عبر إغرائهم بالمال.. المجنَّسون وسيلة قطر للفوز بالميداليات الأولمبية
في طوكيو، قدَّمت قطر 16 متسابقًا - 13 رجلاً وثلاث سيدات - تم تجنيس معظمهم من موريتانيا ومصر والسودان والمغرب، ولتمثيل قطر، تخلى الكثيرون من هؤلاء المجنَّسين عن أسمائهم الأصلية، لكنهم مقابل ذلك يحصلون على رواتب وفرص، قد تكون مستحيلة في بلدانهم الأصلية، وفقًا للكاتبة.

ترجمات - السياق
تستغل دولة قطر، فقر عدد من الرياضيين الأفارقة، لعرض التجنيس عليهم، ثم اللعب باسمها في البطولات المختلفة، وآخرها أولمبياد طوكيو، وذلك في محاولة منها لتحقيق ألقاب عالمية، يعود الفضل فيها إلى البلدان الأصلية لهؤلاء الرياضيين.
وأشارت الكاتبة هانا بيتش، في مقال بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، اعتماد دولة قطر على التجنيس في كل المجالات، للمنافسة على البطولات المختلفة، لافتة إلى أن الدولة الخليجية الصغيرة، معظم سكانها من العُمّال الأجانب.
وكشفت الكاتبة -في مقالها- قائمة من اللاعبين الأفارقة المجنَّسين، للعب بدوافع المال و الهروب من ظروف الفقر، وأضافت: "يوجد الكثير من الرمال في قطر ولكن ليس هناك الكثير من الحفلات الشاطئية، التي تجذب لاعبي الكرة الطائرة الشاطئية، ذوي اللباس البيكيني والسراويل القصيرة".
مشيرة إلى أن الافتقار إلى التقاليد، لم يمنع قطر من تجميع فريق كرة الطائرة الشاطئية من الدرجة الأولى، إذ يتنافس الثنائي الشريف يونس وأحمد تيجان، على الميدالية البرونزية في مسابقة الكرة الطائرة الشاطئية للرجال، في أولمبياد طوكيو، بعد أن هزما إيطاليا، صاحبة الميدالية الفضية لعام 2016.
ويقول يونس: "الجميع يعرفون قطر الآن في كرة الطائرة الشاطئية… إنها على الخريطة."
سلاح المال
وتضيف هانا بيتش، تعليقًا على ذلك: «مسلَّحة بالمال والمدربين ومرافق التدريب الحديثة، تحاول قطر تجميع قوة رياضية جديرة باستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، ناهيك عن الأحداث الرياضية البارزة الأخرى، التي كانت الدولة الخليجية الصغيرة، حريصة على جذب الانتباه لها في استضافتها.
ففي طوكيو، قدَّمت قطر 16 متسابقًا - 13 رجلاً وثلاث سيدات - تم تجنيس معظمهم من موريتانيا ومصر والسودان والمغرب، ولتمثيل قطر، تخلى الكثيرون من هؤلاء المجنَّسين عن أسمائهم الأصلية، لكنهم مقابل ذلك يحصلون على رواتب وفرص، قد تكون مستحيلة في بلدانهم الأصلية، وفقًا للكاتبة.
ويقول عبد الرحمن سامبا ، الذي احتل المركز الخامس، في منافسات حواجز 400 متر ضمن أولمبياد طوكيو: "نحن من أفضل الدول التي تدعم الرياضة، الحكومة تدعمنا لتحقيق المزيد من البطولات".
سامبا الذي وُلد في المملكة العربية السعودية، يعود موطن والديه الأصلي إلى موريتانيا، قبل أن يظهر كمنافس قطري عام 2016، بعد نحو عام من انتقاله إلى هناك، يعلِّق على ذلك بقوله: "لقد ساعدوني في تحقيق حلمي، وأعطوني كل شيء."
أما الشريف يونس، لاعب كرة الطائرة الشاطئية، فتعود جذوره إلى السنغال، بينما تم تجنيسه هو وشريكه في الفريق أحمد تيجان، صاحب الجذور الجامبية، من قِبَلِ الكشافة القطريين الذين يجوبون شواطئ داكار ، العاصمة السنغالية، ويبحثون عن موهبة طويل الساق للعب باسم قطر، من أجل مجد وطني، عبر هؤلاء المجنَّسين.
من داكار إلى القاهرة، تواصل قطر عملية التجنيس، إذ حقَّق الرباع فارس إبراهيم حسونة «الباخ» رقمين قياسيين في وزن 96 كيلوغرامًا بأولمبياد طوكيو، وفاز بالميدالية الذهبية الأولمبية الأولى في تاريخ قطر.
ظاهرة التجنيس
قطر ليست الدولة الوحيدة، التي تتباهى فرقها الأولمبية بمواهب مجنَّسة، فهناك دول أخرى أقدمت على هذه الخطوة، ففي عام 1983، كانت الصينية ني شياليان ذات الـ20 عامًا لاعبة تنس الطاولة، قد فازت بالميدالية الذهبية في الزوجي المختلط وفرق السيدات في بطولة العالم في طوكيو، لتعود شياليان ذات الـ58 عامًا الآن إلى العاصمة اليابانية في أولمبياد طوكيو ممثِّلة لدولة أخرى هي لوكسمبورغ، في خامس مشاركة أولمبية لها.
هذا الأسبوع أيضًا، تنافس عداء يُدعى إمري ظافر بارنز باسم تركيا، في سباق 100 متر بأولمبياد طوكيو، بينما كان قبل ست سنوات، يحمل الجنسية الجامايكية باسم ونستون بارنز.
وأصبح إمري ظافر تركيًا مع عداء آخر مولود في جامايكا، يدعى جاك علي هارفي، المعروف باسم جاك مونتغمري هارفي، لكنهما خرجا من الجولات التمهيدية بطوكيو.
وفي ذلك يقول بارنز: إن دخله في تركيا مرتبط بأدائه الرياضي، مبرِّرًا حصوله على الجنسية التركية، بأن هناك العديد من العدائين الجامايكيين، الذين ينافسون على الألقاب، ما يصعب عليه مواصلة المنافسة.
وفي دورة الألعاب الأولمبية لعام 2016 في ريو دي جانيرو ، تنافس ما يقرب من 50 رياضيًا من مواليد الولايات المتحدة، وفاز ثمانية منهم بميداليات، بينما كان أربعة متسابقين منهم كينيون، تم تجنيسهم ضمن برنامج للجيش الأمريكي لتدريب الرياضيين.
سكان أجانب
في قطر، التي تعتمد على العمالة المستوردة، ما يقرب من 90 في المئة من السكان من الأجانب، لكن عددًا ضئيلًا فقط، يمكن أن يأمل الحصول على الجنسية، والرياضيون -بالتأكيد- من بين الاستثناءات.
لكن مؤخرًا، تم فضح أكثر من عملية ممنهجة، للإساءة للعمالة داخل قطر، إذ ترافقت عملية هدم مبنى الاستاد وتجديده، استعدادًا لاستضافة مونديال 2022، مع إساءة معاملة العُمّال المهاجرين، وفقًا لمجموعات حقوقية دولية.
وتقول المجموعات الحقوقية: إن جائحة كورونا جعلت هؤلاء العمال الأجانب أكثر عرضة للخطر، إذ أعرب الاتحاد الدولي لألعاب القوى، عن قلقه من التجنيد النشط للعدائين الأفارقة من البلدان الغنية، ووصف رئيس الاتحاد، سيباستيان كو ، هذه الممارسة، بالاتجار بالبشر.
وبدأت قطر، التي تتمتَّع بأحد أعلى معدلات دخل الفرد في العالم، تجنيس الرياضيين الأجانب منذ فترة طويلة، ففي عام 1992، فازت بأول ميدالية أولمبية (برونزية) عبر الصومالي المجنَّس محمد سليمان، المتخصِّص في سباق 1500 متر، كما جنَّدت قطر اثنين من أشقائه، بينما جاءت الميدالية التالية للبلاد بعد ثماني سنوات، عبر رافع أثقال من بلغاريا.
وعام 2008، استقبلت أكاديمية أسباير، وهي مؤسسة تموِّلها الحكومة، الدفعة الأولى من الطلاب، كي تصبح "الأكاديمية الرياضية الرائدة في العالم في تطوير الرياضيين الشباب".
و أحد نجوم الأكاديمية، هو السوداني معتز عيسى برشم ، لاعب الوثب العالي، الذي توِّج بالميدالية الذهبية مناصفة، مع الإيطالي جيانماركو تامبيري باسم قطر في أولمبياد طوكيو.
الهروب من الفقر
أحد أهم أسباب التجنيس، الهروب من الفقر في بلدان هؤلاء الرياضيين الأصلية، و يقول المدربون في قطر، إن الآباء لا يهتمون بدفع أبنائهم لممارسة الرياضة، بينما على النقيض من ذلك، يمكن اعتبار الرياضة، وسيلة مهمة للغاية للخروج من الفقر، بالنسبة لمواطني بعض الدول الإفريقية.
و تُعَدُّ فرصة العمل مع كبار المدربين، في مرافق فاخرة إغراءً سهلًا لقطر، لضم هؤلاء اللاعبين وتجنيسهم، لكن آخرين قلقون من أن هذا البلد الصغير لا يلعب بشكل عادل، ففي عام 2016، تم القبض على جاما عدن، مدرب الجري الصومالي للمنتخب القطري، بمواد غير قانونية لتحسين الأداء في غرفته بالفندق في إسبانيا، وكان موضوع تحقيق جنائي، كما ألقت الشرطة الإسبانية القبض على عداء قطري آخر، من أصل سوداني.
وقبل أشهر، تم استبعاد عداء نيجيري، قطري الجنسية، بأثر رجعي من أولمبياد 2008 في بكين، بعد أن عادت اختبارات إعادة تعاطي المنشطات إيجابية، بينما تم تعليق نشاط عداء قطري آخر من أصل نيجيري عامين، عام 2012 بعد تعاطيه منشطات.