اجتماع أمريكي ليبي في مصر... ما أسبابه؟
اجتماع أمريكي ليبي في مصر... هل تسابق القاهرة الزمن لإرساء الحل السياسي؟

السياق
اجتماع أمريكي ليبي مصري، عُقد خلال الساعات الماضية في العاصمة القاهرة، لبحث التطورات المثيرة، التي شهدتها الساحة الليبية، خلال الأيام المنصرمة.
واستضافت العاصمة المصرية القاهرة، اجتماعًا ضم رئيس المخابرات العامة اللواء عباس كامل، والسفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند، والقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، إضافة إلى رئيس مجلس النواب الليبي.
تمهيد الطريق
وبحسب مصادر تحدثت لـ«السياق»، فإن اجتماع القاهرة، جاء لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين، لتمهيد الطريق نحو الانتخابات المرتقبة في 24 ديسمبر.
وأضافت المصادر، التي رفضت الإفصاح عن هويتها، أن الاجتماع يأتي في إطار دور القاهرة الريادي في الأزمة الليبية، التي انطلقت منها، قبل عام وبضعة أشهر، مبادرة إعلان القاهرة، التي مهدت الطريق نحو تشكيل مجلس رئاسي وحكومة انتقالية، لتقود البلاد حتى أواخر العام الجاري.
وأشارت إلى أن واشنطن، أدركت أهمية الجيش الليبي ودور المشير خليفة حفتر في توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا، خاصة أن العكسريين هم الأكثر انضباطًا، ممن يدعون انتماءهم للجيش في الغرب الليبي، الذين يدينون بالولاء لتركيا.
شبح الحرب
وأكدت أنه، في إطار محاولة واشنطن العودة إلى ليبيا، لجأت إلى القاهرة، للتوصل إلى حل سياسي في البلد الإفريقي، وإبعاد شبح الحرب، الذي يلوح في الأفق، بعد التطورات الأخيرة.
فمن اشتعال جبهة المليشيات المسلحة غربي البلاد، مرورًا بتصريحات وزير الدفاع التركي خلوصي آكار بشأن ليبيا، وما صاحبها من تدفق جديد للمرتزقة، إلى تأزم المسار السياسي، بتعثُّـر التوافق على قاعدة دستورية للانتخابات الليبية المرتقبة، اكتسب الاجتماع الرباعي، الذي أقيم في العاصمة المصرية القاهرة، أهميته، كونه يأتي في توقيت حرج يمر به البلد الأفريقي، الذي عاش عشرية من الصراعات مزَّقت أوصاله.
وبحسب مراقبين، فإن اجتماع القاهرة، محاولة من واشنطن لمنح دور أكبر لمجلس النواب، من أجل إنجاز القاعدة الدستورية، للاستحقاق المقبل.
وأكد المراقبون، أن واشنطن تحاول لملمة شتات نفسها في ليبيا، عبر تكثيف جهودها، لإخراج المرتزقة الأتراك الذين تدفع بهم تركيا، بشكل مستمر إلى ساحة القتال في ليبيا.
خُطوات استباقية
تأتي تلك التطورات، في الوقت الذي هبطت فيه طائرتان عسكريتان لتركيا، في قاعدة عقبة بن نافع، التي تحتلها غربي ليبيا، بحسب موقع «فلايت رادار» المتخصِّص في رصد حركة الطيران، الذي أشار إلى أنهما انطلقتا من قاعدة عسكرية قرب أنقرة.
وكانت وسائل إعلام ليبية، قالت إن تركيا تجهِّز لخطوات استباقية في ليبيا، لتهديد جهود المبعوث الأممي يان كوبيش، في مساعيه نحو التهدئة، وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار الموقَّع في 23 أكتوبر الماضي، في مدينة جنيف بسويرا.
وأكدت التقارير الصحفية، أن تركيا نشرت وحدة رصد مدعومة بطائرات مراقبة، على الحدود الليبية مع تونس، بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها تونس، مشيرة إلى أن أنقرة ستجري مباحثات وشيكة مع أمريكا، بشأن مخاوفها في ليبيا.
عشرات المرتزقة
الخُطوات الاستباقية، التي تحدَّثت عنها وسائل إعلام ليبية، تزامنت مع تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان، كشف فيه عن عودة نحو 130 من المرتزقة السوريين، الموجودين في ليبيا والموالين للحكومة التركية، مشيرًا إلى أن دفعة مماثلة، خرجت من مناطق نفوذ الفصائل والقوات التركية شمالي سوريا، متجهة إلى تركيا ومنها إلى ليبيا.
المرصد السوري أكد -في بيان تلقت «السياق» نسخة منه- أن عمليات التبديل تتواصل، بخروج دفعات من سوريا إلى تركيا ومنها إلى ليبيا، مقابل عودة دفعة معاكسة، مشيرًا إلى أن تلك السياسة التركية، تهدف إلى الإبقاء على عدد ثابت من قواتها في ليبيا، لحماية مصالحها هناك.
حماية حكومية
وأوضح المرصد السوري، أن تواصل وجود المرتزقة في ليبيا، لا يبشر بأي بوادر لعودة نهائية لهم إلى بلادهم، مشيرًا إلى أن المرتزقة السوريين يأتون إلى ليبيا، تحت حماية خفر السواحل الليبي، المدعومين من تركيا.
وبحسب مصادر المرصد السوري، فإن عمليات تبديل المرتزقة، تتم بشكل دوري كل 15 يومًا، أي أن أنقرة تحافظ على أعداد ثابتة من المرتزقة في قواعدها بليبيا، مشيرًا إلى أن تركيا تجنِّد المرتزقة مقابل راتب شهري لا يتجاوز 500 دولار أمريكي، وتنقلهم باستخدام مطارات عسكرية ومدنية، ثم عن طريق البر للوصول إلى سوريا، عبر المنافذ العسكرية، التي تسيطر عليها مع الفصائل الموالية لها، في ريف حلب الشمالي.
طريقة العبور
نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، رصدوا أواخر يونيو الماضي، عملية نقل جديدة للمرتزقة السوريين من وإلى الأراضي الليبية، بحسب بيان المرصد، الذي أشار إلى عودة دفعة من نحو 200 مرتزق، إلى الأراضي السورية من معبر حوار كلس بريف حلب، بينما كان أكثر من 300 مرتزق في المعسكرات التركية داخل سوريا، يستعدون للانطلاق نحو ليبيا.
وعن أعداد المرتزقة في ليبيا، أكد المرصد السوري، أنه لا يزال نحو 7 آلاف مرتزق من الجنسية السورية، من الموالين لأنقرة في ليبيا حتى هذه اللحظة، رغم المطالبات الدولية بخروجهم الفوري، في ظِل التفاهمات الليبية.
نسف اتفاق جنيف
ووقَّعت اللجنة العسكرية في ليبيا، في 23 أكتوبر الماضي، اتفاقًا لوقف إطلاق النار في جنيف، يقضي بخروج المرتزقة من ليبيا في غضون 3 أشهر، وبينما لم ينفَّذ ذلك البند من الاتفاق، عقدت ألمانيا، في يونيو الماضي، مؤتمر برلين2، الذي أصدر توصيات وتحذيرات، بضرورة إخراج تركيا مرتزقتها من ليبيا، تبعته جلسة لمجلس الأمن، أكد فيها ذلك المطلب، من دون جدوى.
وبينما وقفت تركيا ضد مطلب إخراج مرتزقتها من ليبيا، معلنة قبل يومين -على لسان وزير دفاعها خلوصي آكار- أن قواتها في ليبيا ليست أجنبية، كشفت تقارير عن محاولة واشنطن، التوصل إلى تفاهم مع أنقرة، يقضي بإخراج قواتها من ليبيا على دفعات.