إغلاق قناة وشبهات فساد... أزمتان جديدتان لتنظيم الإخوان في تونس

قوات الأمن التونسية، نفَّذت الأربعاء، قرارًا لحجز معدات لقناة الزيتونة التي وصفتها بغير القانونية، تنفيذًا لقرار الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، بعد توجيه عددٍ من الإخطارات للقناة المحلية، بسبب استمرارها في البثّ من دون تصريح قانوني.

إغلاق قناة وشبهات فساد... أزمتان جديدتان لتنظيم الإخوان في تونس

السياق

ضربة جديدة لتنظيم الإخوان في تونس، لتضاف إلى قضايا الفساد التي تلاحق حركة النهضة، في البلد الإفريقي، الذي يحلم مواطنوه بـ«يوم من دون إخوان»، بعد أن ساهمت الحركة الإرهابية في تأجيج الأزمات على مدى الأشهر الماضية، خاصة بعد قرارات الرئيس قيس سعيد ضدها.

قوات الأمن التونسية، نفَّذت الأربعاء، قرارًا لحجز معدات لقناة «الزيتونة» التي وصفتها بـ«غير القانونية»، تنفيذًا لقرار الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، بعد توجيه عددٍ من الإخطارات للقناة المحلية، بسبب استمرارها في البثّ من دون تصريح قانوني.

 

تحذيرات كثيرة

وقالت «الهايكا»، وهي الهيئة المسؤولة عن تنظيم المشهد الإعلامي في تونس، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن قرار الحجز على قناة «الزيتونة» جاء بعد تحذيرات كثيرة وُجِّهت للإدارة بإيقاف البث، لعدم حصول القناة على الترخيص القانوني، ودعوتها لتسوية وضعها، لكن من دون جدوى، مشيرة إلى أن تنفيذ الغلق جاء بعد تراكم مخالفات مالية بحق القناة المذكورة.

من جانبها، قالت عضو الهيئة سكينة عبدالصمد في تصريحات صحفية، إن قناة «الزيتونة» الخاصة لم تلتزم بالشروط وبالمرسوم رقم 116 لسنة 2011 المتعلق بحرية الاتصال السمعي والبصري، وبإحداث هيئة عليا مستقلة للاتصال السمعي والبصري.

ورغم مخالفة قناة الزيتونة، المملوكة لأحد قيادات حركة النهضة، للاشترطاات المحلية للعمل بتونس، فإنها قالت في بيان عبر «فيسبوك»، إن «قوات الأمن معزَّزة بأعضاء من الهايكا اقتحمت استوديوهات التصوير لقناة الزيتونة، وشرعت في إتلاف التجهيزات»، من دون أن توضح أنها تبث بالمخالفة.

 

قرار متوقع

قرار «الهايكا» لم يكن مفاجئًا، بل إن الهيئة وجَّهت خطابًا إلى قناة «الزيتونة تي في»، في سبتمبر الماضي، مشيرة فيها إلى أن الأخيرة تبث من دون إجازة، وطالبتها بسداد خمسين ألف دينار، من أجل استمرارها في ممارسة أنشطة بث من دون إجازة، استنادًا لأحكام المرسوم رقم 116، التي تقضي بأن «تمارس منشآت الاتصال السمعي والبصري أنشطة البث، بموجب إجازة إحداث واستغلال قناة ممنوحة من الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري»

وكانت «الهايكا»، دعت قناة الزيتونة، التي تعمل في تونس بشكل غير قانوني منذ عام 2011، للتوقف الفوري عن البث، إلا أن الأخيرة استمرت في مخالفاتها، من دون وازع، بينما اتخذت من سيطرة حركة النهضة التونسية، على البرلمان، حصانة من أي ممارسات قانونية ضد مخالفاتها.

قرار حجز معدات وتجهيزات قناة الزيتونة، وإغلاقها من السُّلطات التونسية، يأتي بعد يوم واحد من قرار المحكمة العسكرية، سجن الإعلامي بالقناة عامر عياد، بتهمة التآمر المقصود به تبديل هيئة الدولة، بعد توجيهه شتائم حادة للرئيس قيس سعيد ومهاجمته، في برنامج تلفزيوني.

 

مخالفات بالجملة

كما يأتي القرار بعد يوم من بيان لمنظمة «أنا يقظ» غير الحكومية، كشفت فيه عن مخالفات كثيرة لحركة النهضة الإخوانية، مشيرة إلى أنها ستقاضيها بسبب حصول الحركة الإخوانية على تمويلات أجنبية مجهولة المصدر بين عامي 2016 و2018.

وقالت المنظمة، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه: إضافة إلى إمضاء «النهضة» على عقدي لوبيينق -قبيل انتخابات 2014 و2019، وقَّعت الحركة عقدين آخرين مع شركة Burson-Marsteller الأمريكية قبيل مؤتمرها العاشر عام 2016 وقبيل الانتخابات البلدية لعام 2018، تبلغ قيمتهما نحو 355.850.79 دولار.

وأشارت المنظمة غير الحكومية إلى أن القانون التونسي، وبالتحديد المرسوم رقم 87 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية، يحجر على الأحزاب السياسية قبول تمويل مباشر أو غير مباشر نقدي أو عيني صادر عن أية جهة أجنبية، وأي تمويل مباشر أو غير مباشر مجهول المصدر.

 

شكاوى قانونية

وأكدت أنه «بناءً على ما توفر لدينا من معلومات، وفي ظل السكوت المريب لأجهزة الدولة، ستتولى المنظمة تقديم طلب تعهّد لمحكمة المحاسبات، لاتخاذ ما يوجبه القانون الانتخابي من إجراءات، في حقّ حركة النهضة».

كما ستتقدَّم منظمة «أنا يقظ» بشكوى لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية في تونس1، لوجود شبهة تمويل مجهول المصدر، بالمخالفة للقانون الأساسي رقم 26 لسنة 2015، في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، بحسب بيان المنظمة.

تأتي تلك الاتهامات الموجَّهة لحركة النهضة التونسية، بعد أيام من الاستقالات الجماعية التي ضربت الحركة، والتصعيد الذي مارسته الأخيرة، بإعلانها أن البرلمان في حالة انعقاد دائم.

 

تحقيقات فساد

كما تأتي بعد قرابة شهرين، من فتح القضاء التونسي، تحقيقًا ضد حركة النهضة، بعد الكشف عن عقد «لوبينغ» وهي -شركة ضغط- أبرمته الحركة للقيام بحملة لصالحها في الولايات المتحدة الأمريكية، لتحسين صورتها والتلاعب بالرأي العام، وتشكيل مجموعة ضغط ضد الرئيس قيس سعيد بعد قراراته الاستثنائية.

وقال المتحدث الرسمي باسم المحكمة الابتدائية، محسن الدالي، في تصريحات صحفية حينها، إن النيابة العمومية بصدد تجميع المعطيات، بخصوص عقد بين وكالة عالمية للاتصال والعلاقات العامة وحزب النهضة، لإصدار قرار في الغرض، مشيرًا إلى أن النيابة العمومية، بصدد القيام بالتحريات اللازمة لاتخاذ قرار إما بفتح تحقيق جديد أو ضم المسألة إلى القضية المتعلقة بما يعرف بـ«عقود اللوبيينغ» في الانتخابات التشريعية.

وفي محاولة من حزب النهضة، لإبعاد تهم الفساد عنه، قال رئيسه راشد الغنوشي، إن حزبه هدف مثالي لإلقاء اللوم عليه في تفاقم المشكلات الاقتصادية والصحية وغيرها في تونس.

 

تمديد القرارت الاستثنائية

كان الرئيس التونسي قيس سعيد، أعلن في 25 يوليو الماضي، تجميد أعمال البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه وتوليه بنفسه السُّلطة التنفيذية، وإعفاء وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي، ووزيرة العدل بالنيابة ووزيرة الوظيفة العمومية، والناطقة الرسمية باسم الحكومة حسناء بن سليمان من مهامها، كما أعفى الرئيس التونسي مسؤولين آخرين في مناصب عليا بالحكومة من مهامهم.

إلا أنه أصدر في 22 سبتمبر الجاري، أمرًا رئاسيًا يتعلق بتمديد التدابير الاستثنائية الجاري العمل بها في تونس، منذ 25 يوليو الماضي.

وأعلنت الرئاسة التونسية، أن الرئيس سعيد سيتولى رئاسة السُّلطتين التشريعية والتنفيذية، وقرر إلغاء الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القوانين.