أزمة مالية تاريخية في أمريكا وتحذيرات من آثار كارثية... هل تنجو واشنطن؟
توقَّعت وزيرة الخزانة الأمريكية، أن يؤدي عدم اتخاذ قرار رفع الدين في وقته، إلى أزمة مالية تاريخية تفاقم الضرر الناجم عن حالة الطوارئ الصحية العامة المستمرة

السياق
تحذيرات أمريكية من «أزمة مالية تاريخية» مرتقبة، أطلقتها وزيرة الخزانة جانيت يلين، مطالبة الكونغرس برفع سقف الدين، حتى لا تغرق الولايات المتحدة في مشكلة مالية.
وقالت الوزيرة يلين، في تصريحات نشرتها «وول ستريت جورنال»: إن «الولايات المتحدة التي بدأت أخيرًا الخروج من أزمة جائحة كورونا، طالما رفعت سقف الدين قبل تجاوز حده الأقصى»، مؤكدة أن «واشنطن لم تتخلف عن السداد ولا مرة».
وأشارت إلى أن «الكونغرس طالما رفع أو علَّق سقف الديون نحو 80 مرة منذ عام 1960، والآن يجب أن يفعل ذلك مرة أخرى»، محذِّرة من أنه إذا لم يتخذ الكونغرس قراره، سينخفض الرصيد النقدي لوزارة الخزانة إلى مستوى غير كافٍ، ولن تكون الحكومة الفيدرالية قادرة على دفع فواتيرها.
كارثة اقتصادية
الوزيرة الأمريكية، قالت إن بلادها طالما دفعت فواتيرها في الوقت المحدَّد، إلا أن هناك إجماعًا بين الاقتصاديين ومسؤولي الخزانة، على أن الفشل في رفع حد الدين، سيؤدي إلى كارثة اقتصادية واسعة النطاق.
وأوضحت أن ملايين الأمريكيين سيعانون -خلال الأيام القليلة المقبلة- ضائقة مالية، إضافة إلى تأخيرات غير محدودة في المدفوعات المهمة، قد تدفع نحو 50 مليون من كبار السن، إلى التوقُّف عن تلقي شيكات الضمان الاجتماعي، بعض الوقت.
وأشارت إلى أن الملايين من العائلات، التي تعتمد على الائتمان الضريبي الشهري للأطفال، ستشهد تأخيرات، مؤكدة أن أمريكا سوف تتخلَّف عن الوفاء بالتزاماتها، في سابقة لم تحدث قبل ذلك.
وتوقَّعت وزيرة الخزانة الأمريكية، أن يؤدي عدم اتخاذ قرار رفع الدين في وقته، إلى أزمة مالية تاريخية تفاقم الضرر الناجم عن حالة الطوارئ الصحية العامة المستمرة، مشيرة إلى أن التخلُّف عن السداد، سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة، وانخفاض حاد في أسعار الأسهم والاضطرابات المالية الأخرى.
«انتعاشنا الاقتصادي الحالي، سيتحول إلى ركود، مع مليارات الدولارات من النمو وفقدان ملايين الوظائف»، تقول وزيرة الخزانة جانيت يلين، مشيرة إلى أن بلادها «ستخرج من هذه الأزمة أمة أضعف بشكل دائم».
جدارة ائتمانية
وقالت إن الجدارة الائتمانية لأمريكا، ظلت إلى ما يقرب من قرن، ميزة رئيسة على منافسيها الاقتصاديين، ما منحها الأفضلية في إمكانية الاقتراض بسعر أرخص، من أي بلد آخر تقريبًا.
وحذَّرت من أن التخلُّف عن السداد، سيؤدي إلى تعريض هذا الوضع المالي إلى الخطر، كما سيجعل أمريكا مكانًا أكثر تكلفة للعيش فيه، لأن تكلفة الاقتراض الأعلى ستقع على عاتق المستهلكين، في مدفوعات الرهن العقاري وقروض السيارات وفواتير بطاقات الائتمان، أي أن كل ما يتم شراؤه بالائتمان، سيكون أكثر تكلفة بعد التخلف عن السداد.
وأكدت الوزيرة يلين، أن رفع سقف الدين لا يسمح بإنفاق أموال إضافية لدافعي الضرائب، إلا أنه سيؤدي إلى زيادة رصيد بطاقة الائتمان للبلد، مشيرة إلى أنه «ينبغي ألا يكون دفع فواتير أمريكا مسألة مثيرة للجدل».
«خلال الإدارة السابقة، علَّق الكونغرس سقف الديون ثلاث مرات، بدعم الحزبين، ومن دون ضجة كبيرة»، تقول يلين، معبِّـرة عن ثقتها بأن المشرِّعين الأمريكيين سيعالجون سقف الديون مرة أخرى، لكن يجب عليهم التصرف بسرعة.
وأشارت إلى أن هناك فرقًا كبيرًا بين تجنُّب التخلف عن السداد بالشهور أو الدقائق، مذكرة بأزمة ديون عام 2011، قائلة: سياسة وضع الولايات المتحدة على حافة الحد الأقصى للدين، دفعت بأمريكا إلى شفير أزمة، ما أدى إلى تخفيض التصنيف الائتماني لها، والتراجع الحاد في سوق الأسهم، إضافة إلى اضطرابات في الأسواق المالية استمرت أشهرًا، متوقِّعة خشارة كبيرة تصل إلى مليارات الدولارات، إذا لم يكن هناك تحرك سريع.
اختبار للقوة الاقتصادية
وتابعت الوزيرة الأمريكية: لا التأخير مقبول ولا التقصير كذلك، مشيرًة إلى أن الـ17 شهرًا الماضية كانت اختبارًا للقوة الاقتصادية لأمريكا(..) نحن الآن في طريقنا للخروج من الأزمة، ويجب ألا نغمس أنفسنا مرة أخرى في حالة يمكن تجنُّبها».
وعام 2008، اندلعت الأزمة المالية في الولايات المتحدة، لتمتد كالنار في الهشيم إلى اقتصادات الدول الأخرى، التي يرتبط اقتصادها مباشرة بالاقتصاد الأمريكي، ما دفع الحكومات إلى إقرار خطط إنقاذ مالية لمواجهتها.
وبحسب معهد بروكنجز، تسبَّب الركود الاقتصادي حينها في ضياع العديد من الوظائف، مشيرًا إلى أن الوظائف المفقودة نتيجة الركود الاقتصادي، لا تعود مرة أخرى.
إلا أن تقريرًا أمريكيًا صدر عام 2011، قال إنه كان من الممكن تجنُّب الأزمة المالية العالمية، التي شهدتها الولايات المتحدة عام 2008، ملقيًا باللوم على السياسيين والمصرفيين، بشأن الانهيار المالي الذي شهدته الولايات المتحدة عام 2008.
وأشار تقرير اللجنة، التي شكلت في مايو2009، إلى ميل البنوك إلى المخاطرة، وتجاهل هذا الأمر من المنظمين الماليين، بينما لم يؤيد نتائجه إلا الأعضاء الديمقراطيون الستة.
وأكد التقرير أن كبار المصرفيين تجاهلوا التحذيرات التي وجِّهت لهم، وفشلوا في مناقشة وفهم وإدارة المخاطر المتزايدة في النظام المالي، منتقدًا مستوى التحرير الاقتصادي، الذي شهده عهد آلان جرينسبان، الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي المركزي الأمريكي (البنك المركزي).