ألا يوجِّه الناخبون اللوم، في ما حدث في أفغانستان، إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وتأمل الإدارة الأمريكية، أن يتم استبدال الصور المروِّعة للأفغان اليائسين، الذين ظهروا في الصور ومقاطع الفيديو وهم يتشبثون بطائرة C-17، بحالة من الارتياح الجماعي، لعدم موت المزيد من الأمريكيين، في حرب غامضة ووحشية، امتدت عقدين وخمس فترات رئاسية.
وأضافت المجلة -في تقرير- أن قرار بايدن بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان، يجعله ببساطة في الصف نفسه، مع هؤلاء الذين تخلوا عن فِكرة أن الجيش يمكنه تحويل هذا البلد المنقسم، إلى حليف ديمقراطي مستقر، مشيرة إلى أنه رغم استيلاء حركة طالبان السريع على كابل، فإن مسؤولي البيت الأبيض والمقربين من بايدن، لا يتوقَّعون أن يضر قراره بالديمقراطيين، في انتخابات التجديد النصفي العام المقبل، ولا بالسباق الرئاسي الذي يليه، لأنهم يرون أن القرار سيجعل الأمريكيين يشعرون بالراحة، لأن بايدن الذي تعهد خلال حملة عام 2020 بإنهاء "الحروب الأبدية" أوفى بوعده.
وتساءلت المجلة عمّا إذا كانت هذه الحجة ستنجح، قائلة إن حلفاء بايدن يراهنون على ذلك.
ونقلت عن تيد كوفمان، وهو أحد المقرِّبين من الرئيس الأمريكي منذ السبعينيات، وعضو مجلس الشيوخ الديمقراطي السابق، قوله: "إن أغلبية الشعب الأمريكي يريد الخروج من أفغانستان، وستكون هذه هي الرسالة الرئيسة للشعب: خروج قواتنا من كابل، فلا بأس أن نجلس في واشنطن ونتحدَّث عن الأخطاء التي ارتكبناها في أفغانستان، لكننا لا نتحمَّل وطأة هذه الحرب".
ورأت المجلة، أن تعامل بايدن مع أكبر أزمة في السياسة الخارجية في عهده حتى الآن، يظهر في مسارين، أحدهما قصير المدى والآخر طويل المدى، موضحة أنه في الأيام الأخيرة، أرسل البيت الأبيض، بشكل سِري، نقاطًا للحوار إلى مؤيديه، الذين سعوا إلى تخفيف حِدة رد الفِعل العنيف على انتصار طالبان.
وفي رسالة بالبريد الإلكتروني للمجلة، قال أحد مساعدي البيت الأبيض، الذي لم تكشف المجلة هويته، إن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، ترك بايدن أمام خيارين سيئين، إما حرب إلى أجل غير مسمى في أفغانستان، وإما سحب القوات واحتمال انتصار طالبان، لكن المجلة اعتبرت أن هذا الرأي يتجاهل الخيارات الأخرى، التي كانت متاحة لبايدن، والتي كانت تتضمن، على الأقل، ترك عدد كافٍ من القوات في مكانها، حتى لا يتم دهس الأفغان الهاربين، تحت عجلات الطائرات المغادرة.
وأشارت المجلة، إلى أنه ليس كل المؤيدين الديمقراطيين مقتنعين بفِكرة أن ترامب حاصر بايدن، عندما تفاوض على انسحاب القوات من أفغانستان المقرَّر هذا الربيع، موضحة أن بايدن أعاد التزام الولايات المتحدة باتفاقية باريس للمناخ، والاتفاق النووي الإيراني، الذي تخلى عنه ترامب بشكل سريع بعد توليه منصبه، لكنه اختار عدم تغيير قرار الانسحاب من أفغانستان.
ولفتت المجلة، إلى أن فريق بايدن يركز على منع إحياء أي تهديد إرهابي من أفغانستان، مشيرة إلى أن فريق الأمن القومي التابع له، يؤكد أنه في وضع أفضل لسحق الإرهاب، القادم من دول ليس لديها وجود عسكري أمريكي، مما كان عليه الحال قبل 20 عاماً، عندما أشرف الزعيم السابق لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن، على هجمات 11 سبتمبر من ملاذه الآمن في كابل.
وتابع التقرير: "إذا حدث هجوم في عهد بايدن، فإنه لن يحتشد الأمريكيون بالضرورة خلف رئيس ترك أفغانستان في أيدي المتطرفين، لكن رد الفعل الطبيعي بين الناخبين، سيكون أنهم صحيح لم يكونوا يريدون الاستمرار في في أفغانستان، لكن كان يجب منع حدوث ذلك".
كانت أفغانستان حرباً من الواضح أن الأمريكيين أرادوا إنهاءها منذ فترة طويلة، ففي استطلاع للرأي أجري قبل 10 سنوات، توقَّع الناخبون النتيجة الفوضوية التي تتكشف اليوم، إذ اعتقد أكثر من 70% أن الولايات المتحدة ستسحب قواتها نهاية المطاف، وتترك أفغانستان من دون حكومة ديمقراطية، كما أنه في استطلاع آخر أجري في مايو الماضي، وافق 62% من الأمريكيين على خطة بايدن، لسحب جميع القوات، وفقًا للتقرير.
ونقل التقرير عن خبير استطلاعات الرأي في مؤسسة "هارت ريسيرش"، جيف هورويت، قوله: "لا أعتقد أن الأمريكيين سيقيِّمون بايدن بشأن ما إذا كانت أفغانستان ديمقراطية مستقرة أم لا، لكنهم يركزون على ما إذا كانت أمريكا ديمقراطية مستقرة أم لا".
ووفقاً للمجلة: رغم التركيز الشديد من واشنطن على عودة طالبان، فإن الشعب الأمريكي يبدو أكثر انشغالاً بقضايا أخرى، مثل جائحة كورونا.
ونقلت المجلة، عن أحد مساعدي حملة بايدن السابقة قوله: "من الصعب أن نتخيل أن يكون الانسحاب من أفغانستان، في مقدمة انتخابات التجديد النِّصفي أو في انتخابات عام 2024، صحيح أن مثل هذه القضايا غالباً ما تبدو ملحة، وتبدو آثارها هائلة في الوقت الحالي، لكن الناخبين، يهتمون –نهاية المطاف- بالأشياء التي تؤثر فيهم وفي أسرهم".
وأشارت المجلة، إلى أن بعض حلفاء بايدن، يخشون أنه منح المعارضة فرصة يمكنهم استخدامها ضده، إذ إن ما حدث في كابل، كان مشابهاً بشكل مخيف لما حدث للأمريكيين، الذين استقلوا على عجل طائرة هليكوبتر من فوق سطح أحد المنازل، عندما سقطت سايغون في يد الفيتناميين الشماليين عام 1975، حيث يحاول الجمهوريون الاستفادة من فِكرة أن بايدن خسر الحرب في أفغانستان، وأنه سيتحمَّل المسؤولية المباشرة، إذا أعدمت طالبان الأفغان الذين حاولوا مساعدة المجهود الحربي الأمريكي.
وقالت المجلة: عندما يتعلَّق الأمر بأطول حرب في أمريكا، فإنه طالما كان بايدن متشككاً حيالها، موضحة أنه رغم أنه عام 2001 صوَّت لصالح قرار مجلس الشيوخ، الذي يسمح للرئيس آنذاك جورج دبليو بوش، باستخدام القوة العسكرية، ضد الدول التي خطَّطت أو ساعدت في هجمات 11 سبتمبر 2001، فإنه بعد تسع سنوات، وباعتباره نائباً للرئيس في ذلك الوقت، ارتكب زلة مع اقتراب الحرب من عقدها الثاني، إذ قال في إحدى المقابلات، إن الولايات المتحدة ستكون "خارج أفغانستان عام 2014"، رغم أن ذلك لم يكن موقف البيت الأبيض في ذلك الوقت، حيث لم يكن الرئيس الأمريكي حينها باراك أوباما، يخطِّط للانسحاب العسكري الشامل في ذلك التاريخ، لكن بايدن تراجع عن تصريحه، الذي لم يكن يتماشى مع السياسة الرسمية للولايات المتحدة، لكنه يبدو أنه تنبأ بالخطوات التي سيتخذها، بعد أن أصبح القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية، حسب "ذا أتلانتك".
وقالت المجلة: بالنظر إلى ضعف ذاكرة الأمريكيين، فإن الناخبين قد ينسون -نهاية المطاف- الاضطرابات التي حدثت في مطار كابل، وقد يحصل بايدن على الثناء السياسي، لإنهاء التورُّط الأمريكي في حرب لا تحظى بالشعبية في الداخل، وذلك كما يتوقع المحيطون به، لكن ما سيحدث بعد ذلك، لن يتحمَّل مسؤوليته الشعب الأفغاني فقط، معتبرة أن الرئيس الأمريكي سيكون مسؤولاً أيضاً، وقالت: "في حال نشأ هجوم إرهابي في أفغانستان، قد يتحمَّل بايدن اللوم عليه أيضاً".