جدل في الكويت بسبب إعلان للرقص الشرقي... والحكومة تتدخل
وزارة التجارة والصناعة في الكويت، دخلت على خط الأزمة، معلنة -بشكل مؤقَّت- إغلاق معهد صحي نسائي في محافظة الجهراء، كان قد أعلن تقديم دورة في الرقص الشرقي للنساء.

السياق
إعلان مركز للياقة البدينة، تنظيم دورات لتعليم الرقص الشرقي، تسبَّب في أزمة كبيرة بالكويت، دفعت الحكومة إلى التحرُّك بإغلاق المركز، إلا أن قرارها قوبل بموجة غضب، من ناشطين ومسؤولين كويتيين.
وكان مركز للياقة البدنية للنساء في الكويت، أعلن عن دورات لتعليم الرقص الشرقي، تبدأ 8 أغسطس الجاري، وتستمر حتى 24 من الشهر نفسه.
وبحسب الإعلان الذي نشره النادي، فإن الدورة بـ 78 دينارًا كويتيًا، مطالبًا الراغبات بسرعة التسجيل في الدورة، التي قال إنها تمنح سِعرًا خاصًا للمشتركات.
وفور نشر الإعلان، أعاد مغرِّدو مواقع التواصل الاجتماعي مشاركته، إلا أن الانتقادات انهالت على الدورة وعلى صاحب النادي، فشنَّ نواب سابقون وحاليون، هجومًا كبيرًا عليها، مطالبين وزارة التجارة بالتدخل.
إلغاء فوري
البرلماني السابق محمد طنا العنزي، دعا في تغريدة على «تويتر»، إلى إلغائها «فورًا»، قائلًا، إن مثل تلك الدورات «لا تمت بصِلة للشعب الكويتي، من قريب ولا من بعيد».
بينما نشر الداعية الكويتي الشهير عثمان الخميس، مقطعًا عبر «تويتر»، أجاب فيه عن سؤال بشأن الحُكم الشرعي لتعلُّم الرقص الشرقي، قائلًا: «لا يجوز ذهاب المرأة لتعلُّم الرقص الشرقي في المعاهد».
منحى جديد
إلا أن القضية اتخذت منحى آخر، بعد تدخل عضو مجلس الأمة الكويتي فايز غنام، الذي أثار القضية في البرلمان الكويتي، قائلًا، إنه أجرى مكالمة مع وزير التجارة، الدكتور عبدالله السلمان، وأبلغه بهذه المخالفة للترخيص والقيم، مؤكدًا أنه سيتخذ الإجراءات القانونية ضد صاحب الترخيص، ومنع هذه العروض.
وأضاف عضو مجلس الأمة الكويتي: "كنا وما زلنا وسنستمر حجر عثرة، أمام من يريد جرف المجتمع الكويتي، عن دينه وعاداته وتقاليده".
ارتكاب مخالفات
وزارة التجارة والصناعة في الكويت، دخلت على خط الأزمة، معلنة -بشكل مؤقَّت- إغلاق معهد صحي نسائي في محافظة الجهراء، كان قد أعلن تقديم دورة في الرقص الشرقي للنساء.
ونقلت صحيفة القبس الكويتية، عن مصادر، قولها إن الإغلاق يعود إلى ارتكاب المعهد مخالفة قانونية، تخص النشاط التجاري، على اعتبار أنه معهد صحي، وليس ضمن نشاطه تقديم دورات، أيًا كان نوعها.
أزمة الإغلاق
وأشارت إلى أنه جرى تقديم طلب استدعاء لمالك المعهد الصحي، للحضور إلى مقر وزارة التجارة، لتسوية أزمة الإغلاق، مع بداية أول يوم عمل، بعد عطلة رأس السنة الهجرية، متوقِّعة إعادة افتتاح المعهد الصحي، بعد توقيع مالكه تعهداً بعدم مخالفة النشاط المقرَّر ضمن رخصته التجارية.
الأندية النسائية
عبدالرحمن بدر الرعوجي، مالك النادي الصادر بحقه قرار إغلاق، اتهم عبر حسابه في «تويتر»، مثيري القضية بأنهم لا يعرفون شيئًا عن الأندية النسائية، مشيرًا إلى أن أي جهة، تريد إيضاحًا عن النادي وطريقة عمله، عليها التواصل معه.
رواد مواقع التواصل الاجتماعي، انهالوا بالتعليقات التي تدين إغلاق النادي، مطالبين أعضاء مجلس الأمة، بالتفرُّغ لمشكلات المواطنين الاقتصادية والاجتماعية، والبُعد عن قضايا لن تمس المجتمع بضرر، على حد قولهم.
وبينما نشر بعض المغرِّدين في الكويت مقاطع للرقص الشرقي، كنوع من الاعتراض على قرار إغلاق النادي، أشار آخرون إلى تسجيل الكويت أكبر عجز في ميزانيتها، مطالبين بضرورة إيجاد حلول لتلك المشكلات، قبل التطرُّق إلى أخرى أقل أهمية.
وأعلنت وزارة المالية الكويتية، قبل يومين، تسجيل الكويت عجزًا بلغ 10.8 مليار دينار في السنة المالية 2020-2021 بارتفاع 174.8%، مشيرة إلى أنه أعلى عجز بالموازنة في تاريخ البلاد.
تطبيق القانون
أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي في الكويت، بشار الصايغ، رأى -في تصريحات صحفية- أن استعراض وزارة التجارة قوتها بهذه الصورة على ناد صحي، بعد تدخل أحد النواب، دلالة على ضعف الوزارة وليس قدرتها على تطبيق القانون، مضيفًا أن الوزارة أصبحت تدار بالأمر النيابي، وليس باللوائح والقرارات.
الكاتبة إقبال الأحمد قالت -في تصريحات صحفية- إنه إذا كان قرار إغلاق النادي الصحي بسبب إجراءات الترخيص، فلا نجادل في تطبيق القانون ولا نعترض عليه، مشيرة إلى ضرورة ألا يكون هذا الأمر حُجة فقط، ويكون جوهر الأمر منع دورات الرقص.
واعتبرت إقبال، أن الرقص الشرقي من أنواع الرياضة، وغير مقبول الدعوة لمنعه، متسائلة: لا أعرف كيف بين عشية وضحاها أصبح من قائمة الممنوعات؟
الناشطة سارة المكيمي، قالت إنه لا معارضة لتطبيق القانون وإلزام المعهد بالتخصصات المرخصة له، لكن إذا كان الإغلاق لأن البعض يعتقد بحرمة الرقص الشرقي، فليس هناك نص ديني يحرِّم ذلك، خصوصًا أن دورات الرقص بكل أنواعه، في الأندية الصحية منذ زمن، ولا تخالف أي قوانين.
واستغربت الناشطة الكويتية، من دعوات منع الرقص الشرقي، مشيرة إلى أن المجتمع الكويتي منفتح، وتعوَّد على الحريات الشخصية، فضلًا عن أن الحريات مكفولة في الدستور، ولا يمكن فرض الوصاية على المجتمع، بسبب أهواء البعض.
وأشارت إلى أن الاشتراك في هذه الدورات، يدخل ضمن الحرية الشخصية، خاصة أن النادي نسائي وغير مختلط، كما أن المشتركات بالغات ومؤهلات، ولهن حقهن في اختيار نوعية الرياضة، أو الفنون التي يرغبن في ممارستها، بعيدًا عن الاختلاط وكل ما يضر بالمجتمع وعاداته.
أستاذة الفلسفة في جامعة الكويت، شيخة الجاسم، قالت إن المشكلة في بعض القرارات الحكومية، تأتي نتيجة للعلاقة غير الصحية، بين بعض أعضاء مجلس الأمة وبعض أعضاء الحكومة.
وأوضحت شيخة، أن هناك نوابًا يريدون تحقيق بطولات ورقية، فيطالبون بإغلاق أنشطة معينة، لضمان تكرار انتخابهم، بينما يستجيب الوزير المعني، ليضمن بقاءه على الكرسي، مرددة: وغالبًا يدفع الشباب الثمن.
وأشارت إلى أن الشباب الكويتي متفتح، ولديه رغبة في التحرُّر من القيود غير العقلانية، التي يحاول البعض فرضها، مؤكدة أن الكويت أصبحت الأقل خليجيًا في الحريات الاجتماعية، مثل الحفلات الغنائية وغيرها من الأنشطة.
رئيس لجنة التظلمات والشكاوى، في ديوان حقوق الإنسان، المحامي علي البغلي، يرى أن الحكومة تصدر قرارات غير مدروسة، سرعان ما تتراجع عنها، آخرها قرار إغلاق ناد صحي، بسبب دورة رقص شرقي، رغم أنه مرخَّص.
وقال البغلي -في تصريحات لصحف محلية- إن الدستور كفل الحرية الشخصية، ومَنْ تود من النساء والفتيات تعلُّم الرقص الشرقي، فهذا أمر يعود إليها ولأسرتها، رافضًا الوصاية على المجتمع.
وأكد البغلي، أن المجتمع الكويتي منفتح، مستذكرًا أيام الستينيات والسبعينيات، حيث احتضنت الكويت العديد من الأنشطة الفنية والثقافية، وزارها مطربون عرب كبار.