ارتفاع أسعار النفط.. تذكير جديد بنفوذ السعودية على بايدن
عندما تحسر الرئيس الأمريكي على فشل كبار منتجي النفط في العالم، في ضخ المزيد من النفط الخام للمساعدة في خفض الأسعار، فإنه قد خص بلدين: العدو التقليدي روسيا والشريكة القديمة السعودية.

ترجمات - السياق
في الوقت الذي يواجه فيه سائقو السيارات الأمريكيون ارتفاعاً حاداً في أسعار الوقود، فإن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو المتحكم في الرافعة، التي لديها القدرة على مساعدة البيت الأبيض أو إعاقته، بحسب الكاتب البريطاني أندرو إنجلاند.
وأضاف الكاتب، في مقال بصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، أنه عندما تحسر الرئيس الأمريكي على فشل كبار منتجي النفط في العالم، في ضخ المزيد من النفط الخام للمساعدة في خفض الأسعار، فإنه قد خص بلدين: العدو التقليدي روسيا والشريكة القديمة السعودية، مشيراً إلى حديثه في اجتماع مجموعة الـ20 الشهر الماضي، عندما قال إن "فشلهم في إنتاج المزيد من النفط، حتى يتمكن الناس من الحصول على البنزين، للوصول إلى العمل والعودة منه ليس جيداً".
زعيم أوبك
حتى الآن لم تتزحزح المملكة العربية السعودية، الزعيم الفعلي لأوبك، وأكبر مصدر للنفط في العالم، والمنتج الوحيد الذي لديه القدرة على إضافة كميات كبيرة من النفط الخام إلى السوق، إذ أصر وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، الأسبوع الماضي، على أن النفط ليس هو المشكلة، لكن القضية هي أن (مجمع الطاقة يمر بحالة من الفوضى والجحيم)، بحسب الكاتب البريطاني.
ووفقاً للكاتب البرطاني أندرو إنجلاند، فإن الشكوك الحالية تكمن في أن الإحجام السعودي عن الرضوخ للضغط الأمريكي، لا يرتبط فقط بديناميكيات السوق، لكنه يرجع لأن الرياض غير راضية عن فتور بايدن تجاه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ونقل أندرو إنجلاند عن أحد محللي الطاقة، الذي لم يذكر اسمه، قوله: "هناك وجهة نظر واضحة في واشنطن، مفادها أن الأمر ربما يكون متعلقاً بما هو أكبر من مجرد النفط، وأن الأمير محمد بن سلمان منزعج من أن بايدن لم يتصل به، ولم يُظهر له الاحترام الكافي، لكنه يريد تقديراً أكبر منه قبل أن يصبح ملكاً".
إعادة تقييم العلاقة
ورأى إنجلاند أن هذا النزاع يؤكد تعقيدات علاقة إدارة بايدن بأحد أهم اللاعبين في العالم العربي، مشيراً إلى أنه قبل تولى منصبه انتقد الرئيس الأمريكي المملكة بشأن " انتهاكات حقوقية "، وتعهد بإعادة تقييم علاقة واشنطن بالرياض، وتجميد بعض مبيعات الأسلحة، كما أوضحت إدارته أنه على عكس سلفه دونالد ترامب، فإن بايدن سيتعامل مع الملك سلمان، وليس نجله الأمير محمد.
وأضاف: "لكن في الواقع، يدرك المسؤولون الأمريكيون أنه يتعين عليهم التعامل مع الأمير محمد، إما بشكل مباشر أو غير مباشر، بشأن مجموعة من القضايا، بما في ذلك النفط وتعهدات بايدن بإنهاء الحرب في اليمن، فضلاً عن تغيُّـر المناخ، وقد ظلت السياسة الواقعية تلعب دوراً على الأرض بالفعل.
وأشار إنجلاند، إلى أنه بعد تنصيب بايدن، فرض البيت الأبيض قيوداً على إصدار التأشيرات لـ76 سعودياً لم يتم كشف أسمائهم.
وفي سبتمبر الماضي، أصبح مستشار الأمن القومي لبايدن، جيك سوليفان، أكبر مسؤول في الإدارة الأمريكية يلتقي الأمير محمد في المملكة، كما أنه قبل أسبوع من قمة "COP26" في جلاسكو، التقى مبعوث بايدن للمناخ، جون كيري، الأمير محمد في الرياض حيث كان بين الضيوف الذين حضروا إطلاق ولي العهد لـ"مبادرة الشرق الأوسط الأخضر".
أول صفقة لبيع الأسلحة
وذكر الكاتب أن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أجرى اتصالات منتظمة مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، وفي هذا الشهر، وافقت وزارة الخارجية على أول صفقة كبيرة لبيع أسلحة للرياض تحت قيادة بايدن، تتمثل في بيع 280 صاروخ جو-جو.
ونقل الكاتب عن مديرة شؤون الخليج في مجلس الأمن القومي، خلال رئاسة ترامب كريستين فونتروز قولها: "التحول في موقف الإدارة تجاه المملكة كان واضحاً "، وأضافت: "لقد أدركوا أنهم بحاجة إلى السعودية لتحقيق الكثير من أهدافهم الأخرى، وقد كانت زيارة جيك سوليفان أيضاً علامة على ذلك، إذ إن الإدارة لم تنتظر أن يأتي أحد المسؤولين السعوديين إلى واشنطن، لكنهم أرسلوا شخصاً إلى هناك، وهو ما كان نوعاً من الاستسلام، لكنه ليس بالمعنى السيئ، إذ إنهم ربما أرادوا أن يقولوا إنه يجب التنازل عن بعض الكبرياء".
الهيمنة الأمريكية
وقال إنجلاند: مع ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة بنحو 40% منذ تنصيب بايدن، فإن الأمير محمد بن سلمان هو المتحكم في الرافعة التي لديها القدرة على مساعدة البيت الأبيض أو إعاقته، مضيفاً أن إحباط الرئيس الأمريكي بات واضحاً، صحيح أن الولايات المتحدة قلَّصت من اعتمادها على خام الخليج العقد الماضي بشكل ملحوظ، وفكت ارتباطها بالشرق الأوسط، لكنها ليست محصنة ضد قوى السوق العالمية، خاصة أن السعودية اللاعب الرئيس في هذا المجال، حسب الكاتب.
وتقول هيليما كروفت من مجموعة "آر بي سي كابيتال ماركتس": "طالما كنا في حاجة إلى المملكة، صحيح أنه كان هناك مظهر خادع بالهيمنة الأمريكية على الطاقة، لكن من الواضح أن السعوديين عادوا إلى مقعد القيادة في سوق النفط"، وتساءلت: "مع تحرك الجميع لمكافحة تغيُّـر المناخ، مَنْ الذي سيستثمر حقاً في قطاع التنقيب والإنتاج؟ الإجابة هي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت".